دعوات إلى أوسع مشاركة في مسيرات «رفع العقوبات»

الرئاسة في مواجهة منظمات المجتمع المدني: المسيرات ممنوعة «مؤقتاً»

جانب من الحراك الشعبي في رام الله لـ«رفع العقوبات» عن غزة قبل يومين (رويترز)
جانب من الحراك الشعبي في رام الله لـ«رفع العقوبات» عن غزة قبل يومين (رويترز)
TT

دعوات إلى أوسع مشاركة في مسيرات «رفع العقوبات»

جانب من الحراك الشعبي في رام الله لـ«رفع العقوبات» عن غزة قبل يومين (رويترز)
جانب من الحراك الشعبي في رام الله لـ«رفع العقوبات» عن غزة قبل يومين (رويترز)

أمرت الرئاسة الفلسطينية بمنع المظاهرات في الأراضي الفلسطينية، مستبقة مسيرة ثالثة دعا إليها «حراك رفع العقوبات» عن قطاع غزة. ورد الحراك وفصائل فلسطينية ومنظمات المجتمع المدني، برفض القرار والدعوة إلى أكبر مشاركة ممكنة في المسيرات السلمية.
وقال مستشار الرئيس لشؤون المحافظات في قرار وزع على المحافظين، إنه «احتراماً منا لحق المواطنين في التعبير عن أنفسهم، واحتراماً للعمل بالقانون، ونظراً للظروف الحالية خلال فترة الأعياد، وللتسهيل على المواطنين في تسيير أمور حياتهم العادية في هذه الفترة، يمنع منح تصاريح لتنظيم مسيرات أو لإقامة تجمعات من شأنها تعطيل حركة المواطنين وإرباكها، والتأثير على سير الحياة الطبيعية خلال فترة الأعياد. وحال انتهاء هذه الفترة، يعاد العمل وفقاً للقانون والأنظمة المتبعة».
وجاء القرار قبل ساعات من مسيرة خطط لها وسط رام الله، لمطالبة السلطة برفع «العقوبات» عن القطاع وصرف رواتب الموظفين كاملة.
وفوراً، رفضت فصائل فلسطينية، بينها «حماس» والجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، ومنظمات المجتمع المدني، والحراك القائم على المسيرات، القرار الرئاسي، ودعوا إلى استمرار الاحتجاجات السلمية لرفع العقوبات عن القطاع.
وتداعت منظمات المجتمع المدني وائتلافاتها لاجتماع عاجل أمس، في مقر الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وأصدرت بياناً قالت فيه إن حق المواطنين في التجمع سلمياً والتعبير عن آرائهم مكفول وفقاً للقانون الأساسي الفلسطيني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي انضمت لها دولة فلسطين دون تحفظات، وأن التعميم الصادر عن مستشار الرئيس لشؤون المحافظات غير قانوني وغير دستوري، ويشكل انتهاكاً لحق المواطنين في التجمع السلمي والتعبير عن آرائهم، ويأتي ضمن نهج تكميم الأفواه، مطالبة بإلغائه على الفور.
ودعت منظمات المجتمع المدني لتوسيع المشاركة في هذا الحراك السلمي المطالب برفع العقوبات عن قطاع غزة، كما طالبت بسرعة إنهاء حالة الانقسام السياسي وإنجاز المصالحة الفلسطينية لتجنيب المواطنين مزيداً من الإجحاف والمعاناة.
وقالت المنظمات، إن سلامة المشاركين في الحراك هي مسؤولية الحكومة الفلسطينية، وتحديداً الشرطة الفلسطينية، وبخاصة في ظل التهديدات الصريحة بالمساس بهم ومحاولة تشويه حراكهم، وإسقاط الاتهامات على منظمي الحراك، لتبرير الاعتداء عليهم.
وطالبت منظمات المجتمع المدني وائتلافاته الدكتور رامي الحمد الله، رئيس الوزراء الفلسطيني، بصفته وزيراً للداخلية، والشرطة الفلسطينية، بتوفير الحماية للمشاركين في الحراك وضمان ممارسة حقهم في حرية التعبير عن آرائهم والتجمع سلمياً.
وأكد الحراك لاحقاً، وقائمون عليه عبر بيانات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، أن المسيرات ستستمر رغم قرار الرئاسة، ومخاوف من اشتباكات بالأيدي من عناصر تنتمي إلى حركة فتح تنادت للتجمع في الوقت نفسه (أمس الساعة 9.30 مساءً في رام الله) للتنديد بانقلاب حركة حماس.
واستنكرت «حماس» من جهتها، قرار منع المظاهرات في رام الله. وقال حازم قاسم الناطق باسمها، إن قرار السلطة بمنع المظاهرات في الضفة الغربية: «هو استمرار لخرقها للقانون الفلسطيني، ومواصلة لسياستها في القمع وكبت الحريات، وحرمان لجماهير شعبنا من حقها في التعبير عن رأيها في القضايا الوطنية».
وأَضاف: «هذا القرار يكشف رغبة السلطة في إسكات الأصوات الرافضة للعقوبات الإجرامية، ويؤشر على نيتها باستمرار هذه الإجراءات العقابية»
كما استنكرت الجبهة الشعبية قرار «منع تصاريح لتنظيم مسيرات أو إقامة تجمعات»، وعدته «مساساً بالقانون الأساسي الذي يضمن حرية التعبير عن الرأي والحق في التجمع السلمي». وقالت الشعبية في بيان «إن أجهزة السلطة الحاكمة غير مخولة، ولا تملك الصلاحية، وفقاً للقانون، لمنع أي تجمعات سلمية». وهاجمت الشعبية ما وصفته «القبضة الأمنية وتغوّل السلطة وأجهزتها الأمنية» وقالت إنها «لن تنجح في وقف الحراك الجماهيري السلمي والمحمي بموجب القانون»، محذرة «من أي محاولات لشيطنة الحراك الجماهيري أو استهداف وقمع التجمعات الجماهيرية السلمية». ودعت الجبهة كل المؤسسات والقوى الشبابية إلى تشكيل لجان حماية للناس، كما حمّلت السلطة مسؤولية الاعتداء أو المس بأمن المتظاهرين.
ورفضت الديمقراطية وكذلك حزب الشعب المس بحريات الناس.
ومسيرة الأمس ليست الأولى من نوعها، فقد سبقها مسيرة كبيرة الأحد الماضي، هتف فيها المشاركون ضد العقوبات وحمّلوا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مسؤولية تدهور الأوضاع في القطاع. وردت الحكومة الفلسطينية بالقول، إن قضية الخصم على الرواتب «مؤقتة»، رافضة اختزال كافة مشكلات غزة بقضية الرواتب.
وبعد بيان للحكومة تعهدت فيه بحماية حرية الرأي، صدر تعميم رئاسي بمنع التظاهر خلال الفترة الحالية.
وتوجه عصام عابدين، رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق، ببلاغ جزائي للنائب العام ضد مستشار الرئيس، باعتبار التعميم الرئاسي يشكل انتهاكاً صارخاً للحق في التجمع السلمي، وهو حقٌ أساسي من حقوق الإنسان مؤكد عليه في المادة (26) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، والمادة (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه دولة فلسطين من دون تحفظات، ومؤكد عليه أيضاً في نصوص قانون الاجتماعات العامة الفلسطيني رقم (12) لسنة 1998.
وتابع عابدين على موقعه على «فيسبوك»: «إننا نعتبر هذا المنشور العلني بمثابة بلاغ جزائي إلى عطوفة النائب العام لتحريك ومباشرة دعوى الحق العام (الدعوى الجزائية،) ضد مستشار الرئيس لشؤون المحافظات، لارتكابه جريمة دستورية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.