40 عسكرياً خسائر روسيا في سوريا هذا العام

تكتنفها السرية وتعكس تحولاً إلى مزيد من العمليات البرية

بورتريه عنصر في القوات الخاصة الروسية قتل في سوريا عام 2016 أمام قبره خارج موسكو (رويترز)
بورتريه عنصر في القوات الخاصة الروسية قتل في سوريا عام 2016 أمام قبره خارج موسكو (رويترز)
TT

40 عسكرياً خسائر روسيا في سوريا هذا العام

بورتريه عنصر في القوات الخاصة الروسية قتل في سوريا عام 2016 أمام قبره خارج موسكو (رويترز)
بورتريه عنصر في القوات الخاصة الروسية قتل في سوريا عام 2016 أمام قبره خارج موسكو (رويترز)

نفى الكرملين معلومات وردت في تقارير إعلامية حول مقتل عدد من الجنود الروس في سوريا أكبر مما تذكره وزارة الدفاع الروسية، كما نفى أي علاقة للمؤسسات الرسمية بمقاتلين متطوعين روس في سوريا، وشدد على أن وزارة الدفاع الروسية هي المصدر الوحيد المعتمد فيما يخص المعلومات حول الخسائر في سوريا
وتوضح بيانات وزارة الدفاع الروسية أن عشرة من رجال القوات المسلحة في روسيا سقطوا قتلى في القتال الدائر في سوريا حتى الآن خلال العام الحالي، غير أن «رويترز» تقدر أن عدد القتلى الفعلي للروس من الجنود والمشاركين في القتال بعقود خاصة، لا يقل عن 40 قتيلا، وذلك بناء على روايات أسر القتلى وأصدقائهم ومسؤولين محليين.
ويفوق هذا الرقم للقتلى في سبعة أشهر تقدير الوكالة لعدد القتلى الروس من رجال القوات المسلحة والمتعاقدين في سوريا على مدار الأشهر الخمسة عشر السابقة وهو 36 قتيلا، في حين يشير إلى زيادة كبيرة في معدل الخسائر البشرية في ميدان القتال مع تزايد الدور الروسي.
وأغلب الوفيات التي توصلت إليها «رويترز» أكدها أكثر من شخص واحد بما في ذلك أشخاص كانوا يعرفون القتيل أو مسؤولون محليون.
وفي تسع حالات تأكدت الوكالة من صحة تقارير عن قتلى في وسائل الإعلام المحلية أو وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بالرجوع إلى مصدر آخر.
وربما تكون هذه البيانات متحفظة بعض الشيء؛ إذ إن القادة العسكريين يحثون أسر القتلى على التزام الصمت على حد قول أقارب وأصدقاء لعدد من المقاتلين القتلى، سواء من رجال الجيش الروسي أو من أصحاب التعاقدات الخاصة.

حساسية روسية للنشر
والعدد الحقيقي للخسائر البشرية في الصراع السوري موضوع حساس في روسيا التي تقدم وسائل الإعلام فيها تغطية إيجابية لتطورات الصراع قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل التي يتوقع أن يفوز فيها الرئيس فلاديمير بوتين.
ويعد حجم الخسائر البشرية العسكرية في أوقات السلم سرا من أسرار الدولة منذ وقع بوتين مرسوما قبل ثلاثة أشهر من بدء روسيا عملياتها في سوريا. ورغم أن روسيا تكشف عن بعض القتلى فهي لا تذكر الرقم الإجمالي للخسائر البشرية.
وربما يسهم في تفسير بعض التناقضات في المعلومات، أن روسيا لا تعترف صراحة بأن متعاقدين يخوضون القتال إلى جانب الجيش؛ إذ إن وجودهم في سوريا يمثل فيما يبدو مخالفة لحظر قانوني على مشاركة المدنيين في أعمال قتالية في الخارج كمرتزقة. ومن بين القتلى الأربعين حصلت «رويترز» على أدلة أن 21 منهم من المتعاقدين و17 من جنود الجيش. ولم يتضح وضع القتيلين الآخرين.
لا يعرَف الكثير عن طبيعة العمليات التي يشارك فيها الروس في سوريا. فقد ركزت روسيا في البداية على توفير دعم جوي للقوات السورية، غير أن معدل الخسائر البشرية يشير إلى تزايد التدخل البري.

من أجل المال؟
ومن المتعاقدين الخاصين الذين لم تعترف السلطات رسميا بمقتلهم في سوريا ألكسندر بروموجايبو (40 عاما) من مدينة بيلورشينسك في جنوب روسيا. فقد قال صديق طفولته أرتور ماروبيان، إنه لقي مصرعه في سوريا في 25 أبريل (نيسان).
ويقول ماروبيان الذي زامله أثناء الدراسة: إن بروموجايبو سبق أن شارك في القتال في حرب الشيشان مع وحدة خاصة من قوات المظلات الروسية. وقال إن صديقه القتيل كان يواجه الصعوبات في تدبير نفقاته أثناء العمل حارسا في بلدته، وكان يحتاج إلى المال لبناء بيت يعيش فيه مع زوجته وابنته الصغيرة. وفي العام الماضي قرر الانضمام إلى صفوف المتعاقدين العسكريين الذين يعملون مع وزارة الدفاع الروسية في سوريا، وحصل على وعد بالحصول على مرتب شهري يبلغ 360 ألف روبل (6000 دولار) أي تسعة أمثال المرتب العادي في روسيا.
وتقول مصادر متعددة: إن المتعاقدين العسكريين يُرسلون سرا إلى سوريا تحت قيادة رجل اسمه الحركي «فاغنر». ومن الناحية الرسمية لا توجد في روسيا شركات عسكرية خاصة. ولم تستطع «رويترز» الاتصال بقادة المتعاقدين الروس في سوريا من خلال معارفهم. ويقول ماروبيان إنه حصل على عرض العمل في منشأة عسكرية تتبع وكالة المخابرات العسكرية الروسية بالقرب من قرية مولكينو. وتتبع الوكالة وزارة الدفاع وليس لها متحدث باسمها.
وفي أواخر مايو (أيار) قال ايجور ستريلكوف الزعيم السابق للمتمردين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، والذي ظل على اتصال بالمتطوعين الروس الذين انتقلوا إلى ساحات القتال في سوريا، إن متعاقدين عسكريين من روسيا قاتلوا مؤخرا بالقرب من مدينة حمص السورية إلى جانب مقاتلي جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

تغطية شواهد القبور
تم نقل جينادي برفيلييف اللفتنانت كولونيل بالجيش الروسي والبالغ من العمر 51 عاما إلى سوريا للعمل مستشارا عسكريا. وقد قتل في قصف خلال رحلة استطلاعية في الثامن من أبريل، حسبما قاله زملاء سابقون له في مدرسة شيليابينسك العسكرية العليا لقيادة الدبابات.
وقال أحد الزملاء ويدعى بافل بيكوف «أصابت جرامات عدة من المعادن قلبه». وأكد زميل سابق، أن برفيلييف قتل في سوريا في رحلة استطلاعية. ولم يظهر اسمه في الإخطارات الرسمية لوزارة الدفاع عن القتلى العسكريين في سوريا. ودُفن في مقبرة عسكرية جديدة تخضع لحراسة مشددة خارج موسكو يتعين على زوارها إبراز جوازات سفرهم ويُسألون عند المدخل عن القبر الذي يريدون زيارته. غير أن المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، أكد في تصريحات، أمس، عدم وجود «قبور سرية» دفن فيها جنود روس قتلوا في سوريا، وأضاف: «محاولات تقديم أشخاص لا علاقة لهم بالقوات المسلحة ولا بالعملية في سوريا، على أنهم جنود، كذب من البداية حتى النهاية». واتهم «رويترز» بأنها تحاول تشويه العملية العسكرية الروسية في سوريا، ووصف المعلومات في التقرير حول متطوعين، على أنها «أسطورة».
ويقول مراقبون: إن روسيا هيأت الأرضية التشريعية التي قد تستفيد منها للسماح بمشاركة «الشركات الأمنية الخاصة» و«المرتزقة» في العمليات القتالية في سوريا، وذلك عندما تبنى مجلس الدوما نهاية عام 2016، مشروع قانون إدخال تعديلات على «القانون حول الخدمة الإلزامية والخدمة العسكرية»، نظراً «للمتغيرات على الوضع العسكري – السياسي». وقال ألكسندر خرامتشيخين، نائب مدير معهد الدراسات العسكرية والسياسية، في تعليق على التعديلات المطروحة، في حينها: إن تلك التعديلات «ستمنح دون شك إمكانية للمرتزقة من «فاغنر» بأن يسجلوا نشاطهم» قانونيا، واصفا مشروع القانون بأنه محاولة لمنح الشرعية ولتسهيل نشاط مجموعة «فاغنر» التي تقاتل على الأراضي السورية.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.