أثار تصويت مجلس النواب العراقي، أول من أمس، على 21 من أصل 53 مادة تضمنها مشروع قانون انتخابات مجالس الأقضية والمحافظات، غضب ونقمة الكتل والأحزاب الصغيرة، التي لا تحظى بنسب تمثيل كبيرة في البرلمان الاتحادي ومجالس المحافظات المحلية.
ويرى الناقمون أن الفقرات المصوّت عليها في مشروع القانون تتيح للكتل الكبيرة السيطرة على المجالس المحلية وحرمان الكتل الصغيرة من تلك المقاعد، نتيجة المنافسة غير العادلة التي أقرها القانون، فيما تعتبر الكتل الكبيرة الداعمة للقانون، خصوصاً «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، أن القانون بصيغته الحالية يزيد من فاعلية اتخاذ القرارات داخل المجالس المحلية، ولا يسمح للكتل الصغيرة بعرقلة القوانين.
ويتطابق دعم «ائتلاف دولة القانون» للقانون وتصويت أعضائه عليه في مجلس النواب، مع دعاوى زعيمه المالكي، بشأن مطالبته بحكومة «أغلبية سياسية»، حيث درج المالكي لأشهر على الترويج لهذا المفهوم، معتبراً أن الحكومة المؤلفة على أساس الأغلبية السياسية «حكومة قوية»، خلافاً للحكومات «الضعيفة» التي تشكلت وفق مبدأ التوافق السياسي بعد 2003.
وتعليقاً على التصويت على القانون، قال الناشط والقيادي في «الحزب الشيوعي العراقي» جاسم الحلفي: «بدلا من تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات كي يكون أكثر عدلاً من القانون السابق، جرى التصويت على عدد من فقراته بحيث يكون ملائماً بشكل كامل لكتل المتنفذين». ورأى أن هذا «دليل على تشبثهم بكراسي السلطة التي كانت لهم باباً للإثراء على حساب المال العام».
وأطلق ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي وسماً تحت اسم «لا تسرق صوتي» احتجاجاً على إقرار بعض مواد القانون المتعلقة بحساب القاسم الانتخابي. وتشير أوساط مجلس النواب العراقي، إلى أن كتل «التحالف الكردستاني» و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، إلى جانب كتلة «تيار الحكمة» الجديدة بزعامة عمار الحكيم، صوتت على الفقرات الـ21 من القانون.
ولفت انتباه المراقبين تأكيد مصادر في مجلس النواب على تصويت كتلة «الأحرار» التابعة لمقتدى الصدر في مجلس النواب على القانون، مخالفة بذلك رغبة زعيمها الطامح إلى إعطاء فرصة أكبر للكتل الصغيرة، ومنها حلفاؤه الجدد في التيار المدني وجماعات اليسار العراقي.
غير أن كتلة «الأحرار» عادت وعقدت بعد التصويت مؤتمراً صحافياً أعلنت فيه «مفاجأتها» بموضوع التصويت على القانون، ونفت تصويتها له. وقالت الكتلة خلال المؤتمر الذي عقدته في مبنى مجلس النواب أمس: «انطلاقاً من نداء الشعب العراقي الذي يطالب بالإصلاح، ولا سيما إصلاح العمل السياسي، فوجئنا بالتصويت الذي حصل بخصوص قانون الانتخابات».
واعتبرت أن «قانون الانتخابات الذي جرى التصويت عليه يعزز استئثار الكتل الكبيرة بالسلطة، ويمنع كل خيارات الشعب العراقي من تمرير أي مشروع إصلاحي». وأضافت: «نحن من منطلق المسؤولية الشرعية والوطنية قدمنا مشروعاً بخصوص قانون الانتخابات يضمن التمثيل الحقيقي لطموحات الشارع العراقي وتطلعاته، ونأمل من الكتل السياسية أن تلتفت إليه؛ لأن فيه نوعاً من إصلاح الوضع السياسي».
ويظهر تجاوز مجلس النواب لـ32 مادة من القانون وتأجيل التصويت عليها، حجم الخلافات بين الكتل السياسية على غالبية مواد القانون. وأشار رئيس مجلس النواب سليم الجبوري عقب التصويت على بعض مواد القانون، إلى أن الكتل النيابية لم تتوصل إلى صيغة نهائية مقبولة من الجميع، بشأن المادة 37 من مشروع القانون المتعلقة بإجراء الانتخابات في محافظة كركوك الغنية بالنفط، ويطالب الكرد بضمها إلى إقليم كردستان. ولفت الجبوري إلى أن «الحوارات بين الكتل مستمرة من أجل حسم التباين في الآراء، بخصوص المادة المتعلقة بكركوك».
وتقترح المادة 37 المتنازع عليها بين الأكراد والعرب مراعاة ثلاث فقرات قبل إجراء انتخابات مجلس المحافظة، تتعلق الأولى بـ«مراجعة وتدقيق البيانات والسجلات كافة، المتعلقة بالوضع السكاني للمحافظة بما في ذلك سجل الناخبين» والثانية بـ«تحديد آلية لتقاسم المناصب العليا في المحافظة، باستثناء المناصب الاتحادية، بما يضمن تمثيل جميع مكونات المحافظة». وتقول الفقرة الثالثة: «يبقى وضع محافظة كركوك على ما هو عليه حالياً، إلى حين بت مجلس النواب بوضع المحافظة مستقبلاً»، بمعنى تبعيته إدارياً إلى الحكومة المركزية في بغداد، وهو ما يرفضه الكرد.
وانتخب مجلس محافظة كركوك الحالي عام 2005، بالتزامن مع التصويت على انتخاب أعضاء الجمعية الوطنية، ولم تجر بعد ذلك انتخابات لمجلس المحافظة المحلي، نتيجة الاختلاف بين الكرد والعرب على تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك.
وقال عضو اللجنة القانونية النائب الكردي أمين بكر، في بيان صادر عن مكتبه، إن «المادة 37 من مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات هي مادة دخيلة وتسببت بمشكلات عدة، ناهيك عن كونها غير دستورية وكانت السبب في عرقلة مشروع القانون حتى اللحظة، وخلقت عدة مشكلات».
العراق: مشروع قانون انتخابي يثير انتقادات الكتل الصغيرة
العراق: مشروع قانون انتخابي يثير انتقادات الكتل الصغيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة