تحرير أجزاء من مطار الحديدة... وغريفيث إلى صنعاء لإقناع الميليشيات بتسليم المدينة

مقتل 150 حوثياً... وزعيم التمرد يحض على «الزخم البشري»... وهادي يؤكد اقتراب النصر

عناصر من الجيش اليمني في مواجهات مع المتمردين قرب مطار الحديدة أمس (ا.ف.ب)
عناصر من الجيش اليمني في مواجهات مع المتمردين قرب مطار الحديدة أمس (ا.ف.ب)
TT

تحرير أجزاء من مطار الحديدة... وغريفيث إلى صنعاء لإقناع الميليشيات بتسليم المدينة

عناصر من الجيش اليمني في مواجهات مع المتمردين قرب مطار الحديدة أمس (ا.ف.ب)
عناصر من الجيش اليمني في مواجهات مع المتمردين قرب مطار الحديدة أمس (ا.ف.ب)

وسط معارك عنيفة وضربات مكثفة لطيران تحالف دعم الشرعية، سيطرت القوات اليمنية المشتركة المسنودة أمس على الأجزاء الجنوبية الغربية من مطار الحديدة وساحة العروض بعد أن تجاوزت منطقة الدوار، وأدت المواجهات مع الميليشيات الحوثية إلى مقتل نحو 150 متمردا، بينهم قيادات ميدانية. وفي الوقت الذي تواصل القوات المشتركة تقدمها على أكثر من محور لاستكمال تحرير المطار والتوغل على الخط الساحلي باتجاه الميناء، تسعى وحدات عسكرية للتوجه شرقي المطار والتقدم باتجاه منطقة «كيلو 16» لتطويق المدخل الشرقي لمدينة الحديدة، والسيطرة على معسكر استراتيجي للميليشيات.
وبينما تحدثت مصادر محلية عن قيام الميليشيات بتفخيخ الطرق المؤدية إلى الميناء وتحويل أجزاء كبيرة منه إلى مواقع لتخزين الأسلحة والصواريخ والعربات الثقيلة، أفادت مصادر في مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث بأنه سيصل اليوم إلى صنعاء، في مسعى لتحذير الحوثيين من ارتكاب أي أعمال عدائية تجاه البنية التحتية للميناء. وذكرت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» أن غريفيث يحمل للميليشيات الحوثية آخر طوق للنجاة عبر محاولة إقناع قيادات الجماعة بتسليم الحديدة ومينائها سلميا، مقابل ضمان انسحاب آمن لميليشياته باتجاه صنعاء، قبيل الانخراط في مفاوضات السلام التي يقوم بالتحضير لاستئنافها أملا في تحقيق تسوية سياسية.
وفي الوقت ذاته، أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أنه لا تراجع عن انتزاع مدينة الحديدة ومينائها من قبضة الانقلابيين الحوثيين، لجهة درء المفاسد الناجمة عن استغلال الجماعة للميناء من أجل تهريب السلاح ونهب العائدات المالية والعبث بالمساعدات الإنسانية التي تتدفق عبره، وهو ما قاد إلى تهديد حياة السكان في الحديدة وفي المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعة. وأفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر عسكرية ومحلية متطابقة، بأن عناصر الميليشيات يعانون من انهيارات كبيرة ميدانية ومعنوية في ظل الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى في صفوفهم، وفي ظل الأعمال الانتحارية التي يقومون بها في مسعى لإعاقة عملية تحرير الحديدة التي أطلقت عليها القوات المشتركة اسم «النصر الذهبي».
وقالت المصادر إن الحوثيين أقاموا نقاط تفتيش في المداخل الشرقية والشمالية للمدينة مهمتها إعدام العناصر التي تحاول الفرار من المواجهات، في الوقت الذي تتقدم فيه القوات المشتركة عمليا في أحياء المدينة الجنوبية الغربية بعدما سيطرت على الأجزاء الغربية من المطار.
وبحسب مصادر طبية وعسكرية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» لقي أكثر من 150 مسلحا حوثيا أمس حتفهم إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى، جراء المعارك الضارية، وضربات الطيران، التي استهدفت عددا من الخنادق والأنفاق التي حفرها عناصر الجماعة في محيط المطار وقاموا بتمويهها من أجل عدم لفت الانتباه.
وسيطرت القوات المشتركة - بحسب المصادر - على الأجزاء الغربية الجنوبية من المطار الذي تبلغ مساحته الإجمالية نحو 20 كيلومترا مربعا، بعد أن سيطرت في جنوبه على مناطق المنتجع الريفي وقرية الشجيرة ودير خمسين والشريم والنخيلة والسماحي وقضبة ومنطقة المنظر التي تعد عمليا من الأجزاء الجنوبية للمدينة.
وأكد العقيد ركن صادق دويد المتحدث الرسمي لقوات المقاومة، أن مطار الحديدة الدولي بات تحت السيطرة النارية للقوات المشتركة وسط انهيار كبير لدفاعات الميليشيات. وأوضح دويد أن القوات المشتركة أحكمت سيطرتها على الدوار الكبير وهو المدخل الجنوبي لمدينة الحديدة الذي يبعد مسافة 4 كيلومترات عن مطار الحديدة.
وأكد وليد القديمي وكيل أول محافظة الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، أن التقدم الذي أحزرته القوات المشتركة تسبب في انهيار دفاعات الميليشيات ما دفع قياداتهم إلى نصب نقطة أمنية في منطقة الكرد شرق مركز مديرية الدريهمي لضبط أفراد الميليشيات الفارين من المواقع. ووصف القديمي الساعات القادمة بالحاسمة التي ستزف خبر دخول المقاومة المشتركة داخل مدينة الحديدة ومينائها. وعمّا سيحدث بعد تحرير الميناء، ذكر القديمي أن الميناء سيسلم إلى الحكومة الشرعية ومنها إلى السلطة المحلية لإعادة تشغيله بإشراف التحالف، وستكون إيراداته لصالح الدولة وسيصرف منها مرتبات الموظفين ويعاد العمل في المشاريع المتعثرة بالمحافظة.
وأعلنت القوات المسلحة اليمنية أن قوات الجيش مسنودة بالمقاومة وقوات التحالف تستكمل تحرير ساحة العروض جنوب الحديدة وتواصل تقدمها باتجاه شارع الخمسين المؤدي إلى مطاحن البحر الأحمر. وذكرت المصادر الميدانية أن القوات المشتركة المدعومة، تقوم بعملية واسعة لنزع الألغام الفردية والمضادة للدروع والآليات الثقيلة، حيث زرعت الميليشيات الآلاف منها.
وكان القيادي الحوثي البارز العميد علي إبراهيم المتوكل، قتل خلال المواجهات الأخيرة في الساحل الغربي، وهو قائد رفيع فيما تسمى بكتائب الموت الحوثية، وهو ممن مكث سنوات يتلقى تدريباته في إيران، كما خسرت الجماعة قائدها في معركة المطار المدعو علي حسين المراني، مع 15 على الأقل من مرافقيه، جراء ضربة لطيران التحالف.
كذلك، أكدت المصادر أن نجل محافظ الجماعة في الحديدة، حسن الهيج، قتل قبل ثلاثة أيام خلال ضربة جوية استهدفته مع آخرين أثناء قيامه بإيصال إمدادات تسليح للجماعة في الخطوط الأمامية، وأن والده الهيج أصيب بصدمة ألزمته الاعتكاف في مكان غير معروف ما جعل الجماعة الحوثية تكلف أحد قياداتها للقيام بمهامه.
واستمرت الميليشيات أمس، في الدفع بالمزيد من المجندين، نحو الساحل الغربي، استجابة لدعوة زعيم الجماعة من أجل «الزخم البشري» وأفادت مصادر أمنية في صنعاء بأن العناصر الحوثية زجوا بالعشرات من أتباعهم في حافلات لنقل الركاب المدنيين باتجاه الحديدة، رفقة شاحنات نقل صغيرة تحمل إمدادات غذائية لمسلحيهم. ويركز كبار قيادات الميليشيات في تصريحاتهم الأخيرة، على إصرارهم على المواجهة المسلحة حتى النهاية، مع توسل مستمر للمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية للتدخل لوقف المعركة، بالتوازي مع محاولة تهويلهم للنتائج الإنسانية والآثار المترتبة على عملية تحرير الحديدة ومينائها.
ويراهن زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، كما ظهر من خطابه الأخير عشية العيد، على ما وصفه بـ«الزخم البشري» للمقاتلين، في وقف ما سماها بالاختراقات الحاصلة في الساحل الغربي، وهي دعوة مستميتة منه ويائسة لأتباعه للانتحار في المناطق المكشوفة أمام نيران القوات المشتركة وضربات الطيران.
وأكد عبد الرقيب وزير الإدارة المحلية بالحكومة اليمنية رئيس اللجنة العليا للإغاثة أن الحوثيين يجنون أكثر من 30 مليون دولار شهرياً موارد مالية من ميناء الحديدة، ويستخدمونها لدعم مجهودهم الحربي. وقال الرقيب لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الحوثيين يعتبرون الحديدة وميناءها مورداً مالياً مهماً، إضافة إلى استخدامهم الميناء قاعدة عسكرية لتوريد الأسلحة والمعدات ما يشكل تهديداً لحركة الملاحة البحرية وتهديدا للأمن الإقليمي. وأضاف أن «كل الموارد الإغاثية والتجارية والصناعية التي تأتي للحديدة تستخدم لخدمة المجهود الحربي للحوثيين». وتابع أن الميليشيات الحوثية تستخدم المواد الإغاثية التي تدخل ميناء الحديدة لخدمة مجهودهم الحربي، دون أن يستفيد منها سكان الحديدة ولا سكان المحافظات الأخرى.
وفي تعليقه على زيارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى عدن، قال الوزير اليمني إنها تأتي في السياق الطبيعي من أجل إدارة عمليات تحرير الحديدة ومتابعة الملفات الأخرى كافة. وأضاف أن الزيارة جاءت بعد لقاء الرئيس هادي بالقيادة في السعودية والإمارات وجرت مناقشة المشكلات التي تواجه المناطق المحررة كتثبيت الأمن والاستقرار بها، والملفات الاقتصادية والاستثمارية، إذ إن عدن لا تزال مستهدفة من الميليشيات المسلحة.
وفي حين يستبعد المراقبون أن ينجح المبعوث الأممي غريفيث في مسعاه لإقناع قادة الميليشيات بحقن دماء أتباعهم والخروج من الحديدة بأقل الخسائر، أشار الرئيس هادي، في خطابه عشية العيد، إلى أن «النصر الوشيك» في الحديدة، سيكون بمثابة النهاية الحتمية للحوثيين ولانقلابهم على الشرعية. وقال «نتطلع وبكل عزم وثقة وإصرار لصناعة نصر جديد بتحرير مدينة الحديدة، ومينائها الاستراتيجي». وتوعد هادي باستمرار المعارك حتى تحرير كافة الأراضي الواقعة تحت سيطرة الميليشيات، وقال «إننا جميعا في معركة مصيرية هامة ولن تتوقف إن شاء الله حتى نسترد كل شبر في هذا الوطن» داعيا إلى «توحيد الجهود ورص الصفوف وتجاوز الخلافات الصغيرة» وأضاف: «دعوني أقول لكم، بثقة لا يشوبها أي شك، بأن النصر قريب، بل وأقرب مما يتصوره الكثيرون».


مقالات ذات صلة

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

الخليج لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أمس (رويترز)

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السفينتين اللتين دخلتا ميناء المكلا خالفتا الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الكويت العاصمة (كونا)

الكويت تؤكد دعمها الكامل للحكومة الشرعية اليمنية وتدعو للحلول الدبلوماسية

شددت الكويت على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحماية مصالح الشعب اليمني الشقيق، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج علم قطر في العاصمة الدوحة (أرشيفية)

قطر تؤكد دعمها لوحدة اليمن وتشدد على أولوية الحوار لحماية أمن المنطقة

أكدت دولة قطر متابعتها باهتمام بالغ للتطورات والأحداث الجارية في الجمهورية اليمنية الشقيقة، مجددة موقفها الداعم للحكومة اليمنية الشرعية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من فرض الأمر الواقع في حضرموت والمهرة مطالباً بموقف دولي صريح لحماية الدولة اليمنية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج الخارجية البحرينية ثمنت الدور المحوري الذي تضطلع به السعودية والإمارات في دعم أمن واستقرار اليمن (الشرق الأوسط)

البحرين تؤكد ثقتها بقيادتي السعودية والإمارات في تجاوز التباينات ضمن البيت الخليجي

أكدت البحرين ثقتها في حكمة قيادتي السعودية والإمارات وقدرتهما على احتواء أي تباينات في وجهات النظر ضمن إطار البيت الخليجي الواحد، وبما ينسجم مع مبادئ المجلس.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.