روحاني يبدي استعداده للتفاوض المباشر مع واشنطن

رفض تقديم استقالته أو تنحي حكومته... وثلث البرلمان يطالب بتغيير الفريق الاقتصادي... وبومبيو يتهم طهران بتبديد موارد الشعب على حروب إقليمية

روحاني يلقي كلمة خلال مؤتمر لكبار المسؤولين التنفيذيين في قاعة المؤتمرات الدولية في طهران أمس (موقع الرئاسة)
روحاني يلقي كلمة خلال مؤتمر لكبار المسؤولين التنفيذيين في قاعة المؤتمرات الدولية في طهران أمس (موقع الرئاسة)
TT

روحاني يبدي استعداده للتفاوض المباشر مع واشنطن

روحاني يلقي كلمة خلال مؤتمر لكبار المسؤولين التنفيذيين في قاعة المؤتمرات الدولية في طهران أمس (موقع الرئاسة)
روحاني يلقي كلمة خلال مؤتمر لكبار المسؤولين التنفيذيين في قاعة المؤتمرات الدولية في طهران أمس (موقع الرئاسة)

أبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، استعداداً إيرانياً لإجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة «شرط حسن النوايا»، معلناً في الوقت نفسه رفض الضغوط الداخلية لتقديم استقالته أو تنحي حكومته. ووجه أكثر من ثلث نواب البرلمان رسالة إلى روحاني تطالبه بإجراء تعديلات في التشكيلة الحكومية وتغيير فريقه الاقتصادي نظراً إلى «سوء الأوضاع الاقتصادية»، فيما كشف مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، عن تغييرات مرتقبة في تشكيلة الحكومة الإيرانية.
وقال روحاني خلال مؤتمر لكبار المسؤولين التنفيذيين في طهران، إن جميع أعضاء حكومته سيواصلون العمل حتى آخر اللحظات، مطالباً الإيرانيين بتحمل المصاعب، وذلك غداة دعوة الحكومة الأميركية إلى وقف شراء النفط الإيراني.
وصرح روحاني: «على خطأ مَن يعتقد أن الحكومة ستعلن الاستقالة أو تنسحب»، منتقداً الهجوم الذي تعرضت له حكومته من قبل خصومها الداخليين.
وتحدث روحاني عن 3 سيناريوهات أمام إيران بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو (أيار) الماضي، وزعم أن سلوك إيران منذ إعلان ترمب خروج بلاده من الاتفاق مع إيران «أثار دهشة العالم»، مضيفاً أن طهران بمساعدة الدول الأوروبية وروسيا والصين «أحبطت السياسة الأميركية إزاء إيران».
وقبل شرح السيناريوهات الإيرانية، قال روحاني إن طهران «لن تخضع للولايات المتحدة، وستحافظ على كرامتها الوطنية والتاريخية»، وفي الوقت ذاته أعرب عن استعدادٍ إيراني للحوار مع الولايات المتحدة الأميركية قائلاً: «مستعدون للحوار مع الذين ضغطوا علينا لسنوات»، إلا أنه رهن ذلك بـ«حسن نوايا» الجانب الأميركي. وعن أول سيناريو قال إنه «الاستسلام» و«هو ما يرفضه أي عاقل ووطني»، حسب الرئيس الإيراني. أما السيناريو الثاني فهو أن تقف إيران في وجه الولايات المتحدة الأميركية «على الرغم من وجود الخلافات الداخلية» التي تَجنَّب التوقف عندها، وهو السيناريو الذي حذّر من تبعاته على الاقتصاد والوحدة والثقافة الإيرانية، ورأى أنه «يجلب الفُرقة والشرخ بين الإيرانيين».
وعن السيناريو الثالث قال: «ألا تستسلم إيران وتحافظ على كرامتها الوطنية والتاريخية وأن نُخضع أميركا في حرب العزائم»، وربط ذلك بأن «تقل التوقعات وأخذ الواقع بعين الاعتبار وأن يتعاون الجميع».
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قال في بيان قبل خطاب روحاني بساعات إن «الحكومة الإيرانية تبدد موارد مواطنيها، سواء من خلال مغامراتها في سوريا أو دعمها لـ(حزب الله) وحركة حماس والحوثيين، أو طموحاتها في توسيع برنامجها النووي. ولن يحقق ذلك سوى المزيد من معاناة الشعب الإيراني. وكما قلت من قبل، إن استمرار الاحتجاجات في إيران لا ينبغي أن يفاجئ أحداً، فالشعب الإيراني يطالب قادته بمشاركته في ثروات البلاد والاستجابة لاحتياجاته المشروعة. ونحن نُدين أساليب الحكومة العقيمة المعتادة والمتمثلة في القمع وسجن المتظاهرين وعدم الاستجابة للإحباط الذي يشعر به الإيرانيون. لقد ملّ الشعب الإيراني من الفساد والظلم وعدم كفاءة قادته. والعالم يستمع إلى صوته».
وعلى صعيد الأزمة الاقتصادية قال روحاني في إشارة إلى احتجاجات السوق إن «الحكومة تقف إلى جانب السوق»، ووعد بأن تصارح حكومته الإيرانيين بالخطوات التي تتخذها على الصعيد الاقتصادي. وتابع: «إذا كنتم تعتقدون أن بإمكاننا أن ندير الأمور بالأساليب السابقة فأنتم على خطأ». ومن بين الإجراءات أعلن عن زيادة ساعة إلى عدد ساعات موظفي الحكومة.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية نقلاً عن مواقع إيرانية أن 187 نائباً من أصل 290 وجهوا الرسالة التي أعدها رئيس لجنة الاقتصاد محمد رضا بور إبراهيمي، ورئيس لجنة التخطيط والميزانية غلام رضا تاجغردون. ويمنح الدستور، مجلس الشورى سلطة إقالة الوزراء أو الإعلان بأغلبية ثلثي الأصوات عن «عجز» رئيس الجمهورية، الأمر الذي يفتح الطريق أمام عزله من قبل المرشد الإيراني.
ويتعرض روحاني لانتقادات شديدة اللهجة منذ أسابيع من قبل المحافظين الذين يُدينون سياسته في الانفتاح على الغرب ويتهمونه بجر الاقتصاد إلى الهاوية. ونقل موقع «رجا نيوز» الإخباري القريب من الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، الاثنين، عن النائب نصر الله بيجمان فر قوله إنه «سيكون من مصلحة البلاد عزل الرئيس» إذا قررت الحكومة مواصلة النهج الاقتصادي نفسه. ولوح النائب المحافظ المتشدد أمير خجسته، بالتهديد نفسه في ذلك اليوم، وفقاً لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
وقال النائب المحافظ حسين علي حاجي دليغاني، في تصريح لصحيفة «اعتماد أونلاين»، إن «هناك تحركاً من أجل طرح الثقة بالرئيس الإيراني»، مضيفاً أن النواب سيتوجهون الأسبوع المقبل للتوقيع على طلب لطرح الثقة بأهلية الرئيس الإيراني.
ودعا هؤلاء روحاني إلى التحرك «بشكل عاجل من أجل إحداث تغيير في قيادة الفريق الاقتصادي» بهدف جعله يتحلى «بالديناميكية» و«يفهم» الوضع الاقتصادي قبل أن يتخذ مجلس الشورى قراراً بهذا الشأن. وقال النواب إن الفريق الاقتصادي في الحكومة الإيرانية يمر بأوضاع «سيئة» و«لا يملك الإمكانات المطلوبة».
بدوره، أعلن مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، عقب اجتماع الحكومة الإيرانية، أن تشكيلة الحكومة ستشهد تغييراً بخروج بعض الوزراء، رافضاً الكشف عن أسماء الوزراء المرشحين للإقالة.
وقال واعظي في تصريحات للصحافيين، إن «روحاني صاحب القرار في هذا المجال». وأضاف: «ستكون لدينا تغييرات في التشكيلة الحكومة بهدف الحيوية، وذلك في يد الرئيس، لكني لا أعرف متى يحدث ذلك»، حسب ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
وصرح المسؤول الإيراني بأن روحاني طلب من وزرائه التحدث إلى الإيرانيين، لافتاً إلى أن روحاني سيوجه، اليوم، كلمة إلى الإيرانيين في هذا الصدد.
ومن المفترض أن يزور الرئيس الإيراني في الأيام القليلة المقبلة، سويسرا والنمسا، لبحث تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وموقف الدول الأوروبية من العقوبات الأميركية.
وتواجه الحكومة استياءً متزايداً جراء الاضطرابات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، إذ يسجل الريال الإيراني منذ أشهر تراجعاً في السوق الموازية منذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو الماضي من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني والموقّع في عام 2015، وأعلن تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران.
في غضون ذلك، اتهم النائب عن كتلة الأمل الإصلاحية عبد الرضا هاشم زايي، روسيا والصين بـ«الترحيب بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران» وفقاً لوكالة «إيلنا».
وفي شأن متصل، حذّر النائب بهروز بنيادي خلال خطاب في البرلمان، أمس، من مخاطر «سقوط» إيران، منتقداً تقارب إيران من سوريا وروسيا قائلاً: «اليوم نشاهد أن بشار الأسد يعزف على وتر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من أي وقت مضى»، متهماً الأسد بـ«التنكر» لوجود القوات الإيرانية وقتلى إيران في سوريا، وقال: «ليس من المستبعد أن يقوم هذان السياسيان بالتضحية بنا من أجل المصالح مع بنيامين نتنياهو ودونالد ترمب».
ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا» قوله: «استيراد أغلب السلع، وخروج العملة من حصار قوى مثل روسيا والصين، وحصيلة الربح مقابل الخسارة، وزيادة الفقر والمأساة، وتراجع الثقة لدى الرأي العالم... كل ذلك يتطلب أن يتغير التفكير في البلد من العسكري إلى الاقتصادي السياسي حتى يتحقق لنا في السياسة الخارجية معنى الربح مقابل الربح».



موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.