موسكو تطرد 60 دبلوماسياً أميركياً وتغلق قنصلية سان بطرسبورغ

أبدت تخوفاً من إجراءات اقتصادية وطلبت رسمياً المشاركة في التحقيقات

مبنى السفارة الأميركية في موسكو (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في موسكو (أ.ف.ب)
TT

موسكو تطرد 60 دبلوماسياً أميركياً وتغلق قنصلية سان بطرسبورغ

مبنى السفارة الأميركية في موسكو (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في موسكو (أ.ف.ب)

قررت موسكو طرد 60 دبلوماسيا أميركيا وإغلاق قنصلية الولايات المتحدة في سان بطرسبورغ، وذلك ردا على الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد روسيا في إطار قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال. الإجراءات كما أعلنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس الخميس في مؤتمر صحافي في موسكو «شملت طرد العدد نفسه من الدبلوماسيين وسحب الترخيص من القنصلية العامة للولايات المتحدة في سان بطرسبورغ».
وكانت قد استدعت الخارجية الروسية السفير الأميركي في موسكو لإخطاره بالرد على طرد الدبلوماسيين الروس.
وقال لافروف بخصوص الدول التي تضامنت مع لندن: «سنرد بالمثل على الدول التي طردت دبلوماسيينا».
وأمهلت الخارجية الروسية الدبلوماسيين الأميركيين المطرودين مغادرة روسيا بحلول 5 أبريل (نيسان) القادم، كما طلبت من القنصلية العامة الأميركية في سان بطرسبورغ وقف أنشطتها خلال يومين.
من جهة أخرى وجهت موسكو طلبا رسميا إلى لندن للمشاركة في التحقيقات الجارية حول ملف تسميم العميل السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، وشددت لجنة التحقيق الروسية على «حق موسكو في الحصول على معلومات كاملة في ملف يتعلق بمواطنة روسية».
وأفاد بيان أصدرته لجنة التحقيق المركزية بأن الرسالة التي وجهت عبر القنوات الدبلوماسية إلى لندن تضمنت طلبا بتقديم «الدعم القانوني اللازم في متابعة قضية محاولة اغتيال المواطنة الروسية يوليا سكريبال».
وقالت الناطقة باسم اللجنة إن الجانب الروسي طلب من البريطانيين «تنفيذ عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تحديد ملابسات الجريمة، بالإضافة إلى تقديم نسخ من مواد التحقيق الجنائي، ونتائج فحص المكان الذي عثر فيه على يوليا سكريبال فاقدة للوعي، ونتائج فحوصاتها الطبية والتحاليل».
وانتقدت موسكو أكثر من مرة رفض بريطانيا إشراك جهات التحقيق الروسية في القضية، أو مساعدة القنصلية الروسية في لندن للحصول على معلومات وزيارة يوليا سكيربال. ويعكس تقديم الطلب رسميا وبشكل خطي، سعي موسكو إلى تعزيز موقفها في الهيئات المختصة التابعة لمجلس الأمن في حال عرضت القضية عليها، مع توافر قناعة لدى موسكو بأن بريطانيا «لن تستجيب للطلب الروسي».
إلى ذلك، أبدى الكرملين استعداد للتعاون مع «أي جهة تعمل على تخفيف حدة التوتر في الأزمة الراهنة». ولوحظ أن اللهجة الروسية تراجعت خلال اليومين الماضيين وبدت أكثر مرونة وهدوءا، خلافا للوضع بعد حملة طرد الدبلوماسيين الروس من أكثر من 23 بلدا.
وتعمل الآن على «دراسة متأنية لكل خطوة» كما أبلغ «الشرق الأوسط» أمس دبلوماسي روسي. وأضاف المصدر بأن «موسكو لا تتعامل مع كل الأطراف التي اتخذت مواقف غير ودية حيال روسيا على قدم المساواة، وثمة قناعة بأن واشنطن ولندن أدارتا هذه الحملة لكن بعض البلدان التي اتخذت إجراءات «تضامنية» أبلغت الجانب الروسي أنها لا تريد تصعيدا مع موسكو. وعكست عبارات الدبلوماسي الروسي أن موسكو تميل إلى التريث في اتخاذ القرارات النهائية خشية من أن تدابير متسرعة قد تؤدي إلى تعزيز «الجبهة العالمية» التي صنعتها واشنطن ولندن.
كما برز تصريح الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس، الذي رحب بـ«أي صوت يدفع لندن نحو التعقل»، في تعليق على إعلان فيينا الأربعاء عن استعدادها للتوسط بين موسكو ولندن لتسوية خلافاتهما. وقال بيسكوف إن «موسكو ترحب أي دور، وأي صوت يساعد في خدمة فك خيوط قضية سكريبال، إذا كان لهذا الدور أن يدفع البريطانيين نحو التعقل». ولفت إلى أن محادثات القمة الروسية النمساوية التي عقدت مؤخرا، كانت «ذات فعالية جيدة وبناءة جدا وبراغماتية».
وكانت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل عرضت وساطة بلادها في تسوية الأزمة بين روسيا وبريطانيا. واتهمت كنايسل السفير البريطاني لدى النمسا بمحاولة الضغط على حكومتها من أجل طرد دبلوماسيين روس.
وفي إطار تراجع حدة اللهجة الروسية جزئيا، تجاهلت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس وعيدها بإعلان «مفاجأة» ضد لندن، كانت وصفتها قبل أيام بأنها «هدية لبريطانيا سوف نعلن عنها الخميس». واكتفت زاخاروفا بتأكيد أنه «لا يحق لواشنطن طرد موظفين في بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة»، مشيرة إلى أن على واشنطن أن تقوم بإجراءات مع المنظمة الدولية من أجل ذلك.
ولفتت زاخاروفا إلى أن موسكو «بدأت تشعر بوجود رابط بين الاستفزازات في قضية سكيربال والوضع في سوريا». وعلقت زاخاروفا على حرمان صحافيين روس يعملون لصالح قناة «زفيزدا» التابعة لوزارة الدفاع الروسية من تغطية أعمال القمة الأوروبية أخيرا، بالإشارة إلى أن الغرب يتعامل مع الصحافيين الروس بصفتهم «جواسيس»، مشيرة إلى أن على الغرب أن يتذكر أن «لدى الخارجية الروسية الكثير من المعلومات حول نشاطات الصحافيين الغربيين في روسيا وبعض هذه الحالات وصلت إلى المحاكم». وتابعت: «نواصل التصرف في هذا المجال بلباقة ولا نقوم بنشر المعلومات عن مثل هذه الحوادث ولكن قد نقوم بذلك من حيث المبدأ».
وكانت موسكو أبدت استياء بسبب وصف الدبلوماسيين الروس في عدد من البلدان الغربية بأنهم «جواسيس»، لكن اللافت أن مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين، أقر بأن «بين ممثلي البعثات الدبلوماسية الروسية يوجد ضباط استخبارات، لكن عددهم قليل وكانوا يقومون بتوفير أمن السفارات الروسية». واعتبر أن طرد الدبلوماسيين «استفزاز قذر ودنيء من مجموعة معروفة من الدول التي تعمل على تشكيل أجواء من الكراهية ضد روسيا»، مؤكدا أن «الرد قادم، وسيكون حازما».
وفي مؤشر إلى أن حملة طرد الدبلوماسيين تكشف في جانب منها ما بات يوصف بـ«حرب جواسيس» بين روسيا والغرب، شدد ناريشكين على أن «لدى الاستخبارات الخارجية أدوات واسعة النطاق لإجراء نشاط استخباراتي يضمن حل المهام الموكلة لحماية مصالح دولتنا ومواطنينا في أي مكان في العالم».
كما اتخذت المخاوف الروسية من الإجراءات البريطانية والغربية بعدا اقتصاديا أمس، وأشار المتحدث باسم الكرملين إلى إجراءات تدرسها لندن وواشنطن تستهدف الأصول الروسية، ومنها حظر طرح السندات السيادية في بورصة لندن.
وستقوم لجنة برلمانية بالتحقيق في أموال مشبوهة دفعت في عقارات بريطانية بقيمة 880 مليون جنيه إسترليني (1.25 مليار دولار) اشتراها رعايا روس. وذكرت لجنة الخزانة أنها ستحقق في حجم الجرائم الاقتصادية في بريطانيا بعد مزاعم بأن بريطانيا، خصوصا في سوق العقارات في لندن «أصبح» المقصد المفضل» لغسيل الأموال.
ويأتي ذلك بعد أن أظهرت أرقام مجموعة الشفافية الدولية أن عقارات بقيمة 4.4 مليار جنيه إسترليني ربما تم شراؤها بثروة مشبوهة، وأكثر من خُمس هذه العقارات التي تقدر قيمتها بنحو 880 مليون جنيه إسترليني اشتراها الروس.
وقال بيسكوف في إفادة صحافية إن الكرملين «يراقب عن كثب التقارير التي تتحدث عن إمكانية فرض عقوبات اقتصادية جديدة أميركية وبريطانية ضد روسيا، ومثل هذه الإجراءات ستلحق ضررا بسمعة هاتين الدولتين بين المستثمرين الدوليين».
ورأى أن «بريطانيا اليوم تعتبر دولة لا يمكن التنبؤ بقراراتها وتصرفاتها، فيما يخص علاقتها بروسيا. من الصعب علينا توقع الاحتمالات والإجراءات الأخرى التي تدرسها الحكومة البريطانية، وما هي الأسس التي ستبني عليها قراراتها».
وجاءت تصريحات المسؤول الروسي بعدما نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس، عن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي موافقتها على بحث مسألة حظر طرح السندات السيادية الروسية في السوق البريطانية.
كما أشارت مصادر بريطانية إلى بدء السلطات عمليات فحص واسعة لعمليات بيع عقارات باهظة الثمن لمسؤولين ورجال أعمال روس مقربين من الكرملين. ولفتت إلى أن السلطات المختصة تسعى إلى فحص مصادر الأموال المستخدمة وما إذا كانت العمليات مرتبطة بغسيل الأموال.

الجاسوس وابنته تعرضا لغاز الأعصاب في منزلهما
ذكرت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية أن سكريبال وابنته تعرضا لغاز الأعصاب السام للمرة الأولى في منزلهما وكان تركيز الغاز الأكثر قوة عند مدخل المنزل. قال دين هايدن رئيس شرطة مكافحة الإرهاب «الخبراء وجدوا أن التركيز الأقوى للمادة السامة موجود على مدخل المنزل». وأضافت الشرطة أنه «عثر على آثار المادة السامة في أماكن أخرى عمل فيها المحققون في الأسابيع الأخيرة ولكن بتركيز أقل من تلك التي وجدت في المنزل».
وذكرت صحيفة ديلي تلغراف الخميس أن هذا الكشف «يكثف عملية البحث عن مرتكبي الهجوم، ويزيد الضغوط على الكرملين» ويعرض للخطر أي شخص زار منزل سكريبال.
وأعلن مراسل «بي بي سي» للشؤون الأمنية غوردون كوريرا العثور على التركيز الأقوى للمادة السامة في يد باب منزل سكريبال، وربما تم تثبيته بواسطة مادة خاصة. ويفسر ذلك سبب وجود غاز الأعصاب في سيارة سكريبال أو في المطعم حيث تناولا الطعام.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.