الصدر يطالب الجيش بالسيطرة على المناطق المحررة

دعا إلى دمج «العناصر المنضبطة» من «الحشد الشعبي» في القوات الحكومية ووضعه «تحت إمرة الدولة حصراً»

أنصار الصدر خلال مظاهرتهم في وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر خلال مظاهرتهم في وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدر يطالب الجيش بالسيطرة على المناطق المحررة

أنصار الصدر خلال مظاهرتهم في وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
أنصار الصدر خلال مظاهرتهم في وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)

دعا رجل الدين الشيعي العراقي البارز مقتدى الصدر، أمس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إلى إخضاع ميليشيات «الحشد الشعبي» لسيطرة الدولة، ودمج «العناصر المنضبطة» منها في القوات الحكومية، وسحب السلاح من جميع الفصائل بهدف إبعاد شبح «الإرهاب»، ومواصلة الإصلاح.
وقال الصدر، خلال كلمة وجهها عبر شاشة كبيرة إلى آلاف من أنصاره تظاهروا في وسط بغداد أمس، إن «رئيس مجلس الوزراء ملزم بأن يكمل مشوار الإصلاح بخطى حثيثة وملحوظة ليبعد شبح الإرهاب». وأضاف: «أولاً، دمج العناصر المنضبطة من (الحشد الشعبي)» في إطار «القوات المسلحة الرسمية، وجعل زمام أمر (الحشد) المقر بقانون تحت إمرة الدولة حصراً لا غير، وبشروط صارمة».
وطالبه بـ«العمل على سحب السلاح من الجميع، سواء الفصائل أو غيرها، مع حفظ هيبة المجاهدين والمقاومين»، في إشارة إلى جميع الفصائل المسلحة، بما فيها «سرايا السلام» التابعة للتيار الصدري. وشدد على ضرورة أن «تمسك القوات المسلحة بالأرض المحررة وكذلك الحدود العراقية»، في إشارة إلى وجود مختلف الفصائل في مواقع تمت استعادتها من سيطرة «داعش».
ورفعت غالبية المشاركين في التجمع في ساحة التحرير وسط بغداد أعلاماً عراقية. وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة شملت حواجز تفتيش، وقطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى الساحة، وإغلاق جسر التحرير المؤدي إلى المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة ومبنى البرلمان وسفارات أجنبية؛ بينها الأميركية والبريطانية. ويعد الصدر لاعباً بارزاً على الساحة السياسية العراقية، من خلال دوره في ممارسة الضغوط على الحكومة في إطار محاربة الفساد.
وطالب الصدر خلال التجمع بتعديل القانون الانتخابي وتغيير أعضاء مفوضية الانتخابات بشكل يضمن حقوق جميع الأحزاب السياسية في البلاد. ودعا العبادي إلى «الثبات على موعد الانتخابات في كل المحافظات، حتى المحررة منها، ومن دون تفرقة بين محافظة شيعية أو سنية أو غيرها، وإعطاء الفرصة للأقليات بذلك».
وكان الصدر هدد في وقت سابق بمقاطعة الانتخابات المقررة العام المقبل في حال عدم تعديل القانون الانتخابي. كما طالب رئيس الوزراء بـ«العمل على إدخال الأمم المتحدة للإشراف على مفوضية الانتخابات في حال لم يتم تغييرها، وكذلك فيما يخص قوانين الانتخابات». ولدى انتهاء كلمته، أطلق المتظاهرون هتافات: «نعم نعم للعراق... نعم نعم للإصلاح».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الجابري أن «الشعب العراقي سيبقى في ساحة التحرير حتى تحقيق مطالبه، خصوصاً بمفوضية (انتخابات) صحيحة جدية في عملها وديمقراطية». وكان الصدر اتهم السياسيين بأنهم «يرغبون في مفوضية وقانون يرعى مصالحهم النتنة الضارة كل الضرر بمصالح الشعب». وأقر مجلس النواب خلال الأيام الماضية بعض فقرات القانون الانتخابي. لكن التيار الصدري عدّ أن بعضها يخدم مصالح الأحزاب الكبيرة دون غيرها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.