مسؤول فلسطيني: لا نفضل الانخراط حالياً في مفاوضات حقيقية مع نتنياهو

خوفاً من تكرار سيناريو أولمرت بسبب احتمال إدانته بالفساد وخروجه من السلطة

جندي إسرائيلي يوجه بندقيته صوب عدد من المتظاهرين الفلسطينيين خلال الاحتجاجات التي شهدتها بلدة كفر قدوم أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يوجه بندقيته صوب عدد من المتظاهرين الفلسطينيين خلال الاحتجاجات التي شهدتها بلدة كفر قدوم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول فلسطيني: لا نفضل الانخراط حالياً في مفاوضات حقيقية مع نتنياهو

جندي إسرائيلي يوجه بندقيته صوب عدد من المتظاهرين الفلسطينيين خلال الاحتجاجات التي شهدتها بلدة كفر قدوم أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يوجه بندقيته صوب عدد من المتظاهرين الفلسطينيين خلال الاحتجاجات التي شهدتها بلدة كفر قدوم أول من أمس (أ.ف.ب)

قال مسؤول فلسطيني إن السلطة الفلسطينية لا تفضل حالياً الانخراط في مفاوضات حقيقية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، بسبب الملاحقة القضائية التي يتعرض لها بتهمة الفساد.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن نتنياهو «لطالما يتعرض لملاحقة قضائية، ويبدو أن مصيره ليس بيده، ولذلك فثمة مغامرة في الدخول في مفاوضات جادة ومرهقة وتفصيلية معه».
وتابع المسؤول الفلسطيني مبرراً سبب هذه الخطوة: «لا نريد أن يتكرر سيناريو رئيس الوزراء لإسرائيلي السابق إيهود أولمرت. فقد كنا وقتها على وشك اتفاق، لكنه استقال بسبب قضايا فساد».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد كشف قبل أعوام قليلة أنه كان على وشك اتفاق نهائي مع أولمرت لو لم يضطر إلى ترك الحكومة، وتحدث عن اتفاق يشمل تسلمه الضفة الغربية، وإجراء تبادل أراضٍ، ونشر قوات للحلف الأطلسي على عمق 10 كيلومترات داخل الأراضي الفلسطينية.
وطالما طرح الفلسطينيون العودة إلى طاولة المفاوضات من حيث انتهت مع أولمرت، لكن حكومة بنيامين نتنياهو رفضت. ومع زيادة الضغط الأميركي على الطرفين من أجل العودة إلى المفاوضات يتخوف الفلسطينيون أن يتبخر جهدهم وجهد الأميركيين في الهواء.
وتساءل المسؤول في هذا السياق: «إذا كان متعذراً الوصول إلى اتفاق مع نتنياهو في الوضع الطبيعي، فكيف يمكن تحقيق ذلك الآن... والسؤال هو إلى أي حد يمكن أن يذهب نتنياهو نحو اتفاق تاريخي، وهو تحت الملاحقة القضائية».
ويواجه نتنياهو تعقيدات كبيرة بعدما وافق مدير طاقمه السابق آري هارو أن يصبح شاهد دولة في قضيتي شبهات بفساد ورشى وخيانة أمانة. وحسب مراقبين، فإن شهادة هارو ستساعد في تقديم نتنياهو إلى المحكمة في ملفي فساد على الأقل: الملف رقم «2000» والملف رقم «1000»، وتخص القضية 2000 صفقة المقايضة بين نتنياهو وصاحب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أما القضية 1000 فيشتبه فيها بأن نتنياهو وزوجته حصلا على هدايا غير شرعية من رجال أعمال. لكن الزوجين نفيا ارتكابهما أي مخالفة.
ويعتقد أن هارو يمكن أن يدلي بشهادة أيضاً فيما يسمى «قضية الغواصات»، المعروفة أيضاً باسم «القضية 3000»، التي تبحث في صفقة يفترض أنها فاسدة لشراء مركبات بحرية من ألمانيا، ويمكن أن تؤدي إلى لوائح اتهام ضد مسؤولين رفيعين.
وبسبب هذا الوضع المليء بالشكوك وعلامات الاستفهام يفضل الفلسطينيون الانتظار حتى تنتهي التحقيقات.
وجاءت التحفظات الفلسطينية على إطلاق مفاوضات مع نتنياهو، فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم إرسال وفد رفيع إلى المنطقة في محاولة لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض إن جارد كوشنير، مستشار وصهر ترمب، سيرأس الوفد الرفيع وسينضم إليه مبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات ونائبة مستشار الأمن القومي دينا باول.
وأشار المسؤول إلى أن الرئيس ترمب لا يزال ملتزماً بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، ويعتقد أنه بعد انتهاء أزمة الحرم القدسي واستتباب الأمور في المنطقة، فإنه من الملح مواصلة الجهود بشأن عملية السلام.
وتابع المسؤول: «لقد أشار الرئيس ترمب في الماضي إلى أن إنجاز اتفاق سلام يصمد بين إسرائيل والفلسطينيين هي مهمة صعبة، ولكنه لا يزال متفائلاً بإمكانية تحقيق السلام. ومن أجل زيادة حظوظ مثل هذا السلام، على كل الأطراف العمل من أجل خلق أجواء مواتية تساعد على صنع السلام، وأن تمنح المتفاوضين المساحة والزمان الضروريين من أجل التوصل لاتفاق».
لكن مهمة الأميركيين تبدو حسب بعض المراقبين معقدة، وذلك بسبب تباعد المواقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يطلب الفلسطينيون مراجعة وتقييم كل الاتفاق الانتقالي، ووضع أسس جديدة تتضمن اتفاقاً محدداً بسقف زمني مع الجانب الإسرائيلي.
كما يريد الفلسطينيون من إسرائيل البدء في مفاوضات حول الحدود والتوقف عن الاستيطان واقتحامات المدن، وإلغاء دور الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي، التي عادت للعمل منذ سنوات، ونقل الصلاحيات المدنية للسلطة. لكن إسرائيل لا تستجيب لهذه المطالب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.