حذر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، شركاء واشنطن التجاريين من فرض تعريفات جمركية مضادة للإجراءات التي اتخذها على الصلب والألمنيوم، مشيداً في الوقت نفسه بمحادثات تجارية «مثمرة للغاية» مع نظرائه في ختام قمة مجموعة السبع في كندا.
اتفق قادة المجموعة على بيان مشترك حول التجارة رغم الخلافات مع الرئيس الأميركي. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن «هذه المرحلة مهمة، لكن على الرغم من ذلك فإنها مجرد مرحلة؛ لذا نخطط لمواصلة عملنا خلال الأشهر المقبلة». وكانت فرنسا أعلنت السبت، أن المحادثات حول البيان في القمة تسير «في الطريق الصحيحة»، وأن هناك «احتمالاً قوياً» أن توقع الدول السبع على بيان مشترك، سيشير بالطبع إلى الخلاف مع واشنطن حول اتفاقية المناخ. أما بالنسبة للتجارة، فإن المفاوضات تدور حول صيغة قد تدعو إلى تحديث منظمة التجارة العالمية، وهي المنظمة التي غالباً ما يوجه ترمب انتقاداته إليها.
وقال ترمب في خلال مؤتمر صحافي قبل مغادرته مالبي، إنهم «سيكونون على خطأ إذا قاموا بإجراءات انتقامية». وطالب ترمب دول السبع العظام بـ«إلغاء كل التعريفات الجمركية والحواجز التجارية والدعم المالي عن البضائع في نشاطاتهم التجارية». كما اقترح على شركائه إقامة منطقة تجارة حرة لمجموعة السبع دون تعريفات أو إعانات أو حواجز. وأشاد بعلاقاته الممتازة مع القادة الآخرين، خصوصاً الكندي جاستن ترودو والفرنسي إيمانويل ماكرون والألمانية أنجيلا ميركل.
وقال: «لتصبح (المنطقة) خالية من الرسوم والحواجز والإعانات»، واصفاً المقترح بأنه «أفضل شيء». واستطرد الرئيس الأميركي: «والآن سواء كان سيجدي نفعاً أم لا (لا أعلم لقد اقترحته)». وغادر ترمب القمة قبل فترة ملحوظة من موعد انتهائها الرسمي. وسيتوجه الرئيس الأميركي إلى سنغافورة، حيث من المنتظر أن يلتقي الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون يوم الثلاثاء المقبل. وأبلغ ترمب زعماء مجموعة السبع بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى الوصول العادل للأسواق، ووضع نهاية للممارسات التجارية غير العادلة، مضيفاً للصحافيين «الولايات المتحدة ظلت تُستغل لعقود وعقود»، لكنه لا يلقي بالمسؤولية عن الاتفاقات التجارية «غير العادلة» على زعماء المجموعة. ورد الرئيس الفرنسي إيمانويل على ترمب قائلاً، إن الفرنسيين يفضلون السيارات الألمانية. جاء ذلك وفقاً لما ذكرته، أمس (السبت)، دوائر دبلوماسية مشاركة في القمة، وأشارت إلى أن تصريح ماكرون جاء رداً على شكوى ترمب من ارتفاع «غير عادل» لجمارك الاتحاد الأوروبي على السيارات الأميركية. وأضافت هذه الدوائر، إن ماكرون أوضح لترمب أن عجز الميزان التجاري ليس له علاقة، بالضرورة، بالجمارك، مشيراً إلى وجود اختلالات ملحوظة في موازين التجارة حتى داخل الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، قال ماكرون إن هذه الاختلالات ترجع إلى أسباب، منها على سبيل المثال أن الفرنسيين يفضلون السيارات الألمانية.
تجدر الإشارة إلى أن من المعروف أن ترمب كان قد أبدى استياءه الشديد من كثرة سيارات المرسيدس الألمانية في الجادة الخامسة في نيويورك. وكان قد تم إعلان أن ترمب أخبر ماكرون على الهاتف قبل وقت قصير بأنه عازم على مواصلة سياسة العقوبات التجارية حتى تختفي هذه السيارات من مسقط رأسه.
وكان قد اجتمع زعماء المجموعة على مأدبة إفطار في اليوم الثاني والأخير من قمتهم أمس، قبل مغادرة ترمب بشكل مبكر للقمة، والتي فسرت أنها علامة على عدم تقديره لحلفائه.
وتعني مغادرة ترمب أنه لن يحضر جلسات المجموعة حول تغير المناخ والبيئة وقضايا رئيسية تتجاهلها إدارته بشكل كبير. وكان ترمب قد أغضب نظراءه بمجموعة السبع العام الماضي بانسحابه من اتفاق باريس للمناخ.
وألقت الخلافات الصارخة بين الولايات المتحدة والدول الست الأخرى بشأن التجارة بظلالها عليها، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً جمركية على صادرات الصلب والألمنيوم من شركائها الرئيسيين، الذين في المقابل أعلنوا عن خطط للرد. وأضاف ترمب إلى هذا التوتر أول من أمس (الجمعة)، بينما كان متوجها إلى مكان انعقاد القمة في مدينة مالبي الكندية، بالدعوة لإعادة ضم روسيا، التي تم طردها من المجموعة بسبب ضمها عام 2014 شبه جزيرة القرم، إلى المجموعة. وقوبل اقتراحه برفض فوري من معظم الدول الأعضاء الأخرى.
من جهة أخرى، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، قبيل انعقاد القمة، إن دول الاتحاد الأوروبي المشاركة في القمة سيكون لها موقف «موحد بالكامل» بشأن القضايا المطروحة، رغم المخاوف من انتهاك الحكومة الإيطالية الجديدة خطوط الاتحاد الأوروبي.
وقال توسك: «أنا مقتنع أنه هنا في قمة مجموعة السبع، سيكون لدينا موقف أوروبي موحد بالكامل، بشأن القضايا كافة، بما في ذلك روسيا». وأشار توسك إلى أنه كان يتحدث عن الاتفاق على «خط مشترك أكثر عمومية» وليس كل التفاصيل.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس عارضا مجدداً قبل القمة إعادة روسيا للمجموعة. وكانت روسيا نفسها أعربت مؤخراً عن عدم اهتمامها في العودة إلى المجموعة. ويراهن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدلاً من ذلك على مجموعة العشرين، التي تضم الصين والهند على سبيل المثال.
- مجموعة السبع في سطور
«السبع العظام» تجمع غير رسمي للقوى الكبرى أنشئ في 1975 ليناقش الاقتصاد أولاً، ثم قضايا أخرى، مثل السلام والبيئة والإرهاب. وهذه السنة بدأ الاجتماع بتوتر بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. من جهة أخرى، طلب ترمب إعادة روسيا التي كانت عضواً في المجموعة بين 1998 و2014 واستبعدت بعد ضم القرم، إلى صفوف هذه الكتلة.
- عقدت المجموعة أول اجتماع لها في رامبوييه بفرنسا في 1975 بعد الصدمة النفطية الأولى. شاركت ست دول (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والولايات المتحدة) في الاجتماع الأول لـ«مجموعة الست»، التي انضمت إليها في وقت لاحق كندا. جاءت المبادرة من الرئيس الفرنسي حينذاك فاليري جيسكار ديستان الذي اقترح أن ينقل إلى مستوى القادة ما درج عليه وزراء المالية في الاجتماع لتسوية القضايا الساخنة. في ثمانينات القرن الماضي، أضفى التشنج بين الشرق والغرب طابعاً تغلب عليه السياسة للاجتماعات.
- تبنت قمة ويليامسبورغ في 1983 للمرة الأولى إعلاناً حول أمن أوروبا. وتم إقرار النص الذي يدعم سياسة الرئيس الأميركي رونالد ريغان على الرغم من تحفظات نظيره الفرنسي فرنسوا ميتران. وجاء تفكك الاتحاد السوفياتي ليغير المشهد كلياً. ففي 1998، شاركت روسيا التي كانت ضيفة في 1992، للمرة الأولى في كل اجتماعات القمة للمجموعة التي أصبحت «مجموعة الثماني».
- اعتباراً من 1999 وفي فترة من الأزمات المالية المتعاقبة، أصبحت مجموعة الثمانية تواجه انتقادات بصفتها «نادياً للأغنياء». لذلك؛ اجتمعت القوى الكبرى مع دول ناشئة في صيغة جديدة تحمل اسم «مجموعة العشرين»، لمحاولة تسوية هذه الأزمات أو تجنبها.
- في 2014، علقت عضوية روسيا في مجموعة الثماني بعد ضمها القرم وفرض عقوبات على موسكو. وقد ألغيت قمة مجموعة الثماني التي كانت مقررة هذه السنة في روسيا، وأصبحت «مجموعة الثماني» مجموعة تضم سبع دول فقط.
- في 2017، كسرت وحدة مجموعة السبع بسبب قضية المناخ في أول قمة يحضرها دونالد ترمب وعقدت في صقلية. بعد أيام قرر الرئيس الأميركي الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ.