تصاعد الخلاف بين الحوثي وصالح مع اقتراب ذكرى الانقلاب

مسؤول حكومي: الميليشيات تكرّس مساعيها لإسقاط الدولة

طبيب يمني يعالج أطفالاً يشتبه في إصابتهم بالكوليرا في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
طبيب يمني يعالج أطفالاً يشتبه في إصابتهم بالكوليرا في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

تصاعد الخلاف بين الحوثي وصالح مع اقتراب ذكرى الانقلاب

طبيب يمني يعالج أطفالاً يشتبه في إصابتهم بالكوليرا في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
طبيب يمني يعالج أطفالاً يشتبه في إصابتهم بالكوليرا في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية في العاصمة اليمنية أن حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، انسحب من عضوية اللجنة الخاصة بالتحضير لاحتفال الانقلابيين بمناسبة ذكرى اقتحام صنعاء في الـ21 من سبتمبر (أيلول) عام 2014. وبحسب المصادر، فإن الانسحاب يأتي في إطار الخلافات المتصاعدة بين شريكي الانقلاب.
وجاء الانسحاب بعد يوم واحد على قيام رئيس ما يسمى «المجلس السياسي»، صالح الصماد، باتخاذ سلسلة قرارات استبعد فيها عدداً من القيادات الموالية لصالح من مناصبهم العليا في بعض مؤسسات «الحكومة» الانقلابية.
ويتحضر الانقلابيون للاحتفال بذكرى الانقلاب، وسط تعثر الحل السياسي ورفضهم لكل المبادرات التي قدمت من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي كان آخرها ما يتعلق بإدارة ميناء الحديدة من قبل جهة محايدة من أجل تحصيل الإيرادات ودفع المرتبات المتوقفة منذ نحو عشرة أشهر.
في السياق ذاته، اعتبر غمدان الشريف، السكرتير الصحافي لرئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر أن ذكرى احتلال صنعاء في «21 سبتمبر 2014، كابوس على الشعب اليمني، يعيش شعبنا في معاناته إلى يومنا هذا»، مؤكدا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات «أرادت من هذا الانقلاب إسقاط الجمهورية وإعلان ولاية الفقيه في صنعاء واليمن عموماً، ولكن شعبنا اليمني المناضل وقف دون تحقيق ذلك وسانده الأشقاء العرب في عاصفة الحزم الذي أفشلت هذا المشروع الإيراني وحافظت على الشرعية والجمهورية».
وأضاف الشريف أن «تنظيم الميليشيات الانقلابية الحوثية الذكرى المؤلمة الثالثة للانقلاب بشعارات تكشف مدى مشروعهم الإجرامي ونيتهم الحقيقة لإسقاط الجمهورية وشرعنتهم لإقامة ولاية خمينية في صنعاء في وقت يتصاعد الخلاف بينهم وبين شريكهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحلفائه ممن تبقى معه من حزب المؤتمر الشعبي العام الذين يحشدون لإحياء الذكرى الخامسة والخمسين لثورة 26 سبتمبر، التي أسقطت حكم الإمامة في صنعاء وهذه المناسبة العظيمة سيحتفل شعبنا اليمني بها ويحيي ذكراها. وسيكتمل ذلك الانتصار والاحتفال بهزيمة الأئمة الجدد الذين أرادوا أن يجعلوا من يوم 21 سبتمبر انقلابا على هذه الثورة وأهدافها النبيلة». وتابع الشريف: «أدعو شعبنا اليمني في جميع المحافظات، وخصوصا في صنعاء إلى إحياء ذكرى ثورة 26 من سبتمبر ورفع شعاراتها المناهضة للأئمة والجهل والتخلف وأن يكونوا خير مدافعين عن هذه الثورة ومكتسباتها».
وتتحدث أوساط يمنية كثيرة عن وصول العلاقة بين شريكي الانقلاب إلى مرحلة الطلاق، بعدما أحكم الحوثيون قبضتهم على مفاصل الدولة المغتصبة في العاصمة صنعاء والمناطق التي تحت سيطرتهم، في وقت تتحدث معلومات أخرى عن سعي الحوثيين لاعتقال علي عبد الله صالح، بعد حملات إعلامية متبادلة بين الطرفين والاستعراض الجماهيري الذي قام به صالح في ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشهر الماضي وسط ميدان السبعين في صنعاء، غير أن مصادر سياسية استبعدت قيام الحوثيين باعتقال صالح، لأن ذلك سيؤدي إلى انقسام في صفوف الميليشيات. ورغم ذلك، أكدت المصادر سعي الحوثيين إلى إضعاف صالح، بشكل كامل، بحيث لا تكون له أية قوة يستند إليها، لا عسكريا أو في الجهاز الإداري، إضافة إلى إضعاف موقفه أمام قاعدته الجماهيرية المتبقية.
وتسود حالة من الاستغراب لدى المواطنين في المناطق التي ما زالت تخضع لسيطرة الانقلابين، حيث يتوقع إقامة الاحتفالات الكبيرة التي ينفق عليها عشرات الملايين من الريالات، إلى جانب الإنفاق الكبير على ما يسمى «المجهود الحربي»، فيما لا تقوم سلطات الأمر الواقع والحكومة الانقلابية بدفع المرتبات، كما ترفض توريد الإيرادات إلى الحكومة الشرعية للقيام بواجباتها تجاه مواطنيها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.