لبنان: توجه لحل «سرايا أهل الشام» قبل معركة «داعش»

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : نهاية الأسبوع مهلة للمفاوضات وإلقاء السلاح

شيخ ومقاتل من «حزب الله» اللبناني في جرود عرسال المحاذية للحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
شيخ ومقاتل من «حزب الله» اللبناني في جرود عرسال المحاذية للحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
TT

لبنان: توجه لحل «سرايا أهل الشام» قبل معركة «داعش»

شيخ ومقاتل من «حزب الله» اللبناني في جرود عرسال المحاذية للحدود اللبنانية - السورية (رويترز)
شيخ ومقاتل من «حزب الله» اللبناني في جرود عرسال المحاذية للحدود اللبنانية - السورية (رويترز)

لا يزال الجيش اللبناني بانتظار حسم ملف مسلحي «سرايا أهل الشام» الذين يوجدون في جرود عرسال، عند الحدود اللبنانية الشرقية، لإطلاق معركته بوجه تنظيم داعش الذي يتمركز عناصره في جرود رأس بعلبك والقاع. وتشير المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة للمفاوضات الحاصلة بين المسلحين السوريين و«حزب الله»، إلى أن هناك «مهلة غير رسمية تنتهي نهاية الأسبوع الحالي لحل هذا الملف، لاستعجال الجيش اللبناني في إتمام الاستعدادات النهائية للمعركة بوجه (داعش)».
وتوضح المصادر أن النظام السوري قد رفض توجه عناصر «سرايا أهل الشام» إلى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، كما كان ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين التنظيم و«حزب الله» بعيد انطلاق معركة جرود عرسال، التي انتهت إلى خروج عناصر «جبهة النصرة» إلى الشمال السوري، لافتة إلى أن «التسوية المتداولة حالياً تقول بحل تنظيم (سرايا أهل الشام) نفسه، وإلقاء عناصره سلاحهم ليتحولوا إلى مدنيين يقررون عندها البقاء في المخيمات في عرسال أو التوجه إلى الداخل السوري»، وتضيف المصادر: «حتى الساعة، لا قرار نهائي في هذا المجال، لكن الأمور ليست صعبة وقابلة للحل، خصوصاً في ظل إصرار الجيش اللبناني على الدخول إلى المنطقة التي لا يزال المسلحون السوريون ينتشرون فيها، وبالتحديد في وادي حميد ومدينة الملاهي، كي يحمي ظهره في المعركة التي يستعد لها بوجه (داعش)».
كان الاتفاق بين «حزب الله» و«سرايا أهل الشام» يقضي بخروج 3 آلاف مدني، ونحو 300 مسلح إلى بلدة الرحيبة، إلا أن رفض النظام السوري لهذه التسوية حال دون تنفيذها، ودفع للبحث عن مخارج أخرى، كترحيلهم إلى ريف حمص الشمالي، أو حتى إلى جرابلس. وتعددت الروايات والمعلومات، يوم أمس، عن آخر المستجدات في هذا الملف. ففيما تحدث رئيس بلدية عرسال، باسل الحجيري، عن 72 ساعة، تنتهي صباح اليوم (الجمعة)، لخروج المسلحين باتجاه الأراضي السورية، أكد ناشطون سوريون مواكبون للمفاوضات أن ما يؤخر عملية الخروج هو عدم حسم المسلحين أمرهم فيما يتعلق بوجهتهم. وفي هذا الإطار، قال خالد رعد، رئيس لجنة القصير المؤقتة، إن هناك أكثر من احتمال فيما يتعلق بوجهة المسلحين، فإما الرحيبة أو ريف حمص الشمالي أو جرابلس، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه من المفترض أن يحسم عناصر «سرايا أهل الشام» أمرهم خلال ساعات، على أن يخرجوا من المنطقة كحد أقصى خلال يومين أو ثلاثة. وأوضح رعد أن «المسلحين، كما المدنيين، لا يرحبون بفكرة الانتقال إلى الرحيبة، باعتبار أن الوضع فيها غير مستقر»، لافتاً إلى أن «(حزب الله) يبدي مرونة بموضوع الوجهة التي سيقررها المسلحون، إصراراً منه على أن يتم الأمر سريعاً تمهيداً لدخول الجيش اللبناني إلى وادي حميد، في استعداد لمعركته بوجه (داعش)»، وأضاف: «إذا كان هناك مجال لانتقالهم إلى جرابلس، فإن عدد المدنيين الراغبين بالمغادرة قد يرتفع من 3 إلى 5 آلاف، بينهم سوريون من القصير، خصوصاً أن الكثيرين ندموا لعدم انتقالهم مع (النصرة) إلى إدلب، باعتبار أنّهم كانوا يتخوفون على مصيرهم على الطريق في غياب الضمانات».
ورجّح رئيس بلدية عرسال، باسل الحجيري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يشجع خروج عناصر «سرايا أهل الشام» عدداً أكبر من النازحين السوريين على العودة إلى بلادهم، مؤكداً أنّه «مع خروج (السرايا) لن يبقى هناك وجود لأي مقاتل أو عنصر مسلح في عرسال، مما سيجعلها من أكثر المناطق اللبنانية أماناً».
ومن جهتها، أوضحت ريما كرنبي، نائبة رئيس البلدية، أنّها خلال الزيارة التي قامت بها ووفد من عرسال لرئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله»، محمد يزبك، تمنت عليه أن يتوسط الحزب لعودة عناصر «سرايا أهل الشام» إلى قراهم، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحزب «أبدى إيجابية في هذا المجال، وأكد أنّه سيبحث الموضوع مع النظام السوري»، وأضافت: «ولكن لا شك أن هذه العودة ستكون مشروطة».
وبانتظار إغلاق ملف «سرايا أهل الشام» في جرود عرسال لإطلاق المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع، واصل الجيش اللبناني عملياته العسكرية في المنطقة، معلناً استهدف وحداته يوم أمس بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والطوافات «عدداً من مراكز الإرهابيين وتجمعاتهم في جرود منطقة رأس بعلبك والقاع، محققة إصابات مباشرة في صفوفهم».
ومن جهته، أكد المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أن «ما حققه الأمن الاستباقي كان ثمرة حسن استخدام الصلاحيات ومضمون بنك المعلومات، عدا عن التعاون مع الأجهزة الدولية الصديقة التي وجدت نفسها مضطرة لدعم لبنان، باعتباره خط الدفاع الأول عنها في المواجهة مع الإرهاب».
ولفت في حديث مفصّل لمجلة «الأمن العام»، بمناسبة الذكرى الثانية والسبعين لتأسيس المديرية العامة للأمن العام، إلى أن «لبنان لم يتعاطَ يوماً مع النازحين السوريين كإرهابيين، وأن عودتهم إلى بلادهم توفر الكثير من المخاطر السلبية»، مشدداً على «أهمية الحوار مع السلطات السورية».
وفيما لم يستبعد «احتمال استمرار وجود شبكات تخريبية في لبنان»، أشار إبراهيم إلى أن «قدراتها شبه معطلة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».