خلافات متفاقمة في العراق حول قانون انتخابات مجالس المحافظات

TT

خلافات متفاقمة في العراق حول قانون انتخابات مجالس المحافظات

يبدو من الصعب الحكم فيما إذا نجح مقتدى الصدر والكتل الصغيرة والتيار المدني في مساعيهم للضغط باتجاه تغيير قانون الانتخابات لمجالس الأقضية والمحافظات العراقية، وبخاصة بعد أن أخفق رؤساء الكتل السياسية الذي اجتمعوا، أمس، في القاعة الدستورية بمجلس النواب، في التوصل إلى صيغة مقبولة ترضي جميع الأطراف فيما يتعلق بمعادلة نظام «سانت ليغو» الانتخابي الذي صوت مجلس النواب على بعض بنوده الأسبوع الماضي وآثار موجة استياء من الكتل الصغيرة والتيار المدني ومقتدى الصدر.
وكان الصدر «عزّى» الشعب العراقي في خطبة ألقاها، الجمعة الماضي، بإقرار بعض بنود القانون الجديد بصيغته الحالية، معتبرا أن «قانون الانتخابات الحالي بصيغته الحالية 1.9 من قبل القوى المهيمنة على الساحة السياسية، إنما هو بمثابة موت لطموحات الشعب وتطلعاته بالتغيير والإصلاح». وخرج أتباع الصدر في مظاهرات حاشدة، في اليوم نفسه، منددين بالقانون الجديد.
وقالت مصادر من داخل اجتماع الكتل النيابية: إن المجتمعين توصلوا إلى مقترح وسط يقضي بسحب جميع مقترحات اللجنة القانونية النيابية بشأن قانون الانتخابات وعرض النسخة الحكومية على التصويت في مجلس النواب. ونسخة الحكومة تجعل من نسبة المعادلة والقاسم الانتخابي فيها 1.7 بدلا من 1.9، كما تشترط أن يكون المرشح لعضوية مجلس النواب حاصلا على شهادة جامعية أولية في حدها الأدنى بدلا من الشهادة الإعدادية التي يقترحها القانون المعترض عليه، كما يتم إلغاء الفقرات الـ21 التي صوت عليها مجلس النواب الأسبوع الماضي، والتصويت مجددا على النسخة الجديدة. وفي حال عدم تمرير نسخة رئاسة الوزراء يصار إلى اعتماد نسخة اللجنة القانونية القديمة.
بدوره، أعلن النائب عمار طعمه، رئيس «الفضيلة النيابية»، وهي من الكتل الصغيرة، رفضه النسختين اللتين تقترحان توزيع القاسم الانتخابي وفق نسبة (1.9 - 1.7)، وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماع رؤساء الكتل في مجلس النواب: «كلا النظامين يؤدي إلى هدر كبير في أصوات الناخبين وتحويلها إلى قوائم لم يقصد الناخب اختيارها، تضعف المشاركة السياسية وتجذر سيطرة القوى السياسية النافذة». وبرأيه، فإن اعتماد أحد النظامين «يغلق فرص التغيير والإصلاح أو بروز قوى سياسية ناشئة تضطلع بمهمة إصلاح الأخطاء والإخفاقات السابقة»، معتبرا أن «اقل ما يمكن قبوله كنظام انتخابي هو القاسم 1.4 الذي يمثل نقطة وسطية في مطالب الفرقاء».
وكان رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، قال خلال حضوره المؤتمر التأسيسي الأول لتيار «شباب الحل»، أول من أمس، إنه «لا توجد أي دوافع سياسية تحكم ‏مجلس النواب العراقي في صياغة قانون الانتخابات، وليست هناك إرادة فوق إرادة الأمة المتحققة بصوت ممثلي الشعب في البرلمان»، معتبرا أن «ما يراه المجلس مناسبا في إقرار فقرات هذا التشريع سيكون محل احترام وتقدير وقبول وموافقة ‏من الجميع ضمن ‏الأطر الدستورية والقانونية التي تسمح بذلك».
وتشير أقوى التوقعات إلى أن الصراع حول قانون الانتخابات مرشح للتفاقم، في حال تمسك الرافضون والمؤيدون له بمواقفهم، وبخاصة مع تمسك الكتل الكبيرة بالقاسم الانتخابي (1.9 - 1.7) الذي يضمن لها الفوز بمقاعد كبيرة في مجالس المحافظات، بذريعة توفير القوة لتلك المجالس بتمرير التشريعات اللازمة وعدم السماح للقوى الصغيرة بعرقلة عمل المجالس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».