بوغدانوف يتحدث عن التزام دمشق بـ«لجنة الإصلاح الدستوري»

موسكو تخفف لهجتها حول ضرورة انسحاب إيران من سوريا

مدنيون وقوات موالية للنظام يسيرون عبر ركام شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
مدنيون وقوات موالية للنظام يسيرون عبر ركام شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

بوغدانوف يتحدث عن التزام دمشق بـ«لجنة الإصلاح الدستوري»

مدنيون وقوات موالية للنظام يسيرون عبر ركام شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
مدنيون وقوات موالية للنظام يسيرون عبر ركام شوارع مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)

أكد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن دمشق «ستسلم اليوم أو غدا»، إلى الأمم المتحدة، لائحة ممثليها في اللجنة الدستورية، وفقاً للاتفاقات التي نجمت عن مؤتمر سوتشي في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في أول تأكيد روسي على التزام النظام السوري بدفع هذا الملف، خلافاً لتصريحات مسؤولين سوريين شككوا في جدوى «الإصلاح الدستوري».
وقال بوغدانوف، أمس، خلال مشاركته في فعاليات «منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي»، إن موسكو تعول على ضرورة إطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية في أسرع وقت ممكن. وزاد أن موعد بدء عمل اللجنة الدستورية لم يتحدد بعد، لكنه لفت إلى أن النظام السوري سوف يقوم «اليوم أو غدا (أمس أو اليوم) بتسليم المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لائحة بممثلي الحكومة».
ولفت بوغدانوف إلى أن دي ميستورا «ينتظر من الحكومة والمعارضة ومنا ربما أيضا، اقتراحات حول الأعضاء المحتملين في هذه اللجنة، علما بأنه قد يتم إشراك مجموعة من الخبراء أيضا في عملها»، وأعرب عن أمل موسكو في أن تضم اللجنة بالدرجة الأولى خبراء سوريين في القانون الدستوري.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد تعهد خلال لقائه الرئيس فلاديمير بوتين قبل أسبوع في سوتشي بتنفيذ الطلب الروسي بتسريع تسليم اللائحة إلى دي ميستورا. ورغم ذلك، فإنه قد ثارت سجالات في سوريا بين أنصار النظام، وعدّ بعضهم أن دستور عام 2012 الذي وضع بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الأزمة في البلاد، «مثالي ولا يحتاج إلى إصلاحات».
وتعد هذه واحدة من النقاط الخلافية بين موسكو والنظام، وعملت موسكو على ممارسة ضغوط على الأسد لتسريع تنفيذ التزاماته وفقا لقرارات مؤتمر سوتشي.
وذكّر بوغدانوف بأن روسيا سبق أن قدمت قبل عدة سنوات تصوراتها حول مشروعات محتملة للدستور السوري، وأضاف: «لذلك أعتقد أننا سنعمل بتعاون وثيق مع جميع الأطراف، وبينها الحكومة السورية، وذلك على ضوء نتائج زيارة الرئيس بشار الأسد واتصالاتنا مع الشركاء الآخرين ومنهم الدولتان الضامنتان (تركيا وإيران)». وأضاف بوغدانوف أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا يجب أن تجري على أساس الإصلاح الدستوري المنشود. وقال للصحافيين في سان بطرسبرغ، إنه «من المفهوم أن الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو أي انتخابات أخرى ستكون على أساس الإصلاحات الدستورية التي يجري العمل عليها». وفي مقابل هذه النقطة الخلافية سعى بوغدانوف إلى تخفيف لهجة موسكو حيال ملف خلافي آخر يتعلق بالوجود الإيراني في سوريا.
وكان الرئيس فلاديمير بوتين أعلن خلال وجود الأسد في سوتشي أن «المطلوب العمل على خروج كل القوات الأجنبية من سوريا مع انطلاقة قطار التسوية السياسية». وأوضح المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف في وقت لاحق، أن بوتين قصد «كل القوات الأجنبية الأميركية والتركية و(حزب الله) والإيرانيين»، مستثنيا القوات الروسية فقط «لأنها موجودة بدعوة من الحكومة الشرعية». وأثار هذا الموقف انتقادات واسعة من جانب النظام وطهران التي أكدت أن وجود قوات موالية لها في سوريا جاء بطلب من الحكومة السورية.
وفي مسعى لتخفيف وقع التصريحات الروسية، أكد بوغدانوف، أمس، أن «القيادة السورية هي وحدها من تقرر ضرورة وجود قوات أجنبية على أراضيها»، موضحا أنه «من حيث المبدأ، يجب أن ينطلق الجميع من حقيقة أن سوريا دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة. والقيادة الشرعية هي التي تقرر ما إذا كانت هناك حاجة لقوات مسلحة على الأراضي السورية. هذا قرار سيادي». ولفت إلى أن المبعوث الخاص للرئيس الروسي بوتين، ألكسندر لافرينتيف، أجرى بإيعاز من بوتين مباحثات في اليومين الماضيين مع الأسد، من دون أن يوضح طبيعة الملفات التي كانت موضع بحث. إلى ذلك، أكد الدبلوماسي الروسي، أن اللقاء المقبل بين روسيا وتركيا وإيران في إطار «عملية آستانة»، سيعقد في غضون شهر. ولمح بوغدانوف إلى احتمال أن يتم نقل «مسار آستانة» إلى «سوتشي» وفقا لتسريبات سابقة، مضيفا أن «هناك خيارات مختلفة، والموضوع الأهم ليس المكان؛ بل الحفاظ على صيغة (آستانة) التي أثبتت فاعليتها وأفرزت نتائج ملموسة على الصعيد الأمني في سوريا».
وذكر بوغدانوف أن موعد اللقاء على المستوى الرفيع حول سوريا في سوتشي، لم يتحدد بعد، في إشارة إلى اتفاق تم التوصل إليه في جولة المفاوضات الأخيرة في آستانة لتنظيم لقاء يحضره كبار المسؤولين من البلدان الضامنة وقف إطلاق النار، وممثلو عدد من البلدان الأخرى.
وأشار إلى أن عملا حثيثا يجري مع جميع الأطراف المعنية، معربا عن أمله في مشاركة المعارضة السورية في الاجتماع، لأنه «بغيابهم من الصعب بحث قضايا بسط الاستقرار وتعزيز نظام وقف إطلاق النار».
على صعيد آخر، شنت موسكو هجوما قويا على ما وصفتها بأنها «مساع تقوم بها بلدان غربية لتأجيج النقاش حول (الكيماوي) السوري بشكل يفاقم الطابع العدائي ضد روسيا والحكومة السورية».
وأعربت الخارجية الروسية عن معارضة موسكو الحازمة إنشاء آلية جديدة لمعاقبة الأطراف التي يشتبه باستخدامها السلاح الكيماوي. ورأت فيها محاولات سياسية لشيطنة روسيا ونظام الرئيس بشار الأسد.
وفي تعليق أصدرته الخارجية الروسية على نتائج اجتماع الدول الأعضاء في «الشراكة الدولية ضد الإفلات من العقاب بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية»، وجهت روسيا انتقادات حادة للأطراف المشاركة في الاجتماع، وعدّت أن «تمسك الدول الغربية بهذه المواقف إزاء ملف استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، يهدد بفقدان السيطرة على الملف وانتشار (الإرهاب الكيماوي) خارج منطقة الشرق الأوسط».
وزاد أن الوظيفة الحقيقية للآلية التي تدعو دول «الشراكة» إلى إنشائها بذريعة ضرورة منع إفلات مرتكبي «الجرائم الكيماوية» من العقاب، هي «التأكيد على الاتهامات الموجهة إلى من أعلن الغرب مسبقا (مسؤوليتهم) عن ارتكاب هذه الجرائم، وبالتالي، إضفاء صفة الشرعية على الضربة العسكرية الغربية على سوريا».
ورفضت الخارجية تحميل روسيا المسؤولية عن «قتل» الآلية الدولية المشتركة بين منظمة حظر السلاح الكيماوي والأمم المتحدة، مشيرة إلى أن «هذه الآلية كانت تلبي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الطلب السياسي الغربي الهادف إلى شيطنة حكومة بشار الأسد في سوريا، على أساس مزاعم عن ضلوعها في هجمات كيماوية كانت في حقيقة الأمر استفزازات مرتكبة على يد المعارضة السورية المسلحة».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وكذلك الدول المنضمة إليهما، فرنسا وألمانيا وكندا وأستراليا، بدأت مغامرة أخرى ضد سوريا وأيضا ضد روسيا، «مما قد يلحق ضررا بسلامة معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية». وأشارت زاخاروفا إلى أن مثل هذا الاجتماع، يشكل خطوة استثنائية خطرة، نظرا لأن الدول المصادقة على المعاهدة دعت إلى عقد اجتماع استثنائي مماثل في حالة واحدة جرت عام 2002 لإزاحة مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، البرازيلي خوسيه بستاني، لأنه لم يستجب لمصالح واشنطن. جاء التعليق ردا على دعوة بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وكندا، إلى عقد جلسة خاصة لمؤتمر الدول الأعضاء في اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية في يونيو (حزيران) المقبل، للاتفاق على تحرك لدعم الاتفاقية والهيئة القائمة على تطبيقها. وترى موسكو أن الاجتماع المزمع يهدف إلى تصعيد المواجهة مع روسيا التي يتهمها الغرب بتعطيل آلية عمل المنظمة الدولية لحظر السلاح الكيماوي.



سياسيون مصريون يقدمون مقترحات لتقليص «الحبس الاحتياطي»

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لقضية الحبس الاحتياطي الثلاثاء (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لقضية الحبس الاحتياطي الثلاثاء (الحوار الوطني)
TT

سياسيون مصريون يقدمون مقترحات لتقليص «الحبس الاحتياطي»

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لقضية الحبس الاحتياطي الثلاثاء (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لقضية الحبس الاحتياطي الثلاثاء (الحوار الوطني)

قدم سياسيون وحقوقيون مصريون، مقترحات لتحديد سقف زمني لـ«الحبس الاحتياطي» للمتهمين، وإيجاد بدائل له، وذلك خلال جلسة متخصصة عقدها «الحوار الوطني»، الثلاثاء، طالب خلالها مشاركون بضرورة إجراء تعديلات تشريعية لحل القضية.

ويُعقد «الحوار الوطني»، بمبادرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقال مشاركون في الجلسة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك إرادة سياسية لإعادة النظر في ملف الحبس الاحتياطي، وضرورة وضع ضوابط تعزز مبادئ حقوق الإنسان».

وأخلت السلطات المصرية، الاثنين، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، غداة بدء مناقشات الحوار الوطني، لقضية الحبس الاحتياطي، في خطوة قوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

وتناقش جلسات «الحبس الاحتياطي» بالحوار الوطني، والتي يشارك فيها قانونيون وبرلمانيون ونقابيون، يمثلون أطيافاً سياسية مختلفة، محاور عدة، تتضمن «موقف الحبس في حالة تعدد الجرائم وتعاصرها، والتعويض عن الحبس الخطأ، وتدابير منع السفر المرتبطة بقضايا الحبس الاحتياطي».

وقال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، عصام شيحة، إن «هناك إجماعاً من المشاركين على ضرورة الإفراج عن كل من مرّ على حبسه (احتياطياً) 6 أشهر»، وأن «تكون بداية مناقشة القضية هي الإفراج عن المحبوسين احتياطياً منذ فترة».

وتحدث شيحة لـ«الشرق الأوسط» عن بدائل طرحها مشاركون في الحوار، من بينها «عدم الحبس احتياطياً في القضايا التي لا تزيد عقوبتها على سنتين، مع إلزام المتهم بعدم ارتياد أماكن معينة داخل نطاق سكنه، أو أن يقدم نفسه لأقرب قسم شرطة لمحل إقامته يومياً، أو ارتداء أسورة تتبُّع ممغنطة».

ووفق شيحة، فإن مقترحات المشاركين تضمنت «تحديد حد أقصى للحبس الاحتياطي لا يتجاوز 6 أشهر»، كما أن هناك مطالب بإجراء تعديلات تشريعية على نصوص قانون الإجراءات الجنائية التي تتناول القضية.

ودعا أمين التنظيم بحزب «الجيل»، أحمد محسن قاسم، إلى ضرورة «حذف الاستثناء في مدد الحبس الاحتياطي، والتقيد بحدود الحبس القصوى المتمثلة بـ6 أشهر للجنح و18 شهراً في الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة المؤبد أو الإعدام».

وطالب قاسم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بعدم «الحبس في الجرائم الخاصة بالنشر في الصحف»، كما طالب بضرورة «تعويض الأشخاص الذين تم حبسهم احتياطياً بشكل خاطئ، تعويضاً عن الأضرار المادية والمعنوية»، وحدد قيمة التعويض بواقع «الحد الأقصى للأجور للعاملين الذي يقره المجلس الأعلى للأجور عن كل شهر من الحبس الخاطئ».

وفي مارس (آذار) الماضي، ناقش مجلس النواب المصري مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي»، وقد تضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم حالات التعويض عنه؛ تحقيقاً للغاية من كونه «تدبيراً احترازياً»، وليس «عقوبة»، وتقليص مدة الحبس الاحتياطي، لتصبح في قضايا الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً في القانون الحالي، وأيضاً 18 شهراً بدلاً من عامين، إذا كانت العقوبة المقرّرة للجريمة السجن المؤبّد أو الإعدام.

ورأى عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق الخولي، أن «مناقشة تقييد مدد الحبس في حالات محددة ينص عليها القانون، والتوسع في بدائل للحبس، سيحدان من اتخاذ إجراءات الحبس الاحتياطي»، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم في معالجة كثير من القضايا، ويدعم مبادئ حقوق الإنسان».

وشدد الخولي على أن «مناقشة بدائل للحبس الاحتياطي ستكون بعيدة عن القضايا شديدة الخطورة أو المتعلقة بالإرهاب»، محذراً من أن «التوسع في طرح بدائل في تلك القضايا قد يشكل خطورة على المجتمع».

ويعتزم مجلس أمناء الحوار الوطني رفع التوصيات الخاصة بمناقشات قضية الحبس الاحتياطي، إلى الرئيس السيسي، فور انتهاء الجلسات مصحوبة بقائمة تتضمن عدداً من المحبوسين ووضعها تحت تصرفه.