«النهضة» تتبنى دعوة الشاهد إلى عدم الترشح لرئاسة تونس

TT

«النهضة» تتبنى دعوة الشاهد إلى عدم الترشح لرئاسة تونس

أعلن رئيس مجلس شورى «حركة النهضة» التونسية عبد الكريم الهاروني، تبني المجلس التصريحات الأخيرة لرئيس الحركة راشد الغنوشي الذي دعا رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2019.
وقال الهاروني في مؤتمر صحافي إثر انعقاد الدورة 14 لمجلس الشورى في مدينة الحمامات (60 كلم شمال شرقي العاصمة) أمس، إن تلك التصريحات التي أثارت جدلاً سياسيا ودستورياً واسعاً بين الطبقة السياسية «تمثل الحركة وتعتبر تصريحات رسمية لها». ودعا إلى «عدم تأويلها وإعطائها أكثر من حجمها».
وأكد استمرار دعم «النهضة» للحكومة التي يقودها الشاهد: «خصوصاً في تنفيذ أولويات وثيقة قرطاج وفي حربها ضد الفساد والإرهاب». وقال إن «النهضة تدعو الحكومة إلى التفرغ والتركيز في تنفيذ تلك الأولويات... والباقي حديث يأتي في أوانه»، على حد تعبيره.
ورأى الهاروني أن «الزج بالبلاد في حملة انتخابية سابقة لأوانها، ليس من مصلحة أي طرف سياسي تونسي، ومن شأنه التشويش على عمل الحكومة في حين أن الغنوشي لم يكن يروم هذا الهدف من خلال التعبير عن موقف حركة النهضة من بعض الملفات السياسية».
واتهم «أطرافاً سياسية أخرى» لم يسمها بأنها «تشوش على عمل الحكومة الحالية بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل الأوان وإلى تحوير الدستور ليصبح النظام السياسي رئاسيا». واعتبر أن تأثير هذه الأطراف «أخطر بكثير مما تقدمه حركة النهضة من مواقف سياسية تخدم الانتقال الديمقراطي في تونس وتؤكد مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف الأطراف السياسية».
وكان الغنوشي دعا الشاهد خلال مقابلة تلفزيونية إلى إعلان عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية. ولم يرد الشاهد، مكتفياً بالقول خلال زيارة إلى المناطق المتضررة من الحرائق شمال غربي تونس إن اهتمامه «مركز حالياً على العائلات المتضررة من الحرائق وما لحق الثروة الغابية من خسائر».
من جهة أخرى، أثار إعفاء السفير التونسي لدى الجزائر عبد المجيد الفرشيشي من منصبه تساؤلات عدة وطرحت إمكانية تأثير هذا الإعفاء على العلاقات الرابطة بين البلدين. وعُين السفير المنتمي إلى «النهضة» في وضع سفير مفوض فوق العادة لتونس بالجزائر في الثاني من يونيو (حزيران) 2014، خلال فترة الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.
واتفقت تونس والجزائر على وجود مشاغل مشتركة بينهما لم تعرف طريقها إلى الحل في الوقت المناسب، على غرار قضية رسوم المعابر الحدودية التي أثارت غضباً شعبياً في الجزائر خلال موسم السياحة الماضي، وأدت إلى تشنجات بين رعايا البلدين.
وتلقت الحكومة التونسية شكاوى عدة من رعايا تونسيين مقيمين منذ أعوام في الجزائر، اتهموا من خلالها السفارة هناك بعدم التعاون معهم وإغلاق أبوابها بوجوههم. وأعلنت وزارة الخارجية التونسية قبل أيام، عن تعيين الدبلوماسي الناصر الصيد سفيراً جديداً لتونس لدى الجزائر، ومحمد الحبيب ساسي قنصلاً عاماً لتونس في ولاية تبسة الجزائرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.