العبادي يتهم تركيا باستغلال سد «إليسو» سياسياً

سفير أنقرة في بغداد نفى مسؤولية بلاده

TT

العبادي يتهم تركيا باستغلال سد «إليسو» سياسياً

اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس الحكومة التركية باستغلال سد «إليسو» سياسيا عن طريق البدء بملئه في هذا التوقيت.
وبينما تزداد أزمة جفاف نهر دجلة خطورة برغم التطمينات الحكومية ومنها ما أبلغ به وزير الموارد المائية حسن الجنابي «الشرق الأوسط» من أن «القضية برغم خطورتها لكنها تحت السيطرة عن طريق تأمين الحد الأدنى من مياه الشرب ومياه السقي للموسم الزراعي الحالي»، قال العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي إن «الحكومة التركية تعمدت هذا التوقيت في ملء سد إليسو، وطلبنا منهم عدم ملئه في هذا التوقيت». وأضاف العبادي أن «الموضوع برمته موضوع سياسي وانتخابي، إذ أرادت تركيا استغلاله ورقة لكسب أصوات المزارعين الأتراك».
وحول الاتهامات التي توجه للحكومات العراقية ما بعد عام 2003 كونها أهملت بناء السدود، قال العبادي إن «البلد لا يحتاج إلى بناء سدود، لأن السدود التي لدينا لم تصل إلى مستوى الامتلاء أصلا»، مشيرا إلى أنه «عندما يكون لدينا فائض في المياه، فسنحتاج حينها إلى بناء سدود جديدة».
وفي السياق نفسه، أكد العبادي أن «العراق على تواصل مع الجانبين التركي والإيراني، لحسم ملف الإطلاقات المائية إلى نهر دجلة». وفيما طمأن العبادي العراقيين بأن «الخزين المائي كاف لهذا العام»، فإن وزير الموارد المائية حسن الجنابي كان قد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأزمة الناتجة عن سد إليسو لم تبدأ بعد، وأن تأثيره الكبير سوف يكون على الموسم الزراعي المقبل وليس هذه السنة».
بدوره، نفى السفير التركي في بغداد، فاتح يلدز، أمس، أن تكون بلاده قد وقعت أي اتفاق مع الجانب العراقي على رفع نسب الإطلاقات في نهري دجلة والفرات، نافيا صلة سد «إليسو» بجفاف دجلة. وقال يلدز، في مؤتمر صحافي في بغداد، إن «تركيا عملت في كل الأوقات والأزمات للحفاظ على المياه، وجعلها مجالاً للتعاون بين البلدين»، وأضاف أن «سد (إليسو) أحد أكبر مشاريع جنوب شرقي تركيا، وقد تم تشييده على أحواض نهري دجلة والفرات، وأن خزين السد من المياه قد انخفض مستواه أخيراً بعد أن تم الإطلاق إلى الجانب العراقي، وتم تأجيل خزنه من شهر مارس (آذار) الماضي حتى يونيو (حزيران) الحالي». وأوضح يلدز أن «تأجيل ملء السد دفعت تكلفته تركيا. فرغم الحاجة الماسة له، فإنه تم إطلاق المياه إلى الشعب العراقي، وأن تركيا لم تولد الطاقة الكهربائية من السد التي هي بحاجة لها، حيث تعاملنا بكرم مع العراق».
وكشف يلدز أن «بلاده أبلغت رئيس الوزراء حيدر العبادي لدى زيارته لأنقرة بإكمال سد إليسو استعداداً لملئه»، وأوضح أنه «تم الاتفاق مع الجانب العراقي خلال اجتماع في شهر مايو (أيار) المنصرم بين اللجنتين العراقية والتركية بشأن المياه على موعد الخزن، وسيتم عقد لقاءات مستمرة حول الأمر»، موضحاً أنه «من ضمن الاتفاق إطلاق كميات كافية من المياه».
إلى ذلك، قدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ثلاثة مقترحات لحل «الأزمة المائية». وقال الصدر في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع «تويتر»: «أقترح ما يلي لحل الأزمة المائية، تقديم دعوة من قبل وزارة الخارجية أو الوزارات المختصة لاجتماع (دول الحوض) بأسرع وقت ممكن لمناقشة الأزمة المائية».كما اقترح الصدر «الإسراع باجتماع الوزارات العراقية المختصة بهذه الأزمة لوضع الحلول الناجعة لها، على أن تنبثق منها لجنة دائمة مختصة لمعرفة الأسباب ووضع الحلول للأمن المائي». أما الاقتراح الثالث للصدر، فجاء فيه: «تخصيص مبالغ مالية من قبل الحكومة العراقية للوزارات المختصة عموماً ووزارة الموارد المائية خصوصاً لمواجهة الأزمة المائية».
من جهته، حمّل وزير الموارد المائية العراقي السابق، المهندس محسن الشمري، الجهات الرسمية العراقية جزءاً من الأزمة، قائلاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ذلك يأتي بسبب الاعتماد على مستشارين لا يحسنون التعامل مع الشحة، حيث إن سبب الأزمة الحالية يعود إلى إهدار الخزين في السدود والبحيرات بسبب المشورات الخاطئة التي يقدمها هؤلاء الخبراء الذين ثبت أنهم يفتقدون إلى المهارة في إدارة الأزمات، والخروج بأقل الأضرار بالأرواح والممتلكات». وبشأن ما إذا كانت الإجراءات التي قام بها الجانب العراقي مناسبة وترتفع إلى مستوى هذه الأزمة، يقول الشمري إن «سد إليسو موجود منذ 12 عاماً، ولكن السؤال هو ماذا عملنا نحن في الجانب العراقي حيال ذلك. في الواقع، إننا لم نعمل شيئا يرتفع إلى مستوى التهديد الذي نواجهه»، مبينا أن «المسؤولية في الواقع لا تقع على الجانب التركي وحده، بل إيران تتحمل جزءاً من المسؤولية، وكذلك الحكومات العراقية المتعاقبة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.