مدن سياحية لن تتوقعها هي الأكثر شعبية بالعالم على «إنستغرام»

جاءت ساو باولو البرازيلية في المركز الثاني ضمن القائمة (سي إن إن)
جاءت ساو باولو البرازيلية في المركز الثاني ضمن القائمة (سي إن إن)
TT

مدن سياحية لن تتوقعها هي الأكثر شعبية بالعالم على «إنستغرام»

جاءت ساو باولو البرازيلية في المركز الثاني ضمن القائمة (سي إن إن)
جاءت ساو باولو البرازيلية في المركز الثاني ضمن القائمة (سي إن إن)

هل فكرت يوماً بالمدن الأكثر شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي؟ لا شك بأن أول الأماكن التي قد تخطر على البال هي نيويورك، ولندن، وباريس، ودبي مثلاً... ولكن، لا تستغرب إذا وجدت غير تلك المدن ضمن القائمة!
ورغم أن نيويورك ولندن هما من بين أكثر المدن اللتين يُشار إليهما بعلامات جغرافية على موقع مشاركة الصور والفيديوهات، «إنستغرام، » إلا أن المدينة التي تترأس القائمة في خاصية «القصص» على التطبيق هي.. جاكرتا!
وقد قام «إنستغرام، » بمناسبة مرور عام على إطلاق خاصية «ستوريز» أو «الصور» والتي يستطيع المستخدمون فيها عرض صور وفيديوهات تختفي بعد 24 ساعة فقط، بنشر قائمة تتضمن أكثر من خمس مدن مشار إليها بعلامات جغرافية على التطبيق، لتأتي جاكرتا في المركز الأول، ثم تبعتها ساو باولو البرازيلية في المركز الثاني، ومن ثم نيويورك ولندن في المركزين الثالث والرابع، ومدريد الإسبانية في المركز الخامس، وفقاً لما نشره موقع «سي إن إن».
تتمتع العاصمة الإندونيسية التي يتخطى عدد سكانها 9.6 مليون نسمة، بسمعة حياة ليلية رائعة، وهندسة معمارية خلابة، ومشهد مطاعم يجعل منها «جنة» لمحبي تناول الطعام من حول العالم.
ويعتبر «متحف ناسيونال» و«غاليريا ناسيونال» من بين أهم المعالم السياحية التي يجب زيارتها في جاكرتا، بالإضافة إلى الحانات الكثيرة التي تتخذ مكاناً لها على أسطح ناطحات السحاب، والتي توفر مشاهد خلّابة للمدينة.
ورغم أن المدينة تتمتع فعلاً بالكثير من المواقع السياحية التي قد تنتج محتوى وصوراً مذهلة على «انستغرام»، فإن المركز الأول على القائمة قد يعود أيضاً إلى شعبية «إنستغرام» في البلاد، إذ تشير تقارير من «تيك واير آسيا» إلى أن إندونيسيا هي أكبر سوق للتطبيق في منطقة آسيا والمحيط الهادي، حيث يستخدم نحو 45 مليون شخص في إندونيسيا تطبيق مشاركة الصور، كما يستخدمون خاصية «القصص» أكثر بمرتين من المستخدم العادي.
ولا شك بأن «إنستغرام» قد أصبح في الآونة الأخيرة أشبه بدليل سفر عالمي، حيث بات يستخدمه يومياً أكثر من 250 مليون شخص حول العالم، للحصول على إلهام لوجهتهم السياحية المقبلة، والمعالم السياحية التي يجب زيارتها، سواء كانت مطاعم، أو حانات، أو متاحف، أو حدائق، أو حتى مقاهي محلية منسية وصغيرة لا يعلم بها سوى قلة من الأشخاص!



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.