بدأت قصة انتقال النجم البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني إلى باريس سان جيرمان الفرنسي في أكبر صفقة في تاريخ كرة القدم بمكالمة هاتفية. وبعد ثلاثة أسابيع من المفاوضات والتفكير والمناقشات، وصل النجم البرازيلي إلى العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة الماضي وسط استقبال جماهيري حافل من أنصار النادي الباريسي.
دائما ما تكون التفاصيل هي الجانب الأكثر إثارة في جميع الصفقات، فما هي تفاصيل الصفقة التي كان باريس سان جيرمان يعتقد أنه من المستحيل إبرامها، وأنها بمثابة حلم من الصعب تحقيقه أو الوصول إليه؟ في البداية، حاول النادي الباريسي خلال الصيف الماضي التعاقد مع نيمار الذي يسعى للحصول على خدماته منذ سنوات، وشعر بالصدمة عندما أخبره اللاعب البرازيلي بأنه قد غير رأيه وقرر توقيع عقد جديد مع برشلونة.
وشعر النادي الفرنسي بأن اللاعب يستخدمه لتحقيق أهدافه وفرض شروطه على برشلونة، وفي الحقيقة كان هذا هو ما يحدث بالفعل. وخلال الصيف الحالي، لم يضع باريس سان جيرمان نيمار في حسبانه، وكان يفكر في التعاقد مع لاعبين آخرين مثل كيليان مبابي وأليكسيس سانشيز وفيليب كوتينيو وسيرجيو أغوير. وكان النادي الفرنسي يعتقد أن نيمار باق في برشلونة، لكن مكالمة هاتفية غيرت كل شيء.
وكانت هذه المكالمة من أحد المقربين من نيمار لرئيس نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ناصر الخليفي، تخبره بأن نيمار على استعداد للرحيل عن برشلونة. ولذا؛ لم يتردد النادي الفرنسي، الذي كان في حاجة إلى نيمار لكي ينقل مشروع النادي إلى مستو جديد ويصل به إلى مصاف النجوم. ومن هنا، بدأت المحادثات السرية بين الطرفين.
وبعد تجديد تعاقده مع برشلونة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ارتفع الشرط الجزائي في عقد نيمار من 190 مليون يورو إلى 222 مليون يورو، وهو ما كان يعني أن النادي الباريسي سيكون مطالبا بدفع هذا المبلغ في حال رغبته في الحصول على خدمات النجم البرازيلي، لتكون بذلك أكبر صفقة في تاريخ كرة القدم. وبعد عدد قليل من الاجتماعات الداخلية، قرر مجلس إدارة باريس سان جيرمان أن النادي قادر على توفير قيمة هذه الصفقة، مؤكدا أن الجانب التجاري لوصول نيمار (بيع قمصان اللاعب وزيادة مبيعات تذاكر المباريات وتوقيع عقود رعاية جديدة) سوف يغطي معظم تكاليف صفقة ضم اللاعب.
ولم يكن النادي الفرنسي يرغب في انتهاك قواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لكنه كان يفكر في الوقت نفسه في ضم نيمار وسانشيز معا، قبل أن يركز على ضم نيمار فقط. وسرعان ما اتفق باريس سان جيرمان ونيمار على توقيع عقد لمدة خمس سنوات يحصل بموجبه اللاعب سنويا على 30 مليون يورو خالصة من الضرائب. وكان بيني زاهافي، وكيل أعمال اللاعبين الإسرائيلي، الذي كان وراء انتقال نيمار من سانتوس البرازيلي إلى برشلونة في صيف عام 2013، حاضرا في جميع مراحل تفاوض نيمار مع باريس سان جيرمان. وأعد المستشار القانوني لباريس سان جيرمان صيغة العقد، في انتظار توقيع اللاعب.
وفي باريس، كان داني ألفيش، الذي يعد أحد الأصدقاء المقربين لنيمار وزميله السابق في نادي برشلونة، يضغط من أجل لحاق نيمار به في النادي الباريسي. وفي 14 يوليو (تموز)، عاد نيمار للتدريب مع برشلونة بعد انتهاء عطلته. وفي 18 يوليو، ظهرت الشائعات التي تتحدث عن الرحيل المحتمل لنيمار على وسائل التواصل الاجتماعي لأول مرة. وبعد ثلاثة أيام، أكدت وسائل الإعلام الفرنسية والكتالونية أن الصفقة قد حسمت تقريبا. لكن الأمر استغرق أسبوعين حتى يتم الإعلان الرسمي عن الصفقة. وكان برشلونة مصرا على القيام بكل ما في وسعه من أجل الاحتفاظ بنيمار، وحاول ليونيل ميسي ولويس سواريز وجيرارد بيكيه إقناع اللاعب بالبقاء، لكن دون جدوى.
ورغم التوصل إلى اتفاق مع باريس سان جيرمان، لم يكن اللاعب يعرف ما الذي يتعين عليه القيام به. وكان والد اللاعب، الذي يعد صاحب التأثير الأكبر عليه، يريد أن يظل نجله في برشلونة. ودائما ما كان نيمار يستمع لتوجيهات والده، لكنه خالفه في الرأي هذه المرة. ورغم أن نيمار يحب ميسي كثيرا ويعشق اللعب إلى جواره، لكنه يريد أن يكون هو النجم الأبرز في الفريق الذي يلعب له، وأن يكون هو محور الاهتمام، وأن يحصل على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، كما يريد تحديا جديدا بعدما فاز بكل شيء مع برشلونة خلال أربع سنوات قضاها في «كامب نو». وبالتالي، تلاقت طموحاته مع طموحات باريس سان جيرمان.
وعلاوة على ذلك، يضم النادي الباريسي عددا من أفضل أصدقاء نيمار: ليس داني ألفيش وحده، ولكن الفريق يضم أيضا لوكاس مورا، الذي يعرفه نيمار منذ أن كانا في السادسة من عمرهما، وماركينوس الذي يقضي معه عطلاته، وتياغو سيلفا قائده في منتخب البرازيل. وعند هذه المرحلة، اتخذ نيمار قرارا بالرحيل إلى باريس سان جيرمان، وأخبر برشلونة الأربعاء الماضي بهذا القرار. وانتقلت والدته وشقيقته من البرازيل إلى باريس، وبالتحديد إلى جناح في فندق رويال مونسيو الفاخر في قلب العاصمة الفرنسية.
ويوم الخميس الماضي، وقّع نيمار أخيرا على عقد انضمامه إلى باريس سان جيرمان، في وجود جان كلود بلان، الرئيس التنفيذي لباريس سان جيرمان، وماركوس موتا، أحد محاميه. وأعلن خافيير باستوري، الذي حصل على القميص رقم 10 بعد رحيل السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الصيف الماضي، تنازله عن هذا الرقم المميز لنيمار. وبات كل شيء معدا للإعلان رسميا عن الصفقة، ووصل نيمار إلى باريس بطائرة خاصة صباح يوم الجمعة، ليبدأ أول يوم له في حياته الجديدة.
وكان جوسيب ماريا بارتوميو، رئيس برشلونة، انتقد ما وصفه افتقار نيمار للولاء للنادي، مهاجما اللاعب الدولي البرازيلي للبقاء صامتا لحين دفع قيمة الشرط الجزائي القياسية البالغ قيمتها 222 مليون يورو (261 مليون دولار) لينتقل إلى باريس سان جيرمان. وزادت التكهنات حول انتقال نيمار إلى فرنسا خلال جولة برشلونة في الولايات المتحدة الشهر الماضي، حيث تلقى زملاؤه سيلا من الأسئلة بشأنه، بينما ظل هو صامتا دون تعليق على مستقبله حتى تأكدت رسميا الصفقة.
وقال بارتوميو: «طريقته في التعامل مع الأمر لم تكن جيدة. تصرف بشكل لم نتوقعه من أحد لاعبينا. كنا دائما واضحين وكنا نفضل أن نجد الوضوح نفسه منه. القيم شيء مهم للغاية بالنسبة لنا، واللاعبون في حاجة إلى الشعور بأنهم دائما في أفضل ناد بالعالم».
وأضاف بارتوميو، إن النادي يستعد الآن للحياة من دون نيمار الذي سجل 105 أهداف في أربعة مواسم مع برشلونة، فاز خلالها بلقبين للدوري وثلاثة لكأس الملك ودوري أبطال أوروبا 2015.
مكالمة هاتفية وراء صفقة انتقال نيمار القياسية إلى باريس سان جيرمان
انضمام النجم البرازيلي إلى الفريق الفرنسي... تلاقى فيه طموح اللاعب مع تطلعات النادي
مكالمة هاتفية وراء صفقة انتقال نيمار القياسية إلى باريس سان جيرمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة