الوفد الكردي يجري مباحثات «ترطيب الأجواء» في بغداد

TT

الوفد الكردي يجري مباحثات «ترطيب الأجواء» في بغداد

واصل وفد المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان، أمس، لقاءاته مع المسؤولين العراقيين في بغداد، حيث اجتمع مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، كما التقى سفيري الولايات المتحدة وإيران، وممثلين عن «التحالف الوطني» الشيعي، ورئيس «تيار الحكمة» عمار الحكيم.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الوزراء أن اللقاء بين العبادي والوفد الكردي «شهد تثمين الجهود المشتركة بين الحكومة الاتحادية والإقليم في معركة تحرير الموصل، وأهمية استكمال تحرير كل الأراضي العراقية من عصابات (داعش) الإرهابية»، وأضاف أن اللقاء شهد أيضاً «حواراً صريحاً ومعمقاً حول ضرورة تفعيل الآليات المناسبة لحل المشكلات العالقة، وبأجواء إيجابية»، وأكد أنه تم خلال اللقاء «الاتفاق على مواصلة الحوار البناء والجاد، بما يحقق المصالح المشتركة لأبناء الشعب العراقي، ويزيل المخاوف والهواجس التاريخية المتراكمة، بما يحفظ وحدة العراق».
ولم يشر البيان إلى المهمة الأساسية التي جاء الوفد الكردي لمناقشتها في بغداد، وهي استفتاء الاستقلال عن العراق، المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، لكن العبادي قال أثناء مؤتمره الصحافي الأسبوعي، أمس، إن «الحوار مع الوفد الكردي تم وفق ما يحفظ مصلحة البلاد».
وبعد لقاء الوفد الكردي بالسفير الإيراني إيرج مسجدي، أكد الأخير في مؤتمر صحافي دعم بلاده للمباحثات الحالية بين إقليم كردستان والحكومة العراقية، وقال بشأن مسألة الاستفتاء: «أطلعنا وفد إقليم كردستان على موقفنا، وقمنا بدعوته لإجراء الحوار مع بغداد، وأن إيران ستدعم أي نتيجة تؤدي إليها هذه المباحثات في بغداد».
أما رئيس وفد المجلس الأعلى لاستفتاء إقليم كردستان روز نوري شاويس، فاعتبر أن: «الاجتماعات بشكل عام كانت إيجابية وباعثة على الأمل»، مضيفاً: «تحدثنا بصراحة عن جميع الخلافات والمشكلات التي تحتاج إلى تسوية، وبحثنا رغبة شعب كردستان في تقرير مصيره عبر الاستفتاء».
إلى ذلك، قالت النائبة عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف: «شخصياً، لا أتوقع كثيراً من النتائج، لكننا مستمرون في عملية الاستفتاء مهما كلف الأمر».
وحسب مصدر مقرب من الوفد تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «أغلب الاجتماعات التي عقدها الوفد الكردي مالت إلى ترطيب الأجواء بين بغداد وكردستان». وتوقع المصدر أن يخوض الوفد جولة أخرى من المباحثات في بغداد، يركز خلالها على موضوع الاستفتاء والقضايا الخلافية الأخرى، وأشار إلى أن نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية، «متحمس للقاء الوفد»، وأن مكتبه طلب أكثر من مرة تحديد موعد للقاء المالكي بالوفد الكردي، مضيفاً: «ذلك قد يعود إلى رغبة المالكي في ترطيب علاقاته المتوترة مع الأكراد منذ سنوات، ولعله يفكر بالاستحقاقات التي تفرضها نتائج الانتخابات النيابية المقبلة».
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن السفير الأميركي في العراق، دوغلاس آلن سيلمان، طلب من الوفد الكردي «تأجيل موضوع الاستفتاء في هذه المرحلة»، لكن المصدر نفى ذلك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».