الانتخابات الكينية قد تدخل البلاد في مرحلة عدم الاستقرار

المقاطعون يصفونها بالمهزلة ويشتبكون مع الشرطة في عدد من المدن

عناصر من  الشرطة الكينية يحرسون مركز اقتراع في العاصمة نيروبي (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الكينية يحرسون مركز اقتراع في العاصمة نيروبي (أ.ف.ب)
TT

الانتخابات الكينية قد تدخل البلاد في مرحلة عدم الاستقرار

عناصر من  الشرطة الكينية يحرسون مركز اقتراع في العاصمة نيروبي (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الكينية يحرسون مركز اقتراع في العاصمة نيروبي (أ.ف.ب)

يهدد تنظيم الانتخابات الرئاسية الكينية إدخال البلاد في مرحلة طويلة من انعدام الاستقرار. وفرضت تدابير أمنية مشددة أمس الخميس في العاصمة نيروبي وباقي المدن الكينية، مع بدء الانتخابات الرئاسية رغم التعقيدات القضائية والدستورية، بعد أسابيع من التوتر السياسي. وبالأمس بدأ الكينيون الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي يضمن فيها الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا الفوز بولاية ثانية في مواجهة مقاطعة المعارضة التي تطعن بمصداقية العملية. وقال جاكسون أوتيينو في مدينة سيايا لوكالة الصحافة الفرنسية «لن نذهب للتصويت. هذا لا يهمنا، لأننا نعرف منذ الآن من سينتصر. إنها مهزلة».
وتجري الانتخابات الكينية الجديدة بعدما ألغت المحكمة العليا في الأول من سبتمبر (أيلول) بطلان نتائج انتخابات 8 أغسطس (آب) التي أعلن فيها فوز الرئيس أوهورو كينياتا بـ54 في المائة من الأصوات مقابل 44 في المائة لرايلي أودينغا.
وقتل ما لا يقل عن أربعين شخصا منذ 8 أغسطس، معظمهم في عمليات القمع الشديدة التي مارستها الشرطة ضد المتظاهرين، وفق منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان.
واندلعت صدامات صباح الخميس في عدد من معاقل المعارضة بين قوات الأمن ومتظاهرين أقاموا حواجز وأحرقوا أحيانا إطارات، على ما أفاد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعي نظريا نحو 19,6 مليون ناخب مدرجين على القوائم الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 40 ألف مركز اقتراع في أنحاء البلاد، غير أن الوضع في مناطق المعارضة الخميس كان في تباين كبير مع الحركة المسجلة في انتخابات الثامن من أغسطس (آب) التي ألغت المحكمة العليا نتائجها لحصول «مخالفات» وأمرت بإعادتها. ودعا زعيم المعارضة رايلا أودينغا (72 عاما) أنصاره إلى لزوم منازلهم الخميس، معتبرا أن الشروط غير متوافرة لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة. وفي حي كيبيرا الفقير في نيروبي، تدخلت الشرطة مستخدمة الغاز المسيل للدموع وأطلقت النار في الجو لتفريق متظاهرين حاولوا قطع الطريق إلى عدد من مراكز الاقتراع، على ما أفاد مصور في وكالة الصحافة الفرنسية. كما جرت مشاهد مماثلة في حي ماثاري الفقير في نيروبي، كما في مدينتي كيسومو وميغوري في غرب البلاد، وكلها معاقل لأنصار رايلا أودينغا.
وفي كيسومو، كبرى مدن غرب البلاد، بدا من المستحيل أن تجري عمليات التصويت في ظل الوضع السائد، مع غياب قسم من اللوازم الانتخابية كالصناديق والمعدات الإلكترونية، وبوجود مراكز مغلقة بسلاسل وأقفال ومع عدم إقبال الناخبين وبقاء المسؤولين الانتخابيين في منازلهم خوفا من التعرض لهجمات، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.
كما وقعت صدامات في سيايا وهوما باي في غرب البلاد بين الشرطة ومجموعات من الشبان أقامت حواجز على الطرقات الرئيسية.
وقال جوشوا نياموري (42 عاما) المؤيد لأودينغا مستنكرا حين أتى للإدلاء بصورته ووجد المركز مغلقا في كيسومو، حيث غالبية السكان من إتنية لوو التي ينتمي إليها زعيم المعارضة، «لا أفهم كيف لم يتم اتخاذ أي ترتيبات لعملية التصويت. حتى لو أراد عشرة أشخاص فقط الإدلاء بأصواتهم، يجب فتح مراكز الاقتراع!» وتابع: «إنني قلق لأن البعض مضطر إلى لزوم منازلهم، إنهم يخشون التعرض لهجمات» في حين يودون التصويت على حد قوله.
وقال سائق سيارة الأجرة ديفيد نجيرو (26 عاما) الذي قدم للتصويت في ماثاري، الحي الفقير في نيروبي، «من واجبي أن أصوت. في المرة الأخيرة، كان صف الانتظار يلتف من حول الحي واضطررت إلى الانتظار ست ساعات للإدلاء بصوتي. لكن هذه المرة، عدد الناخبين ضئيل».
وكانت قد بررت المحكمة العليا قرار الإلغاء نتيجة الانتخابات، الذي شكل سابقة في أفريقيا، بحصول مخالفات في نقل النتائج. وإذ برأت المرشحين، ألقت مسؤولية تنظيم انتخابات «غير شفافة وغير قابلة للتثبت من نتائجها» على عاتق اللجنة الانتخابية.
وعلى إثر هذا القرار، مارس أودينغا الذي ترشح ثلاث مرات حتى الآن للرئاسة من غير أن يحالفه الحظ، ضغوطا من أجل إصلاح هذه اللجنة، وإن كانت الهيئة أجرت تعديلات طفيفة، إلا أن المعارضة ترى أنها ما زالت منحازة للحزب الحاكم. وما عزز هذا الموقف الشكوك التي أبداها رئيس اللجنة نفسه وافولا شيبوكاتي الأسبوع الماضي حيال قدرتها على ضمان مصداقية التصويت.
وهذا ما حمل أودينغا في 10 أكتوبر (تشرين الأول) على إعلان انسحابه من الانتخابات، غير أنه لم يتخذ تدابير رسمية للانسحاب ولا يزال اسمه مدرجا على بطاقات التصويت المتوافرة للناخبين، إلى جانب كينياتا والمرشحين الستة الآخرين. وندد أودينغا بـ«الديكتاتورية» التي تهيمن على كينيا داعيا إلى قيام «حركة مقاومة وطنية» ضد «سلطة الحكومة غير الشرعية».
ومن المتوقع ما لم يحصل تطور غير منتظر، أن يفوز أوهورو كينياتا بولاية جديدة، غير أنه سيعاني من قصور ديمقراطي في هذا البلد، وسيخضع فوزه قبل المصادقة عليه رسميا حتى لكثير من الطعون القضائية. ومن هذا المنظار، سيكون حجم المقاطعة أساسيا لكينياتا زعيم إتنية كيكويو، الأكبر والأكثر نفوذا في هذا البلد. وتشهد كينيا منذ أسابيع أسوأ أزمة سياسية تعيشها منذ عشر سنوات، أحيت الانقسامات الاجتماعية والإتنية العميقة في هذا البلد البالغ عدد سكانه 48 مليون نسمة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.