انهيارات بصفوف «داعش» في البادية

{قوات سوريا الديمقراطية} توسّع نطاق سيطرتها في الرقة

مقاتلة من {قوات حماية الشعب} الكردية في مبنى مهجور داخل حي الصناعة في الرقة الذي دارت عنده معارك مع {داعش} (أ.ف.ب)
مقاتلة من {قوات حماية الشعب} الكردية في مبنى مهجور داخل حي الصناعة في الرقة الذي دارت عنده معارك مع {داعش} (أ.ف.ب)
TT

انهيارات بصفوف «داعش» في البادية

مقاتلة من {قوات حماية الشعب} الكردية في مبنى مهجور داخل حي الصناعة في الرقة الذي دارت عنده معارك مع {داعش} (أ.ف.ب)
مقاتلة من {قوات حماية الشعب} الكردية في مبنى مهجور داخل حي الصناعة في الرقة الذي دارت عنده معارك مع {داعش} (أ.ف.ب)

يشهد تنظيم داعش انهياراً سريعاً في صفوف مقاتليه على مختلف محاور القتال في البادية السورية، أمام التقدم السريع لقوات النظام السوري وحلفائها، إثر تمكن الأخيرة من السيطرة على مناطق واسعة في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حمص، والاقتراب من حصار التنظيم في مساحة جغرافية صغيرة لا تتعدى 8 كيلومترات، في وقت انتزعت فيه قوات سوريا الديمقراطية أحياء جديدة في مدينة الرقة، بعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش، حيث أحكمت قبضتها على أكثر من نصف مساحة المدينة التي تعدّ المعقل الرئيسي للتنظيم في سوريا.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام مدعومة بمسلحين موالين لها من جنسيات سورية ولبنانية وعراقية وأفغانية وفلسطينية «تمكنت من تحقيق تقدم استراتيجي في بادية حمص الشمالية الشرقية، تمثل بسيطرة هذه القوات، على كامل منطقة الكوم وواحتها بريف حمص الشمالي الشرقي، عقب اشتباكات عنيفة ومعارك ضارية مع التنظيم»، مؤكداً أن هذه السيطرة «جاءت بغطاء جوي مكثف من قبل سلاح الجو الروسي، بالإضافة لطائرات النظام الحربية، مترافقة مع قصف صاروخي مكثف». وقال إن «أهمية هذا التقدم، يكمن في تضييق الخناق أكثر على التنظيم، خصوصاً أن قوات النظام باتت على بعد أقل من 25 كلم من فرض حصار كامل على التنظيم، في مساحة تقدر بنحو 8000 كلم مربع في البادية السورية».
ويأتي هذا التقدم، عقب عملية إنزال جوي نفذتها قوات النظام يوم السبت الماضي في أقصى ريف حمص الشمالي الشرقي، عند مثلث الحدود الإدارية بين الرقة وحمص ودير الزور، تمكَّنت خلالها من تقليص المسافة المتبقية في ريف حمص، بين قواتها المتقدمة من محور الحدود الإدارية مع الرقة ودير الزور، وبين قواتها الموجودة في مدينة السخنة، كذلك تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم جديد في بادية السخنة بغطاء جوي وفرضت سيطرتها على نقاط جديدة شمال السخنة.
أما على جبهات القتال في مدينة الرقة، فقد تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية مدعومة بالقوات الخاصة الأميركية، من السيطرة على حارتين داخل المدينة القديمة»، وفق ما أعلن المرصد السوري، الذي أكد أن هذا التقدم «جعل القوات المهاجمة، تسيطر على نحو 70 في المائة من المدينة القديمة، و57 في المائة من مجمل مساحة الرقة، منذ انطلاقة معركة السيطرة على المدينة في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي». وشهدت محاور القتال في حي البريد ودرعية الغربية والأطراف الشمالية الغربية من المدينة القديمة، اشتباكات بين الطرفين، وقال المرصد إن «دوي انفجارات متفرقة سمعت في المدينة، يرجح أنها ناجمة عن تفجير تنظيم داعش عربة مفخخة على الأقل».
إلى ذلك، قال قائد عسكري من «قسد»، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «قواتنا سيطرت على حيي المهدي والرافقة شرق مدينة الرقة بعد معارك عنيفة مع مسلحي (داعش) سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى من مسلحي التنظيم، كما قتل 4 من مقاتلينا وأصيب 7 بجروح».
وأوضح القائد العسكري أن «معارك قوات سوريا الديمقراطية مع (داعش) مستمرة على عدة جبهات في المدينة، وبإسناد جوي من طيران التحالف الدولي»، مؤكداً أن «اشتباكات عنيفة دارت في حي الدرعية غرب المدينة سقط خلالها 4 قتلى من تنظيم داعش، كما شهد حي الروضة الذي يقع شمال شرقي مدينة الرقة، معارك وقصفاً جوياً عنيفاً من طائرات التحالف الدولي»، مشيراً إلى أن «4 عناصر من (داعش) قتلوا شرق المدينة، فيما قتل 5 من مقاتلينا وأصيب 9 آخرون بجروح خلال المعارك التي يشهدها الحي».
وكان عدد من القتلى والجرحى سقطوا في مدينة الرقة، جراء قصف جوي ومدفعي وصاروخي من قبل التحالف الدولي على أحياء المدينة، بينهم 10 قتلى من المدنيين، وفق ما أعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، التي أوضحت أن الغارات الجوية على الرقة ومحيطها «تأتي في إطار الدعم والتغطية الجوية التي تقدمها طائرات التحالف لقوات سوريا الديمقراطية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».