تفاهم بين موسكو وفصائل ريف حمص تمهيداً لاتفاق هدنة جديد

TT

تفاهم بين موسكو وفصائل ريف حمص تمهيداً لاتفاق هدنة جديد

توصلت فصائل المعارضة العاملة في ريف حمص الشمالي إلى اتفاق مع المفاوضين الروس على وقف جديد لإطلاق النار وتقديم مشروع يلحظ طلباتها لتثبيت الهدنة في المنطقة، على أن يتم ذلك بعد 10 أيام.
وصدر عن الهيئة العامة للمفاوضات في ريف حمص بيان أفادت فيه باجتماعها مع وفد روسي يوم الأحد الماضي في خيمة قرب معبر الدار الكبيرة، وبالاتفاق على بدء صياغة مشروع اتفاق جديد ومناقشته مع الوفد الروسي في الجلسات المقبلة، والالتزام بوقف إطلاق النار ضمن منطقة خفض التصعيد في كامل الريف المحرر، وتسهيل دخول قوافل الإغاثة الأممية من قبل الطرف الروسي والتأكيد على الإفراج عن كل المعتقلين، مشددة على أن هذا البند سيكون من أولويات بنود الاتفاق.
وقال عضو في الهيئة شارك في الاجتماع، إن ما تم التوصل إليه «التزام شفهي بوقف إطلاق النار»، نافياً تماماً أن يكون تم التوقيع على أي اتفاق خلال اللقاء الأخير. وأضاف العضو الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ستتم خلال 10 أيام صياغة مشروع اتفاق من قبل طرف المعارضة يُعرض على الروس، على أن يتم التوصل لصيغة نهائية نوقعها والطرف الروسي حصراً من دون مشاركة ممثلين عن النظام السوري».
وأوضح المصدر أن «موسكو دعت الفصائل لإبلاغها بأي خرق لوقف إطلاق النار يُقدم عليه النظام خلال الأيام الـ10 المقبلة»، لافتاً إلى أنه «تم الحديث وبالتفصيل خلال الاجتماع حول بند المعتقلين الذي أكدنا أنّه أولوية بالنسبة لنا في أي اتفاق». وأضاف: «وقد عبّر الطرف الروسي عن تجاوبه الكبير في هذا المجال، وعن استعداده للتعاون إلى أقصى الحدود». وبحسب المعلومات، فقد طرح الروس على الفصائل موضوع فتح الطريق الدولي، إلا أن ممثلي المعارضة شددوا على أن الأمر معقد ويمكن مناقشته في وقت لاحق. وكان الوفد المكلف بعملية التفاوض مع موسكو في ريف حمص أعلن قبل نحو أسبوع أن الأخيرة وافقت على إسقاط اتفاق الهدنة الذي تم توقيعه في القاهرة في الثالث من الشهر الحالي وصياغة مشروع اتفاق آخر يقوم على شروط جديدة للهدنة، تلغي كل أدوار الوسطاء في الخارج وتدفع بملف المعتقلين إلى الواجهة. وتشدد فصائل ريف حمص على أن الاتفاق الذي وقع في القاهرة بوساطة رئيس تيار «الغد» أحمد الجربا لم يُشارك فيه ممثلون فعليون عن المعارضة في ريف حمص الشمالي، وهو ما أدّى لرفضها إياه والمطالبة بصياغة اتفاق جديد.
وكان وقف إطلاق النار الذي فرضه الاتفاق السابق انتهى عملياً في العاشر من الشهر الحالي مع عودة عمليات القصف إلى المنطقة. وقال سيف الأحمد الناشط في ريف حمص لـ«الشرق الأوسط» إن «الخروقات من قبل النظام استمرت يوم أمس (الاثنين)، رغم أن الاتفاق مع الروس كان يتحدث عن وقف جديد لإطلاق النار يبدأ مساء الأحد». وتضمن الاتفاق الذي تم توقيعه في القاهرة 14 بنداً تحدث أحدها عن «التزام المعارضة بعدم وجود أي من عناصر تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في المناطق الخاضعة لسيطرتها في ريف حمص، واتخاذ كل الإجراءات الفعلية لمنع عودتهم أو ظهورهم فيها، كما تؤكد موقفها الرافض لتنظيم داعش في ريف حمص، وتؤكد محاربة هذا الفكر ثقافياً وعسكرياً».
وفرض الاتفاق على المعارضة «القبول بأن تكون جمهورية روسيا الاتحادية ضامناً لتطبيق هذه الاتفاقية، على أن تقوم بتشكيل قوات مراقبة تخفيف التصعيد لتوضع على طول الجبهات بين الطرفين في نقاط متفق عليها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.