30 مليار دولار حصيلة مؤتمر إعمار العراق

دول الخليج وتركيا والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي أبرز المانحين

أمير الكويت بين رئيس الوزراء العراقي والأمين العام للأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)
أمير الكويت بين رئيس الوزراء العراقي والأمين العام للأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)
TT

30 مليار دولار حصيلة مؤتمر إعمار العراق

أمير الكويت بين رئيس الوزراء العراقي والأمين العام للأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)
أمير الكويت بين رئيس الوزراء العراقي والأمين العام للأمم المتحدة أمس (أ.ف.ب)

تمكن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق الذي استضافته الكويت، من جمع نحو 30 مليار دولار، بعد ثلاثة أيام حافلة لحشد جهود المجتمع الدولي من أجل إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم داعش.
وجاءت التعهدات على شكل قروض وتسهيلات ائتمانية واستثمارات للمساهمة في إعادة إعمار العراق، رغم أن المسؤولين العراقيين قالوا: إن تكلفة إعادة تأهيل المناطق المتضررة تتجاوز 88 مليار دولار. ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إن المبلغ الذي تم جمعه في هذا المؤتمر «لا يسد الحاجة... لكن ما تحقق ليس قليلاً ونحن راضون عن هذا العطاء».
واعتبر الجعفري أن التعهدات تجسد «إرادة المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب العراق للتخلص من تركة الإرهاب بعد الانتصار على تنظيم داعش». وكشف أن حكومته كانت تراهن على مبلغ أقل مما تحقق، وقال: «لم نكن نتوقع الحصول على 88.2 مليار، فهذا المبلغ يظهر حجم الحاجة وليس حجم الطلب، ولكن ما تحقق كبير».
وأعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح أن وصول مساهمات الدول المشاركة في المؤتمر إلى 30 مليار دولار يمثل «نجاحاً كبيراً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الكويت في غاية الارتياح للمشاركة الواسعة في هذا المؤتمر من قبل الدول والقطاع الخاص والمنظمات التطوعية». وأضاف أن «اقتصاد العراق يتجه للتعافي للقيام بواجباته في مواصلة إعمار البلاد».
وجاءت غالبية هذه المساهمات من دول الخليج وتركيا والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى خط ائتمان بثلاثة مليارات دولار أعلنت عنه الولايات المتحدة. وأجمع المتحدثون في الجلسة الختامية للمؤتمر، على دعم جهود الحكومة العراقية في إعادة إعمار المناطق المتضررة، ودعم رئيس الوزراء حيدر العبادي في خططه الرامية نحو تحقيق إصلاحات ضرورية في مجالات الاقتصاد والأمن والإصلاح السياسي. كما أكدوا دعمهم لعراق ديمقراطي مستقر وآمن يضمن التعايش السلمي والمشاركة لجميع أبنائه.
واختتم المانحون والمستثمرون اجتماعات مطولة في الكويت أقيمت على مدى ثلاثة أيام وشارك فيها مئات الخبراء والمسؤولين من نحو 72 بلداً، إضافة إلى ما يفوق ألفي شركة من دول عدة، لمناقشة جهود إعادة بناء اقتصاد العراق وبنيته التحتية مع خروجه من صراع مدمر مع «داعش».
وافتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح العطاء بالإعلان عن دعم العراق بملياري دولار، نصفها يُمنح كقرض والآخر مخصص للاستثمار. وقال الشيخ صباح الأحمد في كلمته أمام المؤتمر، إن «الكويت تعلن التزامها بتخصيص مليار دولار كقروض تصرف وفق آلية الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، ومليار دولار آخر في الفرص الاستثمارية، فضلاً عن مساهمة الجمعيات الخيرية الكويتية».
وأضاف أن «ما يواجهه عالمنا اليوم من أزمات وتحديات يتطلب من المجتمع الدولي عملاً جماعياً وتحركاً شاملاً وعلى كل المستويات، مؤكدين أننا ندرك حجم هذه التحديات، ونحنن متحدون في مواجهتها وصولاً إلى غاياتنا المنشودة بأن تنعم البشرية وأجيالها المقبلة بكوكب آمن ومستقر خالٍ من الغلو والتطرف والإرهاب، لنحفظ لشعوب الأرض الحياة الحرة الآمنة والكريمة».
وأشار إلى «إننا ندرك حجم الدمار الذي لحق بالعراق من جراء سيطرة تلك التنظيمات الإرهابية على بعض الأراضي العراقية وما ترتب على ذلك من قتال لتلك التنظيمات لتطهير التراب العراقي، الأمر الذي يتوجب معه على العراق اليوم الشروع في إعادة إعمار شاملة لما تم تدميره من بنية تحتية ومرافق الحياة الأخرى، وهو عمل لن يتمكن العراق من التصدي له وحده، مما دعانا إلى التوجه بالنداء إلى المجتمع الدولي لدعوته إلى المشاركة في هذا العمل وتحمل تبعاته».
وأكد أمير الكويت أن هذا الاجتماع يعد رسالة قوية من دول التحالف والمجتمع الدولي للتعبير عن مدى الإصرار واستمرار المواجهة لهزيمة الإرهاب.
ودعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المجتمع الدولي للمشاركة في دعم بلاده، مشدداً على أن «تنمية العراق تنمية للمنطقة كلها». وأكد في كلمته أمام المؤتمر حرص حكومته في خطتها الاستراتيجية على دعم القطاع الخاص والاستثمار عبر إطلاقها حزمة من القرارات والقوانين الجاذبة لإعادة تأهيل وتشغيل واستثمار المنشآت المتوقفة عن العمل وتطوير القطاعات المختلفة.
وقال إن «العراق نجح في القضاء على تنظيم داعش في البلاد وإعادة نصف النازحين داخل العراق الذين يزيد عددهم على خمسة ملايين نازح إلى مناطقهم». وأضاف: «بعد أن حقق العراق نصره الكبير ودحر (داعش) وأنهى حلمه البغيض... يتطلع عراقنا اليوم إلى المستقبل بثقة».
وأشار إلى أهمية إعادة تأهيل الخدمات الأساسية في مناطق النازحين «لتساهم بإعادة أكبر عدد ممكن». وأضاف: «رغم ما عاناه العراق من تراجع في التنمية نتيجة لمحاربة الإرهاب، فإنه أرض للفرص الكثيرة». وأشاد بالجهود المبذولة لإنجاح المؤتمر، قائلاً: «نتطلع إلى شراكات حقيقية استراتيجية وتبادل منافع مع الجميع، ونسعى إلى تكامل مع دول المنطقة ومحيطها».
وأعرب عن تطلع العراق إلى «خلق أجيال قادمة تحقق مفهوم التعايش والتصالح المجتمعي لا سيما بعد الانتصار الكبير الذي تحقق بدحر (داعش)». وأضاف أن «التنمية في العراق هي تنمية لكل المنطقة ولكل جيرانه، فنحن اليوم نرسخ مفهوم أن يكون العراق جسراً للتلاقي وليس ساحة للصراع، وأن يكون مساحة للتفاهمات المشتركة وبوابة لتبادل المصالح والمنافع والرؤى والأفكار. وهدفنا خلق بيئة اقتصادية سليمة لتوفير الآلاف من فرص العمل للشباب وأصحاب الحرف وتحسين المستوى المعيشي والخدمي للمواطنين».
وأضاف أن «ما يعانيه العراق من وجود معوقات كثيرة تحول دون التطور الاستثماري كالبيروقراطية والقوانين غير الجاذبة والفساد الإداري والمالي، جعل الحكومة تصدر حزمة من النظم والقوانين لخلق بيئة اقتصادية سليمة». وذكر أن العراق يحتاج إلى تجديد للبنى التحتية وخلق العمالة الماهرة وتدريبها بالشكل الكافي لإدارة وتشغيل الفرص الاستثمارية الموجودة.
وأقر بوجود فساد في الدولة العراقية، لكنه تعهد محاربته «كما حاربنا الإرهاب». وقال: «نؤكد أن إصرارنا على محاربة الفساد كفيل بإضفاء بيئة ناجحة، تحت عمل واضح وشفاف، ولن نتوقف عن محاربة الفساد، تلك الآفة الخطيرة التي لا تقل خطورة عن الإرهاب، بل هي أحد الأسباب لنشوء الإرهاب».
ودشنت الأمم المتحدة، أمس، برنامجاً على مدى عامين لإعادة إعمار العراق يهدف إلى مساعدة الحكومة على المضي في مراعاة الأبعاد الاجتماعية لإعادة الإعمار بسرعة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن البرنامج «سينعش المناطق التي تواجه خطر العنف ويدعم المشاركة السياسية الواسعة والتنمية الاجتماعية الشاملة». وأضاف أن «البرنامج سيساعد من وقع عليهم الضرر الأكبر».
كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فريدريكا موغيريني أن الاتحاد سيستثمر 400 مليون يورو، بالإضافة إلى مساهمات فردية من الدول الأعضاء. وقالت موغيريني إن الاتحاد لديه «استراتيجية جديدة في العراق من أجل تثبيت الاستقرار وإعادة الإعمار». وأوضحت أن المؤتمر «جاء لإزالة جميع العوائق والتحديات وإيجاد الحلول لها». ورأت أن المنطقة «بعيدة كل البعد عن السلم ولا يزال هناك توتر جديد ينشأ، لكن العراق يعطينا الأمل لبناء مستقبل أفضل».
وأشارت إلى وجود مناطق ومدن عراقية «بحاجة ماسة إلى استجابة حقيقية لإعادة الإعمار، ودعم طارئ لمساعدة أهالي تلك المناطق والمدن في العودة إليها وممارسة حياتهم الطبيعية». وتعهدت تقديم الاتحاد مساعدات في مجالات الكهرباء والمياه والمستلزمات الطبية والغذائية للمناطق المحررة في العراق، إضافة إلى إعادة تأهيل المدارس في عدد من المدن وتدريب القوات المسلحة.
وأوضحت أن دعم الاتحاد سيركز على دعم المؤسسات ومساعدة القطاعين العام والخاص في المجالات كافة، مشيرة إلى أهمية تحسين بيئة الاستثمار لإعادة بناء اقتصاد العراق. وأكدت وجوب أن يصاحب عملية إعادة الإعمار «بناء عراق موحد يضم جميع مكونات وأطياف المجتمع ويتمتع من خلاله الشعب بسبل العيش الكريم كافة».
وأكد رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم التزام البنك بزيادة التمويل للمساعدة في بناء العراق وإعماره، مشدداً على ضرورة ازدهار العراق لمنطقة الشرق الأوسط والعالم ككل. وقال في كلمته أمام المؤتمر إن ثمة «فرصاً كبيرة للاستثمار في العراق وإعادة البناء فيه»، موضحاً أن عملية التنمية والبناء لا يمكن أن تتم بالموارد الحكومية وإنما بمشاركة من القطاع الخاص.
وأشار إلى أن البنك زاد التزامه نحو العراق من 600 مليون دولار في 2016 حسب المبادرة بين الطرفين إلى 4.7 مليار دولار في الوقت الحالي، مشيراً إلى سعيه إلى تقديم مبالغ أكبر من أجل تحقيق انتعاش اقتصادي والعمل على إعادة بناء الخدمات والبنية التحتية للمناطق المتضررة.
وأعلن وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أن أنقرة ستخصص خمسة مليارات دولار للعراق على شكل قروض واستثمارات. وقالت بريطانيا إنها ستمنح العراق تسهيلات ائتمانية في مجال الصادرات تصل إلى مليار دولار سنوياً ولمدة عشرة أعوام. وأعلنت أنها ستقدم مساعدات للعراق قيمتها 350 مليون يورو في 2018. كما تعهدت ماليزيا بـ100 ألف دولار.
وتعهدت منظمات غير حكومية إلى الآن تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 330 مليون دولار. كما قال المدير العام للتعاون التنموي في إيطاليا جورجيو مارابودي إن بلاده ستقدم قروضاً ميسّرة قيمتها 260 مليون يورو (321 مليون دولار) للعراق إلى جانب منح قيمتها 6.5 مليون دولار ومساعدات إنسانية بخمسة ملايين دولار. وكانت الولايات المتحدة قالت أول من أمس، إنها تمد خط ائتمان بثلاثة مليارات دولار، لكنها لن تقدم أي مساعدات حكومية مباشرة.
وأكد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون خلال لقاء مع العبادي، مساء أول من أمس، في الكويت، دعم بلاده «لعراق موحد وديمقراطي ومزدهر وإقليم كردستان مستقر وقابل للحياة في إطار الدولة العراقية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.