الشيف جان جورج تغريه لندن وتعيده إلى «ذا كونوت» نقطة البداية

أطباقه تتبنى شعار «من المزرعة إلى الطاولة»

الشيف جان جورج أمام مطعمه الجديد في فندق «ذا كونوت» اللندني - سوشي على طريقة الشيف جان جورج - من أطباق الحلوى المميزة - خبز مع طبقة خفيفة من البازلاء والأفوكادو
الشيف جان جورج أمام مطعمه الجديد في فندق «ذا كونوت» اللندني - سوشي على طريقة الشيف جان جورج - من أطباق الحلوى المميزة - خبز مع طبقة خفيفة من البازلاء والأفوكادو
TT

الشيف جان جورج تغريه لندن وتعيده إلى «ذا كونوت» نقطة البداية

الشيف جان جورج أمام مطعمه الجديد في فندق «ذا كونوت» اللندني - سوشي على طريقة الشيف جان جورج - من أطباق الحلوى المميزة - خبز مع طبقة خفيفة من البازلاء والأفوكادو
الشيف جان جورج أمام مطعمه الجديد في فندق «ذا كونوت» اللندني - سوشي على طريقة الشيف جان جورج - من أطباق الحلوى المميزة - خبز مع طبقة خفيفة من البازلاء والأفوكادو

من المهم جدا أن يتذكر المرء بدايته ولا يتنكر لها ولكل من أسهم في مساعدته للتوسع والتطور، وهذا تماما ما فعله الشيف جان جورج فونغيريشتن المعروف بأطباقه الفرنسية المواكبة للعصر التي لا تخلو من نكهات آسيا ومن منتجات المزارع الطازجة التي يصنع منها طعاما مميزا بمذاقه وطريقة تقديمه متبنيا مبدأ الأكل الحقيقي وليس الأكل الذي يطهى لإرضاء العين فقط.
بداية الشيف فونغيريشتن في لندن كانت في فندق «ذا كونوت» بمنطقة مايفير الراقية، في مطعمه «فون» الذي كان نقطة تجمع الطبقات الأرستقراطية في لندن، ليقفل بعدها أبوابه عام 2002 للتركيز على توسعه في الولايات المتحدة والصين، لأنه من المعروف عن الشيف أنه يعمل شخصيا في المطبخ إلى جانب فريقه، ويقوم بنفسه بوضع لائحة الطعام وابتكار الأطباق والأسلوب العام وحتى الديكور والهندسة في كل مطعم.
واليوم عاد الشيف جان جورج إلى المشهد اللندني فافتتح مطعمه الذي يحمل اسمه «جان جورج» Jean - Georges في فندق «ذا كونوت» The Connaught واختار لائحة طعام تعكس موقع المطعم فركز فيها على المنتج البريطاني، وضخ نكهة إضافية جلبها معه من البلدان الآسيوية التي زارها وعمل بها من دون أن يتنكر لأصله الفرنسي الذي تعلم من مطبخه التقنية والأسلوب الراقي في التقديم.
في أيامنا هذه هناك توجه لدى الذواقة للأكل في المطاعم الراقية والجيدة ولكن وبالوقت نفسه تلك التي تقديم أطباقا مشبعة وهذا ما يطلق عليه اسم Comfort Food في أوساط محبي الأكل، ولكن مع مراعاة الجودة والصحة وطريقة التقديم.
يقدم جان جورج في مطعمه الجديد أطباقا بسيطة وخالية من التعقيدات، تركز على المنتجات الطازجة والصحية فابتكر منها ما يدخل فيه الخضراوات وما يدخل به السمك واللحم وكانت النتيجة أطباقا خفيفة ولذيذة.
بدأ عرس الأكل في أول يوم للافتتاح بداية هذا الشهر بطبق البيتزا كنوع من المقبلات ليتشاركه من هم على الطاولة قبل وصول الأطباق الجانبية والرئيسية، وهنا أنصحكم وأصر على تجربة البيتزا مع الجبن والكمأة، فالعجينة رقيقة ونوعية الكمأة رائعة، وهي تفتح الشهية بشكل لافت وهذا سيكون واضحا عندما تلتهم الأطباق التالية المتنوعة.
جربنا أيضا ما يطلق عليه اسم السوشي، وهو يتبنى مبدأ السوشي الياباني ولكن بطريقة مختلفة، فيشبهه بالشكل وطريقة التقديم ولكن تم استبدال الأرز بالـ«سيمولينا» الذي يشبه الـ«سميد»، وبعدها جربنا سمك الـ«سي باس» والتونا تارتار مع الأفوكادو.
وفي النهاية لا بد أن تختار طبق حلوى من توقيع الشيف جان جورج لأن أطباقه لا تخلو من عنصر المفاجأة، فجربنا طبق «غزل البنات» الذي يذكرنا بطفولتنا، ويقدم على شكل كرة، تسكب عليها النادلة عصير الفاكهة فتذوب الكرة مشكلة فجوة في الوسط تختبئ فيها الفاكهة والصوربيه (بوظة) بنكهة الفواكه أيضا.
الديكور في المطعم الجديد جميل وأنيق، صممه المهندس جون هيه الذي ركز في فكرته الهندسية على الفن والقطع الحرفية، وتتدلى من الأسفل إضاءة جميلة تعتمد على حلقات تنور أطرافها، وتم تغيير الواجهة الزجاجية المطلة على ماونت ستريت لتكون أكثر عصرية، فتدخل فيها الألوان لتتناغم مع لون الجلسات المائلة إلى الرمادي الفاتح.
يشار إلى أن الشيف جان جورج حائز على نجوم ميشلان للتميز ويملك أكثر من ثلاثين مطعما في كل من نيويورك وباريس وشنغهاي وطوكيو. وفي جعبة الشيف خمسة كتب للطهي ويشارك في أكثر من برنامج تلفزيوني مخصص للطهي على قنوات كثيرة حول العالم.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.