10 خطوات أميركية لـ«الاعتراف الدبلوماسي» بإقليم شرق نهر الفرات

لتقوية الموقف التفاوضي مع موسكو... وتقليل نفوذ طهران

كردي يرفع صورة عبد الله أوجلان في باريس أمس (أ.ف.ب)
كردي يرفع صورة عبد الله أوجلان في باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

10 خطوات أميركية لـ«الاعتراف الدبلوماسي» بإقليم شرق نهر الفرات

كردي يرفع صورة عبد الله أوجلان في باريس أمس (أ.ف.ب)
كردي يرفع صورة عبد الله أوجلان في باريس أمس (أ.ف.ب)

يتوقع أن يقوم التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا في الفترة المقبلة بعشر خطوات عسكرية وسياسية ودبلوماسية تجاه مناطق شرق نهر الفرات تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية»، وتشمل «الاعتراف الدبلوماسي والسياسي» بالوضع الخاص لهذه المنطقة التي تبلغ مساحتها نحو 28 ألف كيلو متر مربع، أي ما يساوي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان.
وفي مايو (أيار) الماضي، اتفقت واشنطن وموسكو على اعتبار نهر الفرات خطاً فاصلاً بين مناطق شرق النهر تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية مكونها الرئيسي من جهة، ومناطق غرب الفرات تحت سيطرة قوات النظام السوري بحماية الجيش الروسي من جهة ثانية.
وأدى العمل بمذكرة «منع الصدام» بين الجيشين إلى تجنب حصول مواجهة عسكرية بين الطيران الأميركي والروسي خلال المعارك ضد «داعش» وتحرير مدينتي الرقة ودير الزور، رغم السباق بين الطرفين على قضم مناطق «داعش»؛ ما سمح بعبور «قوات سوريا الديمقراطية» نهر الفرات والسيطرة على مدينة الطبقة وسدها الاستراتيجي، مقابل عبور قوات النظام النهر للسيطرة على مدينتي البوكمال والميادين. وباتت مدينة البوكمال حالياً تحت سيطرة فصائل تدعمها إيران مع حضور رمزي لقوات النظام.
وجرى تعزيز التفاهم العسكري الأميركي - الروسي و«منع الصدام» في نوفمبر (تشرين الثاني) لدى إقرار الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب مذكرة التفاهم، التي تضمنت استمرار التنسيق العسكري، وإقرار اتفاق «خفض التصعيد» جنوب غربي سوريا مقابل دعم حل سياسي يقتصر على إصلاحات دستورية في دمشق. وكان ذلك بمثابة قرار أميركي بـ«ترك» غرب الفرات إلى روسيا وحلفائها.
وبحسب مسؤول غربي، فإن الإدارة الأميركية بصدد إقرار استراتيجية جديدة تخص سوريا، وأن المؤسسات الأميركية قدمت خيارات عدة، إضافة إلى «لا ورقة» بنيت على نتائج اجتماع وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون مع نظرائه الـ18 من حلفاء المعارضة في نيويورك نهاية العام الماضي، وتضمنت ربط إعادة الإعمار في سوريا بالانتقال السياسي، وتصورات واشنطن للحل السياسي في سوريا عموماً، وشروط توفير وحدتها.
وقال المسؤول لـ«الشرق الأوسط»: إن «الإشارة الملموسة» الأولى باتجاه التوجهات الأميركية الجديدة جاءت من وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس لدى قوله إن واشنطن سترسل «دبلوماسيين» إلى مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» للعمل إلى جانب الخبراء العسكريين. وقال: إن «لدينا خطاً فاصلاً» بين المناطق التي يسيطر عليها حلفاء الولايات المتحدة في الشرق السوري، وتلك الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية المدعومة من روسيا في الغرب و«سيكون من الخطأ تجاوز هذا الخط». وزاد: «سترون مزيداً من الدبلوماسيين على الأرض. سننتقل من السيطرة على الأراضي إلى تأمين الاستقرار، وإن العسكريين سيؤمّنون تحرّك دبلوماسيينا وأمنهم». وبحسب المعلومات، فإن الخطوات الأميركية تتضمن عشرة عناصر:
أولاً، زيادة الدعم العسكري إلى «قوات سوريا الديمقراطية»؛ إذ وقّع الرئيس ترمب في منتصف الشهر الماضي قراراً تنفيذياً للاستمرار في تسليح هذه القوات ورفع عددها من 25 إلى 30 ألفاً، متجاهلاً وعده لنظيره التركي رجب طيب إردوغان بالتوقف عن تسليح الأكراد وسحب السلاح الثقيل منها بعد هزيمة «داعش».
ثانياً، تدريب «قوات سوريا الديمقراطية» مع تغيير دورها بحيث تتحول إلى جيش نظامي يحافظ على الاستقرار بعد تحرير «داعش»، إضافة إلى تدريب عناصر شرطة وضبط الأمن في هذه المناطق التي تنتشر فيها خلايا لـ«داعش» وتضم نحو ثلاثة آلاف عنصر.
ثالثاً، تقوية المجالس المحلية المدنية التي تحكم المناطق المحررة من «داعش»، وكان مجلسا الرقة والطبقة ضمن التصور المستقبلي لهذه المناطق.
رابعاً، إعادة الإعمار عبر حض دول التحالف الدولي لتوفير الموارد المالية والبشرية لإعمار المدن المدمرة، حيث يطرح في هذا السياق تحويل الرقة إلى «لاس فيغاس الشرق».
خامساً، تعزيز الخدمات والبنية التحتية، إضافة إلى الإفادة من الموارد الطبيعية الموجودة، وتشمل مصادر رئيسية من النفط والغاز والزراعة والمياه؛ ذلك أن «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على أهم حقول الغاز والنفط وأكبر السدود السورية.
سادساً، تدريب الأجهزة الحكومية والقضائية. وهنا كان لافتاً إعلان الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو، الخميس، أن المتطرفات الفرنسيات اللواتي أوقفن في «كردستان السورية» من «قوات سوريا الديمقراطية» ستتم «محاكمتهن هناك»، إذا كانت «المؤسسات القضائية قادرة على ضمان محاكمة عادلة» لهن مع «احترام حقوق الدفاع». وأثار هذا الموقف غضب إردوغان خلال محادثاته مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل يومين.
سابعاً، توفير حماية جوية لهذه المناطق، وبقاء القواعد العسكرية التي تضم خمس قواعد شرق نهر الفرات يعمل فيها نحو ألفي عسكري وخبير أميركي، وأقاموا غرف عمليات مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية».
سابعاً، الاعتراف الدبلوماسي في هذه المناطق. وعلم أن خبراء يعملون على تطوير مطار الرميلان، وقاعدة عسكرية أخرى لاستقبال دبلوماسيين أميركيين في الأسابيع المقبلة.
ثامناً، ضغط واشنطن باتجاه مشاركة ممثلي «قوات سوريا الديمقراطية» والجسم السياسي في العملية السياسية في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة، رغم تحفظات أنقرة التي تعارض لعب «وحدات حماية الشعب» وذراعها السياسية «الاتحاد الديمقراطي» أي دور سياسي.
تاسعاً، دعم العملية الانتخابية الجارية في مناطق فيدرالية الشمال. وكان مقرراً أن تجري انتخاباتها البرلمانية في 19 الشهر الحالي، لكن مسؤولاً كردياً قال أمس إنه جرى تأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق، لافتاً إلى اتصالات تجري لتشكيل مؤسسات في مناطق فيدرالية الشمال، تشمل حكومة ووزارات وبرلمان وسفارات.
عاشراً، توفير الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لـ«إقليم شرق نهر الفرات» وتوفير حماية لإقليم عفرين ومنبج، حيث تنتشر «قوات سوريا الديمقراطية» وتقيم روسيا مراكز عسكرية وغرفاً مشتركة. وربط واشنطن للتعاون بين «إقليم شرق الفرات» ودمشق تحقيق تسوية سياسية وانتقال سياسي ولا مركزية. وطرح هنا، أن وثيقة «مؤسسة رند» وتضمنت «خطة للسلام السوري»، مرجعية أساسية في تفكير واشنطن لجهة اللامركزية والإدارات المحلية والعلاقة مع المركز.
وأوضح مسؤول غربي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن واشنطن عملت على دعم سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على شرق نهر الفرات ومصادر الطاقة هناك لتحقيق ثلاثة أهداف: «الأول، للتأكيد لإيران أن واشنطن لن تقبل تسلمها سوريا وشرقها. الثاني، تحسين الموقف التفاوضي مع دمشق وموسكو حول التسوية السياسية المستقبلية. الثالث، تقوية الموقف التفاوضي للأكراد مع دمشق بقبول روسي لهذا الأمر؛ ما يفسر إقامة (قوات سوريا الديمقراطية) علاقات طيبة مع الجيشين الأميركي والروسي».
في سياق العناصر الثلاثة، تعتقد واشنطن أيضاً أن تعزيز وضع مناطق هدنة جنوب غربي سوريا بتفاهم أميركي - روسي – أردني، ومشاركة دول غربية في دعم بنية تحتية فيها يعززان الموقف التفاوضي إزاء التسوية السورية وضد الوجود الإيراني. وعلم أنه بعد قرار غرفة العمليات العسكرية بقيادة «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) وقف الدعم العسكري والمالي نهائياً عن فصائل الجنوب ونحو 35 ألف مقاتل وتسليمهم في 31 أشهر الماضي آخر راتب، يجري العمل حالياً على تدريب وتمويل خمسة آلاف مقاتل ليكونوا عناصر شرطة وحرس حدود مع الأردن وخطوط التماس في هدنة الجنوب. كما تسعى واشنطن إلى إقناع موسكو بالسماح لـ«قوات سوريا الديمقراطية» بالتوغل في مدينة البوكمال قرب العراق، بدلاً من ميليشيات تدعمها إيران التي أرادت الحفاظ على خط الإمداد من طهران إلى بغداد إلى دمشق ووصولاً إلى بيروت. وكان قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ساهم شخصاً في السيطرة على البوكمال.
وليس معروفاً مستقبل القاعدة الأميركية في التنف في زاوية الحدود السورية - الأردنية – العراقية؛ إذ إن واشنطن دربت فصائل لقتال قوات النظام ثم طلبت من مقاتلي الفصائل مواجهة «داعش» الذي تلاشى. وإذ تربط أميركا وجودها شرق البلاد بتحقيق العملية السياسية نتائج ملموسة في جنيف، فإن دولاً في التحالف الدولي انسحبت من قاعدة التنف ومناطق أخرى، كان بينها النرويج التي كانت تشارك بـ70 خبيراً عسكرياً في التنف.
في المقابل، بدأت دمشق تصعيداً ضد «قوات سوريا الديمقراطية» ووصفها الرئيس بشار الأسد بـ«الخيانة»؛ الأمر الذي دفع واشنطن إلى تأكيد الاستعداد لـ«الدفاع» عن حلفائها. وبدأت دمشق اتصالات مع عشائر وقيادات محلية للانقلاب على الأكراد وتفكيك «قوات سوريا الديمقراطية». وقال مصدر مقرب من دمشق: «نحن باقون وستكون أولويتنا العودة إلى شرق نهر الفرات. نحن باقون والأميركيون سيغادرون بعد سنة أو سنتين». وأشارت إلى أن دمشق «تراهن على الوقت وقصر نفس الجانب الأميركي وعدم استعداده للتصعيد العسكري شرق سوريا في المدى الطويل».



وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير يمني ينفي توقف تصاريح السفن إلى ميناء عدن

سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)
سفينة شحن أميركية راسية في ميناء عدن (أرشيفية - رويترز)

نفى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، صحة الأنباء التي تداولتها بعض المنصات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن وقف منح تصاريح دخول السفن إلى ميناء العاصمة المؤقتة عدن، مؤكداً أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنها تندرج في إطار الإشاعات التي تستهدف إرباك المشهد الاقتصادي والملاحي في البلاد.

وأوضح الإرياني، في تصريح رسمي، أنه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على طمأنة الرأي العام والقطاعَين التجاري والملاحي، جرى التواصل المباشر مع الجانب السعودي للتحقق مما أُثير، حيث تم تأكيد عدم صحة هذه الادعاءات بشكل قاطع، وأن الإجراءات المعمول بها تسير بصورة طبيعية ودون أي تغيير.

وأضاف أن عدداً من تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن تم إصدارها خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، بما يدحض كل ما تم تداوله من معلومات مغلوطة.

وشدد الوزير اليمني على أن ميناء عدن يواصل أداء مهامه وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعتمدة، وأن حركة الملاحة والتجارة مستمرة بوتيرة طبيعية.

ودعا الإرياني وسائل الإعلام ورواد المنصات الرقمية إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، وتجنّب الانجرار خلف الشائعات التي لا تخدم استقرار البلاد ولا تصب في مصلحة المواطنين أو الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، ثمّن الوزير عالياً المواقف السعودية، ودورها الداعم لليمن في مختلف الظروف، وحرصها المستمر على تسهيل حركة التجارة والإمدادات، بما يُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز الاستقرار في المناطق المحررة.

تنسيق حكومي - أممي

بالتوازي مع ذلك، بحث وزير النقل اليمني، الدكتور عبد السلام حُميد، في العاصمة المؤقتة عدن، مع مصطفى البنا المنسق الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أوجه الدعم الذي يقدمه المكتب إلى القطاعات والمؤسسات والهيئات التابعة للوزارة، خصوصاً في مجالات التدريب والتأهيل وبناء القدرات وتوفير الوسائل والمعدات الفنية.

وأشاد وزير النقل اليمني بالدعم الذي قدمه البرنامج الأممي، بما في ذلك توفير وسائل الاتصالات والتجهيزات للمركز الإقليمي لتبادل المعلومات البحرية، ووسائل مراقبة التلوث للهيئة العامة للشؤون البحرية، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات لمؤسسات المواني والهيئة عبر برنامج مكافحة الجريمة البحرية العالمية في خليج عدن والبحر الأحمر.

ميناء عدن تعرض لأضرار كبيرة جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون (الأمم المتحدة)

وقدم الوزير حُميد عرضاً مفصلاً عن احتياجات المواني والمطارات اليمنية، وفي مقدمتها ميناء ومطار عدن، إلى أجهزة كشف المتفجرات، بهدف تنسيق الدعم مع البرنامج الأممي والدول والصناديق المانحة.

وأكد أن توفير أجهزة حديثة ومتطورة لتفتيش الشحنات والمسافرين يُعد أولوية قصوى في ظل التحديات الأمنية الراهنة، لما لذلك من أثر مباشر في تعزيز أمن الملاحة البحرية وسلامة حركة الطيران المدني.

وتحدّث وزير النقل اليمني عن حرص وزارته على تسهيل عمل مكتب الأمم المتحدة وتذليل الصعوبات التي قد تعترض تنفيذ أنشطته، بما ينعكس إيجاباً على كفاءة أداء المواني والمطارات، ويعزز ثقة المجتمع الدولي بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة المنافذ الحيوية وفق المعايير المعتمدة.

ونسب الإعلام الرسمي اليمني إلى المسؤول الأممي أنه أشاد بمستوى التعاون والتنسيق القائم مع وزارة النقل والمؤسسات التابعة لها، مثمناً الجهود المبذولة لإنجاح برامج الدعم الفني والأمني.

وأكد المسؤول أن المكتب الأممي سيواصل تقديم الدعم اللازم إلى المؤسسات البحرية وسلطات إنفاذ القانون في اليمن، إلى جانب التنسيق مع الجهات المانحة لتوفير وسائل الكشف عن المتفجرات والأسلحة، بما يُسهم في تعزيز أمن النقل البحري والجوي ودعم الاستقرار الاقتصادي.


الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يجندون مئات السجناء في عمران وصعدة مقابل إطلاقهم

سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)
سجناء أفرج عنهم الحوثيون في عمران مقابل الالتحاق بصفوفهم (إعلام حوثي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة الحوثية توسيع عمليات التجنيد القسري داخل السجون الخاضعة لسيطرتها، عبر إجبار مئات المحتجزين على الالتحاق بصفوفها والمشاركة في القتال مقابل الإفراج عنهم.

وبحسب المصادر، فقد أُجبر نحو 370 سجيناً على ذمة قضايا مختلفة في محافظتي عمران وصعدة، معقل الجماعة الرئيسي، على الخضوع لدورات تعبوية وعسكرية تمهيداً لإرسالهم إلى الجبهات.

وأفادت المصادر بأن الجماعة أطلقت في الأيام الماضية حملة تجنيد جديدة استهدفت مئات المحتجزين، بينهم سجناء على ذمة قضايا جنائية، في سجون عمران وصعدة. وشملت الحملة وعوداً بالعفو، وتسوية الملفات القضائية، مقابل الموافقة على الانخراط في القتال، في خطوة وُصفت بأنها جزء من سياسة ممنهجة لاستغلال أوضاع السجناء وظروفهم القاسية.

وفي محافظة عمران، تحدثت المصادر عن زيارات ميدانية نفذها قادة حوثيون، يتصدرهم القيادي نائف أبو خرفشة، المعين مشرفاً على أمن المحافظة، وهادي عيضة المعين في منصب رئيس نيابة الاستئناف، إلى السجون في مركز المحافظة ومديريات أخرى. ووفقاً للمصادر، جرى الإفراج عن 288 سجيناً بعد إجبارهم على القبول بالالتحاق بالجبهات القتالية.

قادة حوثيون يزورون أحد السجون الخاضعة لهم في صعدة (إعلام حوثي)

وأكد حقوقيون في عمران لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر حوثية مارست ضغوطاً وانتهاكات واسعة بحق المحتجزين، شملت التهديد بالعقوبات، وسوء المعاملة، والحرمان من الزيارة، لإجبارهم على القبول بالذهاب إلى الجبهات، مقابل الإفراج عنهم، وتقديم مساعدات محدودة لذويهم. وعدّ الحقوقيون هذه الممارسات شكلاً صارخاً من أشكال التجنيد القسري المحظور بموجب القوانين الدولية.

ويروي أحد السجناء المفرج عنهم حديثاً في عمران، طلب إخفاء اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادات في الجماعة نفذت زيارات متكررة للسجن الاحتياطي وسط المدينة، وعرضت على المحتجزين أكثر من مرة الإفراج مقابل الالتحاق بدورات قتالية. وقال: «من يرفض يتعرض لعقوبات داخل السجن أو يُحرم من الزيارة». وأضاف أن التهديد المستمر، وسوء المعاملة دفعاه في النهاية إلى القبول بالانضمام للجماعة.

تجنيد في صعدة

فيما تندرج هذه التحركات ضمن مساعي الحوثيين لزيادة أعداد مقاتليهم، أفادت مصادر محلية بأن الجماعة أفرجت في محافظة صعدة عن 80 سجيناً من الإصلاحية المركزية والسجن الاحتياطي، بعد إجبارهم على الموافقة على الالتحاق بصفوفها والخضوع لدورات تعبوية.

وسبق ذلك قيام القيادي المنتحل صفة النائب العام محمد الديلمي، إلى جانب رئيسي محكمة ونيابة الاستئناف في صعدة سليمان الشميري وإبراهيم جاحز، بزيارات إلى السجون، أصدروا خلالها تعليمات بالإفراج عن المحتجزين مقابل انخراطهم في القتال.

قيادات حوثية تفرج عن سجناء مقابل الالتحاق بجبهات القتال (فيسبوك)

وتقول أم أحد المعتقلين في السجن المركزي بصعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر حوثية زارت منزلهم وأبلغتهم بأن الإفراج عن ابنها مرهون بموافقة الأسرة على ذهابه للجبهات. وتضيف: «نحن بين نارين، إما أن يموت داخل السجن نتيجة التعذيب والانتهاكات، وإما يُزج به في جبهات القتال».

وتأتي هذه الخطوات في ظل سعي الجماعة إلى تعزيز حضورها العسكري في الجبهات التي تشهد ضغوطاً متواصلة، إلى جانب مشاركتها فيما تسميه «معركة تحرير فلسطين».

تصاعد الشكاوى

ولا تقتصر المساومات الحوثية على سجناء عمران وصعدة، إذ امتدت خلال الفترة الأخيرة إلى محتجزين في محافظات عدة تحت سيطرتها، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وحجة. وكان آخر هذه الحالات الإفراج عن نحو 219 محتجزاً في سجون بمحافظة تعز، تنفيذاً لتوجيهات أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

جماعة الحوثي جندت مجاميع كبيرة من السجناء خلال الفترات الماضية (فيسبوك)

ويتزامن ذلك مع تصاعد شكاوى عائلات المحتجزين من تكثيف أعمال التطييف والتعبئة القسرية داخل السجون، حيث يحذر حقوقيون يمنيون من أن الإفراج المشروط بالتجنيد يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، ويحوّل السجناء إلى وقود بشري.

ويشدد الحقوقيون على ضرورة حماية حقوق المعتقلين، ووقف استغلالهم في العمليات القتالية، والدفع نحو حلول سلمية شاملة تضع حداً للنزيف الإنساني المتواصل.


«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«المحاسبون القانونيون» تحت طائلة الاستهداف الحوثي

جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)
جانب من فعالية سابقة نظمتها جمعية المحاسبين اليمنيين في صنعاء (فيسبوك)

وسّعت الجماعة الحوثية من دائرة انتهاكاتها الممنهجة لتطال عشرات المحاسبين القانونيين اليمنيين في العاصمة المختطفة صنعاء، عبر حملات تعقّب، وملاحقة، وتهديدات مباشرة بالتصفية، إلى جانب الاعتقال التعسفي، والإخضاع للتطييف الفكري، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية، وتمثل تهديداً خطيراً لاستقلال المهنة، وسلامة العاملين فيها، وانعكاساً سلبياً على بيئة العمل القانونية والمحاسبية في البلاد.

ودفعت هذه الممارسات المتصاعدة منتسبي مهنة المحاسبة القانونية في صنعاء إلى عقد سلسلة اجتماعات طارئة، وإصدار بيانات إدانة شددت على ضرورة الوقوف في وجه الجماعة، واتخاذ خطوات تصعيدية للدفاع عن حقوق المحاسبين، وحماية مهنيتهم في عموم مناطق سيطرة الحوثيين.

وأعربت «جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين» (مقرها صنعاء) عن قلقها البالغ إزاء تزايد الانتهاكات، والتهديدات، وأعمال الخطف التي يتعرض لها منتسبوها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، معتبرة أن تكرار هذه الممارسات بات يشكل تهديداً واضحاً لاستقلال المهنة، وسلامة أعضائها، ويقوّض أسس العمل المهني القائم على الحياد، والشفافية.

عبر الانتماء السلالي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

وأوضحت الجمعية، في بيان، أن المحاسب القانوني محمود الحدي تلقى أخيراً تهديدات مباشرة وصريحة عبر الهاتف بالتصفية الجسدية، صدرت عن مشرف حوثي بارز يُدعى شرف أحمد الجوفي. وأكدت أن التهديد بالقتل، والإساءة، وتوجيه الشتائم جرت أثناء حضور عدد من أعضاء الهيئة الإدارية للجمعية، في واقعة عدّتها انتهاكاً صارخاً للقانون، والأعراف المهنية.

وأشار البيان إلى أن المحاسب القانوني عزّ الدين الغفاري تعرّض قبل فترة للاحتجاز التعسفي من قبل ما تُسمى إدارة البحث الجنائي الخاضعة للجماعة في صنعاء، وذلك بإيعاز من قاضٍ موالٍ للحوثيين يعمل بمحكمة استئناف العاصمة المختطفة، على خلفية قيامه بمهامه المهنية في مراجعة شفافة لإحدى القضايا، في مؤشر على استخدام أدوات القضاء والأمن لتصفية الحسابات المهنية.

وعبّرت الجمعية عن إدانتها الشديدة لكل أشكال التهديد، والاعتداء، والاختطاف المستمرة التي طالت ولا تزال محاسبين قانونيين في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الانتهاكات، والتحرك لحماية العاملين في هذا القطاع الحيوي.

استمرار التعسف

هاجم مصدر نقابي في جمعية المحاسبين اليمنيين بصنعاء كبار قادة ومشرفي الجماعة، متهماً إياهم باتخاذ مزيد من الإجراءات والممارسات التعسفية المخالفة للقانون ضد العشرات من زملائه في صنعاء، ومدن أخرى، محذّراً من انعكاسات خطيرة على مهنة العمل المحاسبي والقانوني، وعلى الثقة العامة بالبيئة الاقتصادية.

وكشف المصدر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» طلب فيه عدم ذكر اسمه، عن تعرّض أكثر من 16 مكتباً ومركزاً للمحاسبة والمراجعة والتدريب القانوني في صنعاء، إلى جانب عشرات المحاسبين الإداريين والقانونيين، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لحملات ابتزاز، ومضايقة، وإغلاق قسري، فضلاً عن اختطاف، واعتقال تعسفي، وغير قانوني.

وأضاف أن الجمعية تواصل اتخاذ خطوات تصعيدية متاحة للدفاع عن أعضائها، وحماية كرامتهم، والتمسك بأداء واجبها في خلق بيئة مهنية آمنة تتيح للمحاسب أداء مهامه باستقلالية وحياد كاملين، بعيداً عن أي ضغوط، أو تهديدات، مؤكداً أن الصمت إزاء هذه الانتهاكات سيقود إلى مزيد من التدهور المؤسسي.

جانب من انتشار أمني حوثي في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وتضم جمعية المحاسبين اليمنيين نحو ثلاثة آلاف عضو نشط، ولها فروع عدة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين. كما تواصل عملها بالشراكة مع منظمات دولية متخصصة في دعم العمل المحاسبي والقانوني، عبر تنظيم فعاليات ومؤتمرات تهدف إلى تعزيز معايير المهنة، والحوكمة، والشفافية.

ومنذ اقتحام الحوثيين صنعاء ومدناً أخرى، عمدت الجماعة إلى التضييق على المحاسبين القانونيين، واتخاذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق كثير منهم، في مسعى لفرض السيطرة على قطاع يُعد من ركائز النزاهة المالية، والرقابة، وتسخيره –على غرار قطاعات أخرى– لخدمة أجندتها.

كما أخضعت خلال فترات سابقة مئات المحاسبين للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن ما تسميه «معركة الجهاد المقدس»، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من تسييس المهنة، وتقويض أسسها المهنية.