تونس: الغنوشي يدعو إلى حوار الموقعين على «وثيقة قرطاج»

أزمة سياسية وقضائية بعد اختفاء رئيس حزب ملاحق بتهمة الفساد

TT

تونس: الغنوشي يدعو إلى حوار الموقعين على «وثيقة قرطاج»

دعا راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، إلى الإسراع بعقد حوار اجتماعي واقتصادي ملزم لحكومة الوحدة الوطنية التونسية، التي يقودها يوسف الشاهد، وذلك في محاولة لحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، التي لم تفلح الحكومة في إيجاد حلول لها، على الرغم من سلسلة المفاوضات التي قامت بها لإقناع المحتجين بتخفيض سقف مطالبهم، والتراجع عن بعض مطالبهم التي اعتبرتها «تعجيزية».
وأكد الغنوشي خلال لقاء جمعه أمس مع نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال)، في مقر اتحاد نقابات المغرب العربي بالعاصمة، على التمسك بوثيقة قرطاج، التي تشكلت على إثرها حكومة الوحدة الوطنية، والسعي إلى توسيع أطرافها، وتفعيل التنسيق بين الحكومة والأطراف الموقعة على هذه الوثيقة.
وخلال هذا اللقاء عبر الغنوشي والطبوبي عن تطابق وجهات النظر بين «النهضة» و«اتحاد الشغل»، وأكدا على حاجة البلاد إلى إدخال إصلاحات متعددة وكبيرة، تستدعي تعاون كل الأطراف وتكاثف الجهود ضمن خطة واضحة تتفق عليها كل الأطراف عبر الحوار والتشاور والتوافق.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار مواصلة حركة النهضة تشاورها مع الأطراف الاجتماعية والنقابية بشأن دعوتها إلى تنظيم حوار وطني اجتماعي واقتصادي، يجمع اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين والأحزاب، بهدف حل المشاكل الاقتصادية، وتجاوز الاحتجاجات الاجتماعية التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في البلاد.
ويسعى الغنوشي من خلال لقائه بممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية إلى تحديد رقعة تحركات يوسف الشاهد، الذي استفاد كثيرا من سلسلة الإيقافات التي نفذتها الحكومة في نطاق حربها ضد الفساد. ولذلك تخشى عدة أطراف سياسية، ومن بينها قيادات في حركة النهضة، من إمكانية استثمار هذا النجاح السياسي خلال المحطات الانتخابية المقبلة، وأولها الانتخابات البلدية المرتقبة في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو ما سيفتح، حسب مراقبين، الطريق أمام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة سنة 2019.
وحذر الغنوشي في تصريح إعلامي من انزلاق البلاد نحو أزمة خانقة ستفرض عليها اللجوء إلى الديون الخارجية إذا لم يتم التوصل إلى توافقات مجتمعية، وشدد في هذا السياق على أن الحكومة أصبحت مطالبة أكثر من أي وقت مضى لقيادة الحوار، والالتزام بتطبيق مخرجاته، مثلما التزمت حكومة علي العريض بمقررات الحوار الوطني نهاية سنة 2013.
وكان راشد الغنوشي قد دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية في حوار تلفزيوني إلى إعلان نيته عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة (انتخابات 2019)، وتركيز جهد الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية وإدارة الانتخابات المقبلة، بدل الانشغال بالمستقبل السياسي لوزير بعينه أو لرئيس الحكومة، ودعا إلى الإسراع بحوار وطني اجتماعي للتوافق حول طرق إيجاد الحلول للأزمة الاقتصادية للبلاد.
من ناحية أخرى، سبب عدم تنفيذ حكم بسجن سليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، لمدة 25 سنة مع النفاذ العاجل، جدلا سياسيا وقضائيا واسعا بعد اختفائه، رغم صدور 5 قرارات سابقة بتفتيش في حق الرياحي. وفي هذا الصدد، قال سفيان السليطي، المتحدث باسم القطب القضائي، إن النيابة العامة قامت بدورها المتمثل في إصدار مضامين الأحكام بالسجن مع النفاذ العاجل، بتهمة توقيع شيكات دون رصيد، موضحا أن تنفيذ الأحكام ليس من اختصاص السلطة القضائية.
ولم يتم تنفيذ هذه الأحكام في حق الرباحي حتى الآن بعد هروبه إلى مكان مجهول في تونس، رغم أنه لم يغادر الأراضي التونسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».