ألمانيا: دعوات متزايدة بتسريع إجراءات الترحيل بعد حادثة الطعن الأخيرة

عراقيل ووثائق السفر ترجئ التنفيذ

إجراءات أمنية مشددة قرب حادث الطعن الذي نفذه فلسطيني في مدينة هامبورغ (واشنطن بوست)
إجراءات أمنية مشددة قرب حادث الطعن الذي نفذه فلسطيني في مدينة هامبورغ (واشنطن بوست)
TT

ألمانيا: دعوات متزايدة بتسريع إجراءات الترحيل بعد حادثة الطعن الأخيرة

إجراءات أمنية مشددة قرب حادث الطعن الذي نفذه فلسطيني في مدينة هامبورغ (واشنطن بوست)
إجراءات أمنية مشددة قرب حادث الطعن الذي نفذه فلسطيني في مدينة هامبورغ (واشنطن بوست)

كان على ألمانيا الانتظار لشهور لحين وصول وثائق السفر من السلطة الفلسطينية لاستكمال إجراءات ترحيله، لكن أحمد لم يحتج سوى إلى لحظات ليستل فيها سكينا ويطعن المارة بأحد الأسواق التجارية بمدينة هامبورغ الألمانية.
طعن أحمد ستة أشخاص، توفي أحدهم، فيما جرح السابع أثناء محاولته السيطرة على الجاني الذي سيحاكم بتهمة القتل ومحاولة القتل وكذلك لإلحاقه أذى جسديا بالضحية السابعة.
بحسب المحققين، فقد أراد الشاب الذي اكتفت الشرطة الألمانية بالإشارة إليه باسم «أحمد أ»، والذي يبلغ عمره 26 عاما المولود بدولة الإمارات العربية، أن يموت «شهيدا». وأثار الاعتداء الذي جرى الشهر الماضي التساؤلات مجددا بشأن إحكام ألمانيا السيطرة على حدودها، مما دفع الأحزاب المنافسة لإثارة الاتهامات قبيل الانتخابات المقررة في سبتمبر (أيلول) القادم والتي ستكون بمثابة الاستفتاء على بقاء المستشارة أنجيلا ميركل في منصبها.
وتسعى ألمانيا في رد فعلها على أزمة اللاجئين إلى إثبات أن العامل الإنساني والأمن القومي لا يتعارضان، بيد أن الجدال بشأن الترحيل أظهر التضارب بين المبدأين، بحسب خبراء القانون، مما يؤشر إلى اتجاه أوروبا إلى إحكام رقابتها على الحدود. ومع تشديد ألمانيا لموقفها من الهجرة، وهو ما يتعارض مع سياسة الانفتاح التي تشتهر بها ألمانيا، فقد ظهرت قضية الهجرة كإجراء مهم للأمن القومي للبلاد. وجاءت قضية أحمد لتكشف عن ثغرات في تلك المنظومة حسبما عكست اعتراضات الساسة والإعلام في ألمانيا.
وقال كارستن هوريتش، الخبير في قانون الهجرة والذي يعمل بمدينة هيل، إن «ألمانيا بحديثها عن الترحيل تقول: نحن نحكم سيطرتنا على الحدود، ونجلس على مقعد القيادة».
لكن الخبراء أفادوا بأنه من غير المرجح أن يزيل التشريع الجديد العوائق التي تمنع عمليات الترحيل مثلما يحدث في الحالات التي يصل فيها المهاجرون من دون جوازات سفر. أضاف الخبراء أن هناك حواجز أخرى مثل المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، ومنها المشكلات الصحية وحالات الأطفال والقصر.
وقامت ألمانيا بترحيل أكثر من 25,000 شخص عام 2016. بزيادة 5,000 عن عام 2015. وأفادت وزارة الداخلية أنه في النصف الأول من العام الجاري جرى ترحيل 12,500 شخص، منهم المتهم الرئيسي في اعتداء هامبورغ والبالغ من العمر 26 عاما. وكان مكتب الهجرة الفيدرالي تراخى عام 2015 في إرسال المتهم إلى النرويج بوصفها الدولة التي كان المتهم قد تقدم إليها بطلب للحصول على حق اللجوء السياسي وفق القوانين الأوروبية. وكان طلب المتهم اللجوء إلى ألمانيا قد رفض أيضا نهاية العام الماضي، مما جعله عرضة للترحيل شأن كثيرين غيره، لكنه لم يكن يملك جواز سفر يوضح وجهته المستقبلية. بيد أن السلطات أفادت بأنه أبدى تعاونا مع الشرطة التي تعقبت أوراقه الثبوتية الصادرة عن السلطة الفلسطينية، وهو الإجراء الذي يستغرق شهورا في الأحوال العادية. وفي تلك الفترة، حذر صديق للمتهم السلطات الألمانية من أنه أظهر ميولا متطرفة. وفي الربيع الماضي، تسببت حادثة سرقة من أحد المتاجر - نفاها المتهم في حينها – في وضعه تحت مراقبة الشرطة. ورغم ذلك، لم يكن ينظر على أنه يشكل خطرا كبيرا، وكان يصنف على أنه إسلامي، «لا جهادي»، بحسب أندي غروت، وزير خارجية هامبورغ، وكشفت السلطات أيضا أنه كان يعاني من ضغوط نفسية. وأفاد المدعون الفيدراليون أن الرجل الذي كان يعيش في بيت مخصص للاجئين في هامبورغ اتجه إلى التطرف بسرعة كبيرة. وقبيل تنفيذ الاعتداء، تبدل نمط حياة المتهم فجأة ليتناسب مع «التطرف الجديد في معتقداته».
ويشبه هذا الاعتداء أحد أكثر الحوادث دموية في العقود الأخيرة عندما قام شاب تونسي، مدان في حوادث سابقة وفشل في الحصول على حق اللجوء، بقيادة شاحنة والاندفاع بها في سوق مزدحمة أثناء احتفالات الكريسماس في برلين في ديسمبر (كانون الأول) 2016. وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الاعتداء، على عكس المتهم في اعتداء هامبورغ الذي نفذ العملية من دون تعليمات من شبكة تتولى توجيهه، بحسب السلطات الألمانية.
ولا تزال هناك مطالبات من النخب السياسية باتخاذ إجراءات صارمة تبدأ باعتقال العناصر المتطرفة لمنع الهجمات مسبقا وتنتهي بتشديد الضغوط الاقتصادية على الدول التي خرج منها هؤلاء المتطرفين لاستيعابهم مرة أخرى. ويشير ذلك التناغم في المطالب إلى أن حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف الذي أوشك على دخول البرلمان للمرة الأولى ليس الوحيد الذي يطالب الحكومة بإعادة التفكير في سياسة الهجرة الخاصة التي تتبعها.
وكان لتلك الرسائل صداها في الإعلام الألماني، حيث كتبت صحيفة «بيلد» واسعة الانتشار موضوعا تحت عنوان «كذبة الترحيل الكبرى» أشارت فيه إلى أن أعداد المرحلين عام 2017 أقل من مثيلتها في نفس الفترة من العام الماضي. وصرح هيكو هابي، المحامي بجماعة فلوشتبونك المعنية بتقديم المساعدة القانونية ومقرها هامبورغ، بقوله «نسمع ذلك في كل مرة يحدث فيها شيء مروع. نستطيع أن نضع خطا يفصلنا عن السنوات الخمس عشرة الماضية بأن نشدد من الإجراءات. لكن إن قررنا العيش في مجتمع مفتوح، فلن نستطيع درء كل خطر قادم».
وبعد الاعتداء بيوم واحد، طبق إجراء جديد لتسهيل اعتقال وترحيل المهاجرين. ويعتمد الإجراء على السماح بشكل جديد من المراقبة الإلكترونية، مع عدم الحاجة إلى استصدار إذن بالترحيل في بعض الحالات. لكن هيكو هابي أوضح أن ذلك لم ينطبق على حالة المتهم في اعتداء هامبورغ بسبب عدم وجود علامة «خطر» إلى جوار اسمه.
تضمن القانون الألماني هذا البند منذ عام 2004 ليجيز ترحيل الأجانب كإجراء احترازي، حتى من لم يصدر بحقهم قرار ترحيل، لكن القرار لم يفعّل حتى العام الحالي، بحسب أنا كاثرينا مانغولد، أستاذة القانون بجامعة فرانكفورت. أضافت أنه عند تفعيل القانون العام الجاري، نجحت العديد من المحاكم في درء الكثير من المشكلات استنادا إلى الدستور. أضافت مانغولد، «الحقوق الدستورية للأجانب لا تبدو بتلك الأهمية وسط ظروف كهذه».
بيد أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منعت الاثنين الماضي تنفيذ حكم بترحيل أحد مواطني دولة داغستان والذي يبلغ عمره 18 عاما ومقيم في برلين، شمال غربي ألمانيا – استنادا إلى ذلك القانون - والذي كان من المقرر أن يغادر البلاد الثلاثاء القادم، وذلك على الرغم من أن المحكمة الإدارية الفيدرالية الألمانية والمحكمة الدستورية الفيدرالية قد أيدتا قرار الترحيل. ومن المقرر أن تراجع محكمة حقوق الإنسان الأوروبية القرار.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.