لليوم الثاني على التوالي قمعت ميليشيات جماعة الحوثي الانقلابية أمس مظاهرة غاضبة في صنعاء شارك فيها المئات احتجاجا على افتعال الجماعة لأزمة الغاز المنزلي والتسبب في رفع سعره إلى مستوى قياسي. وفيما نجح وسطاء قبليون في محافظة ذمار، في إقناع الميليشيات الانقلابية بإطلاق صحافيين اثنين من سجونها بعد نحو عامين من اختطافهما، كشفت مصادر في صنعاء عن مخطط حوثي قيد التنفيذ لتغيير أسماء شوارع العاصمة إلى أسماء تحمل الصبغة الطائفية للجماعة الموالية لإيران، وذلك بالتزامن مع مساع لتوزيع مساحات واسعة من أراضي الدولة على الموالين لها.
وقامت عناصر أمنية تابعة للميليشيات بقمع مظاهرة شارك فيها المئات أمام مبنى أمانة العاصمة، الواقع في حي قاع العلفي، للتنديد بندرة مادة الغاز المنزلي وارتفاع سعر الأسطوانة إلى نحو 10 أضعاف السعر الذي تباع به في مدينة مأرب التي تسيطر عليها الشرعية. وأحرق المتظاهرون، عجلات قديمة للسيارات، وقطعوا الشارع الرئيسي أمام المبنى الحكومي الذي تسيطر عليه الميليشيات الانقلابية، بالتزامن مع رفعهم شعارات مناهضة لقادة الجماعة تتهمهم بالإثراء الفاحش من المتاجرة في الوقود والغاز المنزلي على حساب ملايين السكان الذين يتضورون جوعا، على حد قولهم.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر الأمن الموالين للجماعة أقدموا على قمع المحتجين وتفريقهم، في ظل حضور كثيف لمسلحين حوثيين آخرين مزودين بعربات عسكرية ويرتدون زيا مدنيا تحسبا منهم لأي تطورات عنيفة. وجاءت المظاهرة غداة قيام الجماعة بقمع مظاهرة مماثلة في صنعاء، واقتياد عدد من المحتجين المشاركين فيها إلى المعتقلات بعد أن أطلقت الميليشيات الرصاص الحي لإخافتهم وتفريقهم.
وتوقفت منذ أيام وسائل النقل الخاصة المعتمدة على الغاز في صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون، كما شهدت أفران الخبز طوابير طويلة للحصول على الخبز نظرا لعدم توفر الغاز في المنازل. وللتغلب على المعضلة الحوثية الجديدة، لجأ الكثير من السكان في العاصمة اليمنية إلى استعمال الحطب والنفايات الورقية والبلاستيكية لإنضاج الطعام بالطرق البدائية التقليدية.
وعلى الرغم من أن الميليشيات تزعم أنها تضغط على ملاك محطات تعبئة الغاز لتخفيض جزئي في أسعاره التي تبلغ ستة أضعاف السعر الحقيقي، فإنها تسببت في اختفاء المعروض منه، وارتفاع سعره ليصل إلى نحو ثمانية أضعاف السعر الشائع في محافظة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.
ويشكك المواطنون في نيات الجماعة الظاهرة، إذ يتهمونها بافتعال الأزمة لجهة مضاعفة مكاسبها في السوق السوداء، بخاصة أن أغلب تجار الوقود عامة والغاز المنزلي هم من أتباع الجماعة وقياداتها البارزة.
ولزيادة «الطين بلة» كما يقال، قررت حكومة الانقلاب الحوثي غير المعترف بها، في اجتماع رسمي أمس، فتح باب الاستيراد لمادة الغاز المنزلي من خارج اليمن، عوضاً عن جلبها من محافظة مأرب التي تسيطر الحكومة الشرعية فيها على آبار النفط والغاز ومحطات التعبئة. وتهدف الميليشيات، عبر هذا المسعى، إلى إطالة أمد الأزمة التي افتعلتها، وفتح المجال لأتباعها التجار لاحتكار استيراد الغاز من الخارج بالأسعار التي يفرضونها، بالتنسيق مع قادة الجماعة البارزين الذين يقاسمونهم المكاسب الضخمة، حسبما يرى مراقبون.
وكان ناشطون يمنيون تساءلوا باستغراب وسخرية حول تصرفات جماعة الحوثي في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال بعضهم: «إذا كانت الميليشيات لم تسمح بتوفير الغاز المنتج محلياً في اليمن، بسعر مخفض أو مقبول على الأقل، فكيف ستسمح بتوفيره بسعر رخيص وهو مستورد من الخارج!».
في غضون ذلك، كشف موظفون حكوميون في صنعاء، عن أن الجماعة تخطط لتوزيع مساحات واسعة من الأراضي السكنية التابعة للدولة على قادة الميليشيات وزعماء القبائل الموالين لها، بخاصة العناصر القادمين من معقلها الرئيس في محافظة صعدة. وأضافت المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» وفضلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، أن الجماعة تسعى ضمن نفس المخطط إلى إعادة تسمية شوارع العاصمة صنعاء بما يتواءم مع توجهها الطائفي والعنصري، ويلبي سعيها إلى تخليد قادتها القتلى. وقالت المصادر، إن إعادة تسمية الشوارع التي تسعى إليها الميليشيات تستهدف شوارع تحمل أسماء عواصم عربية تناصبها الجماعة العداء، مقابل أسماء بديلة تخطط لإطلاقها على هذه الشوارع، وتشمل أسماء مدن وشخصيات إيرانية وأخرى تابعة «لحزب الله» اللبناني.
وفي السياق نفسه، التقى رئيس مجلس انقلاب الميليشيات صالح الصماد أمس، رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني المعين من قبل الجماعة في صنعاء، وهو ما يرجح سعي الميليشيات لتنفيذ خطتها الرامية إلى تغيير الهوية الثقافية والديموغرافية في صنعاء. وقالت النسخة الحوثية من وكالة (سبأ) إن الصماد «استعرض في اللقاء خطط وبرامج الهيئة وتوجهاتها في إعداد المخططات العامة وتحديثها للمدن الرئيسية فضلاً عن مشاريعها في تسمية وترقيم الشوارع بالمدن الرئيسية».
من جهة أخرى، أفادت مصادر إعلامية محلية في محافظة ذمار جنوب صنعاء بأن الميليشيات الحوثية أفرجت أمس عن اثنين من الصحافيين بعد عامين من الاعتقال في سجونها. وقالت المصادر إن الصحافيين عبد الله المنيفي وحسين العيسي عادا إلى منزليهما بعد أكثر من عامين على اختطافهما من قبل الميليشيات الحوثية، وكشفت عن أن عملية الإفراج عنهما جاءت بعد جهود مضنية بذلها وسطاء قبليون إلى جانب متابعة مستمرة من أسرتيهما.
وطبقا لتقارير حقوقية يمنية، لا تزال الميليشيات الحوثية تتحفظ على عشرات الصحافيين والناشطين في معتقلاتها لجهة اتهامها لهم بموالاة الحكومة الشرعية والقيام بأجندة تجسسية لصالح التحالف العربي، في حين مضى على بعضهم نحو ثلاث سنوات منذ اعتقالهم.
الحوثيون يقمعون احتجاجاً على ندرة الغاز
الميليشيات تعدّ خطة لنهب أراضي صنعاء وإطلاق تسميات طائفية على شوارعها
الحوثيون يقمعون احتجاجاً على ندرة الغاز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة