بارزاني مخاطباً المجتمع الدولي: بديل حقيقي خلال 3 أيام أو الاستفتاء

توتر في كركوك بعد إطلاق حزب تركماني النار على محتفلين

محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي في تجمع دعماً لاستفتاء الاستقلال أمس (أ.ف.ب)
محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي في تجمع دعماً لاستفتاء الاستقلال أمس (أ.ف.ب)
TT

بارزاني مخاطباً المجتمع الدولي: بديل حقيقي خلال 3 أيام أو الاستفتاء

محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي في تجمع دعماً لاستفتاء الاستقلال أمس (أ.ف.ب)
محافظ كركوك الكردي نجم الدين كريم الذي أقاله البرلمان العراقي في تجمع دعماً لاستفتاء الاستقلال أمس (أ.ف.ب)

قال رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، أمس، إن الإقليم يرفض القبول بأن يمثل «الخط الأخضر»، الذي حدده الحاكم المدني الأميركي في العراق، بول بريمر، في تسعينات القرن الماضي، كحد فاصل بين قوات البيشمركة والجيش العراقي في عهد النظام العراقي السابق، حدود إقليم كردستان. وأضاف: «يطالبوننا بالرجوع إلى الخط الأخضر لترسيم حدود كردستان، ونقول لهم ليس لدينا أي استعداد لمناقشة هذا الأمر».
وأكد بارزاني، في تجمع لدعم استفتاء الاستقلال في قضاء سوران، بمحافظة أربيل، أن «قرار الاستفتاء هو قرار الشعب الكردستاني، وليس لشخص واحد أو حزب معين». وحول وجود بديل عن الاستفتاء، قال بارزاني: «إذا لم يكن هناك بديل حقيقي خلال 3 أيام، فمن المستحيل أن نؤجل الاستفتاء. وفي حال وجد البديل الضامن لحقوقنا، فإننا سوف نحتفل في 25 سبتمبر (أيلول)، ونقيم احتفالات جماهيرية. وإذا لم يصلنا البديل، فسنصوت جميعاً».
إلى ذلك، كانت الليلة قبل الماضية الأكثر توتراً منذ نحو عام في مدينة كركوك الغنية بالنفط (واحدة من المدن المتنازعة عليها بين أربيل وبغداد)، حيث استقبلت إحدى مقرات الجبهة التركمانية في المدينة احتفالات مجموعة من الشباب الكرد والعرب من سكان كركوك، ضمن الحملة الدعائية للاستفتاء، بوابل من الرصاص، مما أسفر عن مقتل شاب كردي، وإصابة 4 آخرين، اثنين منهم من المكون العربي.
وأعلنت القوات الأمنية في محافظة كركوك، بعد مضي وقت قصير على الحادثة، أن الوضع تحت السيطرة، وأكدت أنها تتخذ إجراءات عدة للحيلولة دون وقوع أي أعمال عنف أو حوادث إرهابية في المدينة، مع اقتراب موعد الاستفتاء، الاثنين المقبل.
وقال مسؤول إعلام قوات الآسايش (الأمن الكردي) في كركوك، النقيب فرهاد حمه علي، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم وقوع بعض الحوادث الليلة قبل الماضية في كركوك، فإن أوضاع المدينة مستقرة، وليست متوترة بالشكل الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام، ومديرية الآسايش في كركوك، وبالتنسيق مع قوات الشرطة وكل الأجهزة الأمنية الأخرى، على أهبة الاستعداد، وقد نشرنا قواتنا في مناطق المدينة كافة، خصوصاً في الشوارع والأماكن العامة»، لافتاً إلى أن قوات الآسايش والقوات الأمنية مستعدة دائماً للتصدي للذين يحاولون المس بالتعايش السلمي والأخوة الموجودة بين مكونات كركوك.
وسلط حمه علي الضوء على أحداث كركوك الليلة قبل الماضية، مشيراً إلى أن عدداً من حراس أحد مقرات الجبهة التركمانية في كركوك، التي تسمى بالحركة القومية التركمانية، أطلقوا النار على عدد من شباب كركوك من القوميتين الكردية والعربية أثناء احتفالهم ضمن الحملة الإعلامية لعملية الاستفتاء على الاستقلال، حيث كانوا يعلقون أعلام كردستان، وأسفر إطلاق النار عن مقتل شاب كردي، وإصابة 4 آخرين، اثنين منهم من المكون العربي. في حين تعرضت دورية تابعة لشرطة الطوارئ في المدينة إلى هجوم بقذيفة «آر بي جي»، دون أن تقع خسائر في صفوف قوات الشرطة.
في غضون ذلك، شهدت قلعة كركوك التاريخية، وسط المدينة، أمس، مهرجاناً شعبياً واسعاً لدعم استفتاء الاستقلال، شارك فيه محافظ كركوك نجم الدين كريم، وقيادات من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ونائب رئيس إقليم كردستان كوسرت رسول علي، وقائد قوات البيشمركة في محور كركوك محمد حاج محمود، وعدد من المسؤولين الحزبيين والحكوميين وشيوخ العشائر، وأبناء مكونات كركوك كافة. وقال محافظ كركوك، الذي صوت مجلس النواب العراقي الأسبوع الماضي على إقالته، في كلمة: «ستبقى كركوك مدينة كردستانية، مجيئكم اليوم والمشاركة في هذا المهرجان أظهر مرة أخرى للعالم كردستانية كركوك»، مشيراً إلى أن مكونات كركوك تعيش بسلام في ظل قوات البيشمركة، والدماء التي ضحت بها من أجل حماية كركوك، والحفاظ على الاستقرار فيها.
وبدوره، شدد الشيخ مسرور ناجي الفاضل الجبوري، أحد رؤساء قبيلة الجبور في كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «حالياً، الوضع في المدينة هادئ ومطمئن، ونحن كمكون عربي ليس لدينا مخاوف من المستقبل، فنحن - مكونات المدينة - نعيش منذ عام 2003 في ظل التعايش السلمي؛ حقيقة نحن نطمع إلى مستقبل مشرق لهذه المدينة»، مشدداً على أن العلاقات بين مكونات المدينة علاقات وطيدة، ولا خوف عليها، ولن تحدث أي مشكلات بين هذه المكونات. وعما إذا كان أبناء المكون العربي السني في كركوك سيؤيدون الاستفتاء على الاستقلال، أوضح الجبوري: «الاستفتاء يصب في مصلحة جميع مكونات كركوك، لذا نحن ندعمه، وسنشارك في التصويت لصالحه».
ومن جانبه، أكد عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون التركماني، نجاة حسين،، أن الوضع في كركوك مستقر، وهناك انتشار أمني، مستبعداً حدوث أي مشكلات بين مكونات المدينة مستقبلاً، وقال: «هناك تخوف لدى جماهير التركمان في المدينة من المستقبل، لكني أرى الوضع مطمئناً في المدينة، ولن يحدث أي صِدام أو مواجهات بين الأطراف، لأن هناك كثيراً من العقلاء في كل الأطراف، الذين لن يسمحوا بأن ينزلق الموضوع إلى ما لا يُحمد عقباه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.