العقوبات الأميركية على السودان تقلق مرضى السرطان

المراكز الطبية تواجه صعوبات في الحصول على أجهزة الكشف والأدوية

تقني طبي يعرض أجهزة الفحص بالأشعة في مركز صحي بالخرطوم (أ.ف.ب)
تقني طبي يعرض أجهزة الفحص بالأشعة في مركز صحي بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT

العقوبات الأميركية على السودان تقلق مرضى السرطان

تقني طبي يعرض أجهزة الفحص بالأشعة في مركز صحي بالخرطوم (أ.ف.ب)
تقني طبي يعرض أجهزة الفحص بالأشعة في مركز صحي بالخرطوم (أ.ف.ب)

يشتكي مواطنون سودانيون من صعوبة الحصول على الأدوية والعلاج، في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على بلادهم منذ أكثر من 20 عاماً.
وفي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، روى محمد علي حسن المصرفي السوداني من سريره في المستشفى بعد جلسة علاج كيميائي تفاصيل إبلاغه بإصابته بسرطان الدم، وحجم الصدمة الذي رافق الخبر. وقال حسن (30 عاماً): «شعرت بالتعب في الأسبوع الأول من شهر العسل، ثم حضرت إلى هذا المستشفى. لم أتخيل أنه سرطان. إنها مأساة حقيقية».
يتلقى محمد العلاج منذ عام في مركز الخرطوم للعلاج بالإشعاع والنظائر، وهو أكبر مستشفى لعلاج السرطان في البلد، حيث يفترض أن تكون المعدات الطبية والأدوية مستثناة من العقوبات المعقدة التي تفرضها واشنطن على الخرطوم. لكن القيود على التحويلات البنكية والتقنيات وقطع الغيار وإجراءات تجارية أخرى خلقت تعقيدات لعلاج المرضى.
بدوره، أوضح مدير مستشفى الخرطوم للسرطان، خاطر يوسف علي الله، أن اثنين من أربعة أجهزة للعلاج بالأشعة لدى المستشفى تعطلت عن العمل منذ شهور وصار إصلاحها كابوسا. وأضاف علي الله لوكالة الصحافة الفرنسية أن «قطع الغيار للجهازين يجب أن تأتي من أميركا أو أوروبا، ولكننا نواجه مشاكل بسبب بعض الأمور الدبلوماسية».
ويعد استيراد المعدات مباشرة من الجهات المصنعة أمراً معقداً ومرهقاً، جراء القيود المفروضة على التحويلات البنكية. وفرضت واشنطن العقوبات الاقتصادية على السودان في عام 1997 بتهمة دعمه جماعات إسلامية متطرفة، بما فيها تنظيم القاعدة الذي كان زعيمه السابق أسامة بن لادن مقيما في السودان في الفترة من 1992 إلى 1996.
وخلال هذه السنوات، شدّدت الإدارات الأميركية العقوبات على الخرطوم لاتّهامها بانتهاك حقوق الإنسان، خاصة في إقليم دارفور.
ويقول مسؤولون من الطرفين إن العلاقات بين واشنطن والخرطوم تحسنت خلال الشهور الماضية، وفي الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل سيقرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات أو تمديدها.
لكن الأطباء يؤكدون أن الوضع صعب على المرضى. ويستقبل مستشفى الخرطوم شهرياً ألف مريض جديد، ويومياً 500 مريض للمتابعة. ويقول علي الله إن «فترة الانتظار تمتد من ثلاثة إلى أربعة أسابيع وهي فترة طويلة لمريض السرطان».
ونظراً لضجره من فترة الانتظار الطويلة، يرغب حسن في السفر إلى الهند للعلاج. والوضع لا يختلف في مركز الخرطوم لسرطان الثدي، وهو المرفق الوحيد المتخصص في علاج هذا النوع من السرطان في السودان.
وتؤكد هنية فضل، التي تلقت تدريباً على العلاج بالأشعة في بريطانيا وأسست المركز كمؤسسة خيرية، إن جهاز الكشف الإشعاعي بالمركز متوقف عن العمل منذ أسابيع. وأوضحت أن «المشكلة في الصيانة. ليس لدينا وكلاء للشركات لخدمة الأجهزة»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وينبغي أن يأتي الفنيون لإصلاح جهاز التخطيط الإشعاعي، وهو العامل الرئيس في علاج سرطان الثدي، من مصر أو كينيا.
ويصبح الأمر مصدراً رئيسياً للقلق عندما تأتي مريضة جديدة للمستشفى قد يكون لديها تورم صغير، ولكن في ظل تعطل جهاز الكشف الإشعاعي من الصعب اكتشافه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».