أعلنت أنقرة أنها تراقب عن كثب التطورات في محافظة إدلب شمال سوريا، بعد أن سيطرت «جبهة النصرة» على أجزاء منها بما فيها المنطقة التي يقع بها معبر باب الهوى (جيلفاجوزو) الحدودي مع تركيا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في تصريحات للصحافيين في إسطنبول أمس تعليقاً على تطورات الأوضاع في إدلب، والتصعيد الأميركي حيالها: «سنواصل إيصال المساعدات الإنسانية إلى إدلب، لكن لن نسمح بدخول الأسلحة إليها. تركيا ستبقي معبر جيلفاجوزو (باب الهوى) مفتوحاً أمام الشاحنات التي تنقل المساعدات الإنسانية».
ولفت إردوغان إلى أن الاستخبارات التركية تواصل لقاءاتها في شأن إدلب مع كل من روسيا وإيران، مشيراً إلى أن تركيا ترغب في إنهاء الخلاف الحاصل حول إدلب بأسرع وقت ممكن.
وتوصلت تركيا وروسيا وإيران بوصفها دولاً ضامنة لاتفاق بين النظام السوري والمعارضة في اجتماعات آستانة لإقامة 4 مناطق لخفض التصعيد في سوريا؛ إحداها في إدلب من المتوقع أن تنشر فيها قوات تركية وروسية، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وتسعى الأطراف المختلفة إلى إعلان بشأنها في اجتماع آستانة المقبل.
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن بلاده تراقب عن كثب التطورات في محافظة إدلب السورية بعد سيطرة تنظيم إرهابي (جبهة النصرة) على قرابة 150 كلم من الحدود مع ولاية هطاي التركية.
وأضاف يلدريم في تصريحات في أنقرة أمس، أن بلاده ستكثف من تدابيرها تبعاً للمستجدات التي ستقع لاحقاً للحيلولة دون وقوع أزمات إنسانية في المنطقة والوقوف أمام أي تهديدات قد تستهدف الحدود التركية.
وفرضت تركيا اعتباراً من أول من أمس قيوداً على حركة البضائع في معبر جيلفاجوزو (باب الهوى) الواقع بين هطاي وإدلب باستثناء المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية، بسبب سيطرة «النصرة» على المنطقة التي يقع بها المعبر، وذلك حتى يعود الهدوء إلى المعبر.
وقال وزير التجارة والجمارك التركي بولنت توفنكجي، إن بلاده ستحد من حركة السلع غير الإنسانية عبر المعبر، لأن الجانب السوري منه يخضع لسيطرة تنظيم إرهابي.
وأعلنت السلطات التركية أمس فتح المعبر أمام السوريين القاطنين في تركيا، والراغبين بالدخول إلى الأراضي السورية لقضاء إجازة عيد الأضحى، ونشرت إدارة المعبر تعليمات الدخول، وقالت إن المعبر سيفتح لاستقبال زوار عيد الأضحى من تركيا إلى سوريا، اعتباراً من 21 وحتى 31 أغسطس (آب) الحالي.
ويقيم في تركيا نحو 3.2 مليون سوري، وفق إحصاءات إدارة الهجرة التركية، معظمهم ينتشرون في المدن الرئيسية، ولا سيما في المناطق الجنوبية القريبة من الحدود مع سوريا و10 في المائة منهم فقط يعيشون في مخيمات اللجوء.
واتخذت السلطات التركية، منذ أكثر من عام، سلسلة إجراءات قلصت من دخول السوريين إلى أراضيها عبر المعابر البرية، كما فرضت تأشيرة دخول على السوريين القادمين جواً وبحراً، في يناير (كانون الثاني) 2016.
وقال وزير الشؤون الأوروبية كبير المفاوضين في الحكومة التركية مع الاتحاد الأوروبي عمر تشيليك في تصريحات أمس، إن دول الاتحاد الأوروبي لم تقف إلى جانب بلاده أثناء أداء أنقرة الواجب الإنساني تجاه اللاجئين والمهاجرين.
وأوضح أن تركيا لم تتلقَ دعماً قوياً حتى من العالم الإسلامي أيضاً عندما احتضنت اللاجئين السوريين والعراقيين، وأن أنقرة تعاملت مع هؤلاء اللاجئين وفق مبدأ الإنسانية وواجب احتضان المظلومين. ودعا جميع دول الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد ممرات آمنة وتسهيل وصول اللاجئين والمهاجرين إلى بلدانهم، بدل تهميشهم وتركهم يصارعون الموت في مياه البحر المتوسط.
من ناحية أخرى، شدد يلدريم على أن بلاده لن تسمح إطلاقاً لمساعي إقامة دولة مصطنعة جديدة على حدودها، لا سيما في سوريا والعراق (في إشارة إلى مساعي الأكراد في سوريا لإقامة كيان كردي وإعلان إدارة إقليم كردستان العراق إجراء استفتاء على الاستقلال عن العراق في 25 سبتمبر/ أيلول المقبل)، قائلاً إننا نواصل مفاوضاتنا في هذا الشأن مع الدول المعنية.
وأكد يلدريم أن تركيا لن تتردد في الرد بالشكل المناسب كما فعلت سابقاً عند استهداف أي من مصالحها وسيادتها وأمنها القومي.
وترفض أنقرة الدعم المقدم من واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية، الجناح العسكري لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري وأكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية»، في إطار الحرب على «داعش» والعمليات الحالية لتحرير الرقة، معقله في الشمال السوري، لمخاوفها من نشوء كيان كردي على حدودها الجنوبية وتعتبر الحزب امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت، إن الولايات المتحدة تأخذ هواجس تركيا المتعلقة بحزب العمال الكردستاني على محمل الجد.
ورداً على سؤال في مؤتمرها الصحافي اليومي، بشأن ما إذا كانت واشنطن قلقة من قيام تركيا بمهاجمة الأكراد في سوريا، قالت نويرت إن تركيا بلد حليف مهم في حلف شمال الأطلسي (ناتو). ولفتت إلى وجود هواجس إقليمية لدى تركيا فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني وأن واشنطن تعتبره «منظمة إرهابية» وتدين هجماته.
على صعيد آخر، قال السفير الروسي في أنقرة إليكسي يرهوف، إنه لا يوجد تعارض بين مفاوضات جنيف واجتماعات آستانة، قائلاً إن مفاوضات جنيف مرحلة تمت إدارتها بصعوبة، نتيجة للمطالب المتشددة والصارمة التي قدمها كل طرف للآخر، خلال المحادثات، لكنها خرجت أيضاً بمكاسب مهمة، على الأقل بدأ الجانبان الآن الحديث مع بعضهما بعضاً، لذا يجب استمرار هذه المرحلة.
ولفت يرهوف في لقاء مع وسائل الإعلام في أنقرة إلى أن الهدف الرئيسي لآستانة كان التوافق على خفض التصعيد العسكري في بعض المناطق في سوريا، قائلاً: «صرنا الآن قادرين على توصيل كثير من المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى تلك المناطق». ولفت إلى أن كلاً من مفاوضات جنيف وآستانة تقدمان إسهامات من أجل حل الأزمة السورية.
أنقرة تراقب تطورات إدلب... وباب الهوى للإغاثة وليس السلاح
تبحث مع موسكو وطهران مستقبل المنطقة بعد سيطرة «النصرة»
أنقرة تراقب تطورات إدلب... وباب الهوى للإغاثة وليس السلاح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة