تمسّك أكراد العراق، أمس، بخططهم لإجراء استفتاء على استقلال إقليمهم في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، على رغم تكرار الأميركيين الطلب منهم إرجاء مثل هذه الخطوة خشية أن تؤثر سلباً على العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، وتعرقل بالتالي استراتيجية هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا. ودخلت تركيا على الخط أمس، وقال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، الذي زار بغداد قبل انتقاله إلى أربيل، إن خطوة الاستفتاء «خطأ»، في مؤشر جديد إلى مدى حساسية ملف «استقلال الأكراد» بالنسبة إلى تركيا.
وبحث المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان، خلال اجتماع أمس برئاسة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في نتائج الزيارة الأخيرة للوفد الكردي إلى بغداد لبحث موضوع الاستفتاء، وأيضاً في نتائج مباحثات بارزاني مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في أربيل أول من أمس.
وجاء اجتماع مجلس الاستفتاء في إقليم كردستان قبل وصول وزير الخارجية التركي إلى أربيل قادماً من بغداد، حيث اجتمع مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، وبحث معهما ومع القادة العراقيين الآخرين تطورات معركة تحرير تلعفر، والعلاقات بين أربيل وبغداد، خصوصاً مع اقتراب الموعد الذي حدده إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء في 25 سبتمبر.
وقالت مصادر في المجلس الأعلى للاستفتاء إن الوفد الكردي الذي أجرى في الأيام الأخيرة في بغداد سلسلة اجتماعات مع الأطراف العراقية حول عملية الاستفتاء على الاستقلال في كردستان، عرض تقريراً مفصلاً عن نتائج هذه الاجتماعات لرئيس الإقليم وأعضاء المجلس الأعلى للاستفتاء. وتطالب واشنطن والأطراف العراقية وأنقرة وطهران القيادة الكردية بتأجيل استفتاء الاستقلال، لكن رئيس الإقليم مسعود بارزاني وقادة سياسيين في كردستان يتمسكون بموعد الاستفتاء كما حددته الأطراف الكردية، أي في 25 سبتمبر.
وعن رد قيادة كردستان على المطالبات بإرجاء هذا الموعد، قال المستشار الإعلامي في مكتب رئيس إقليم كردستان، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «الرد واضح جداً: الاستفتاء لن يؤجل ولو لدقيقة واحدة إلا ببديل، والبديل ضمانات دولية توقّعها كل الأطراف، خصوصاً الأطراف الرئيسية، المتمثلة ببغداد والولايات المتحدة الأميركية، وحتى تركيا وإيران، وهذه الضمانات تكون مكتوبة، وتحدد يوماً آخر أو موعداً آخر للاستفتاء، وتتعهد باحترام نتائجه. في هذه الحالة فقط، بالإمكان تأجيل الاستفتاء، وعدا ذلك لا يمكن تأجيله، وسيجري في موعده المحدد».
وسلّط محمود الضوء على تفاصيل الملفات التي بحثها المجلس الأعلى للاستفتاء في كردستان، خلال الاجتماع الذي ترأسه بارزاني أمس، إذ قال «إن المجلس درس بشكل مفصل ردود الفعل، والاجتماعات في بغداد ونتائجها، وكان هناك ارتياح للمباحثات الإيجابية التي جرت مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، ومع رئيس البرلمان (سليم الجبوري)، ورئيس الجمهورية (فؤاد معصوم)، والكتل السياسية الرئيسية التي اجتمع معها وفد المجلس الأعلى للاستفتاء في بغداد. وعلى ضوء هذه النتائج، سيبنى الكثير من الأمور».
وكان بارزاني أكد، أول من أمس، أن الإقليم لا ينوي تأجيل الاستفتاء. وأضاف أن «الكرد وافقوا على الشراكة مع العراق لفتح صفحة جديدة، لكن للأسف لم يطرأ أي تغيير على عقلية السلطة في بغداد، واعتقد أنهم سيطلبون منا في المستقبل العودة إلى حدود الخط الأخضر في زمن حكم صدام حسين»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية. وأشار إلى أنه يطالب بـ«دولة لجميع المكونات في كردستان. نحن حينما نقول دولة كردستان، نقصد دولة بجميع مكونات كردستان... وكل المكونات ستشارك في كتابة دستور دولة كردستان وسنبذل كل الجهود لحماية المكونات الأخرى».
وبشأن انتخابات الرئاسة في إقليم كردستان، قال بارزاني: «لن أعيد ترشيح نفسي، والخطأ الأكبر في حياتي هو أنني أصبحت رئيساً لإقليم كردستان».
في غضون ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قوله، في بغداد، قبل توجهه إلى أربيل، مركز إقليم كردستان، إن الاستفتاء المقرر حول الاستقلال «خطأ». وقال أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، وفقاً للترجمة: «جئت اليوم لأؤكد أننا ندعم الوحدة العراقية، ووحدة العراق بشكل كامل».
ورداً على سؤال حول موقف تركيا من المباحثات بين أربيل وبغداد حول الاستفتاء، قال أوغلو: «قرار الاستفتاء خطأ. واليوم، عندما أقوم بزيارة أربيل، سأكرر وأقول إنه قرار خطأ»، وأكد أن «وجودي هنا اليوم للتأكيد على أننا ندعم وحدة العراق وسلامة أراضيه».
وخاطب أوغلو إقليم كردستان، قائلاً: «أكرر مرة أخرى: على أربيل أن تستفيد من الحقوق التي تطلبها ضمن الحدود العراقية الواحدة»، بحسب ما أوردته الوكالة الفرنسية، التي أضافت أنه زاد قائلاً: «نحن مستعدون للعب دورنا، إذا تلقينا طلباً من الطرفين، لإنهاء هذه المشكلات».
وبعد مباحثاته مع المسؤولين في بغداد، ولا سيما مع الرئيس فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي، توجه الوزير التركي إلى إقليم كردستان، حيث يُفترض أن يكون قد التقى بارزاني مساء. ويتمتع إقليم كردستان، المكون من 3 محافظات في شمال العراق، بالحكم الذاتي منذ عام 1991.
وسبق أن حذّر جاويش أوغلو، خلال مقابلة تلفزيونية منتصف أغسطس (آب) الحالي، من أن الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان «لن يؤدي سوى إلى تفاقم الوضع» في العراق، مضيفاً أن «هذا يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية».
من جهة أخرى، دعا الوزير التركي العراق إلى إخراج عناصر «حزب العمال الكردستاني»، التركي المعارض، الموجودين في شمال البلاد، وقال إن «وجود (حزب العمال الكردستاني) في العراق يشكّل خطراً على وحدة وسلامة الأراضي العراقية، وسندعم الحكومة العراقية بكل الإمكانات من أجل تطهير الأراضي العراقية منه».
وقوبل الإعلان عن تنظيم الاستفتاء بمعارضة من دول إقليمية تضم ملايين الأكراد، خشية أن تنتقل العدوى إليها، إذ يتوزع الأكراد أساساً بين دول أربع، هي: تركيا والعراق وإيران وسوريا.
إلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن عضو الكونغرس الأميركي رالف إبراهام، أمس (الأربعاء)، دعمه لإجراء استفتاء حول استقلال كردستان. وأعلن إبراهام، أثناء لقائه محافظ كركوك نجم الدين كريم، دعمه التام لإجراء عملية الاستفتاء الشهر المقبل، واصفاً قوات «البيشمركة» بأنها «تقاتل كالنمور» في مواجهة «داعش»، و«هي مفخرة في الحرب على الإرهاب».
وذكرت الوكالة أن عضو الكونغرس الأميركي زار مطرانية كركوك للكلدان، كما تفقّد جبهات القتال، حيث تنتشر قوات «البيشمركة».
أكراد العراق: «استفتاء الاستقلال» لن يؤجل دقيقة... إلا بضمانات
تركيا تدخل على الخط وتعتبر الخطوة «خاطئة»
أكراد العراق: «استفتاء الاستقلال» لن يؤجل دقيقة... إلا بضمانات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة