رفض إسرائيلي لهدنة الجنوب السوري... وطلب دور مباشر

الكابينت: الاتفاق الروسي الأميركي لا يتطرق إلى إبعاد ميليشيات إيران

TT

رفض إسرائيلي لهدنة الجنوب السوري... وطلب دور مباشر

أبدى المجلس الوزاري السياسي - الأمني المصغر (الكابينت) في الحكومة الإسرائيلية، تحفظات شديدة على الاتفاق الروسي - الأميركي بشأن الجنوب السوري. وقال ناطق بلسانه، أمس، إنه مع الترحيب بوقف إطلاق النار في المنطقة، ترى إسرائيل أن الاتفاق لا يضمن بشكل ثابت منع إيران وميليشياتها و«حزب الله» اللبناني من دخول المنطقة، والاقتراب من الحدود الإسرائيلية، وأنها تحاول تغيير مضمون الاتفاق بواسطة الحوار مع موسكو، ومع واشنطن.
وكان هذا هو أول اجتماع للكابينت الإسرائيلي يخصص للموضوع السوري، وقد ركز على الاتفاق الروسي – الأميركي، واستغرق 4 ساعات حتى منتصف ليلة الاثنين – الثلاثاء، وحضره رئيس أركان الجيش غادي أيزنكوت، ورئيس الموساد يوسي كوهين، وعدد من المسؤولين الكبار في الجيش ووزارتي الخارجية والدفاع.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع مطلع على مجريات الجلسة إنه تم إبلاغ الوزراء بأن الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا ما زال في مرحلة البدايات، ولا يوجد اتفاق على كل مركبات الاتفاق، وأن إسرائيل تعمل مع الإدارة الأميركية والحكومة الروسية من أجل تحسينه، والتأكد من أنه لا يمس بمصالحها الأمنية.
وقال المسؤول الرفيع، الذي طلب التكتم على اسمه، إنه تم تكريس القسم الأكبر من الاجتماع لاستعراض الأوضاع في سوريا، واتفاق وقف إطلاق النار، والمناطق الأمنية العازلة التي ستقام كجزء من الاتفاق المتعلق بالمناطق الحدودية بين سوريا وإسرائيل، وبين سوريا والأردن. وتم إبلاغ الوزراء بأن البيان الأميركي - الروسي بشأن وقف إطلاق النار جنوب سوريا كان أولياً فقط، وأنه لا تزال تجري مفاوضات بين الدولتين، بالتعاون مع الأردن والجهات المعنية بمسألة المناطق العازلة. وأما المسألة المركزية التي لا تزال مفتوحة، فهي عن هوية الجهة التي ستضمن ترتيب الأمر في المناطق العازلة، ومن سيشرف على وقف إطلاق النار، ويتأكد من عدم دخول قوات إيران و«حزب الله» أو الميليشيات الشيعية إليها.
وقرر الوزراء رفض مسودة الاتفاق في صورته الحالية، خصوصاً في موضوع مراقبة المناطق العازلة على الحدود. ومع أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن بنفسه أن بلاده تأخذ بالاعتبار مصالح الولايات المتحدة، وحليفتيها الأردن وإسرائيل، ومع أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت لإسرائيل أن قوات الشرطة العسكرية المنتشرة في المنطقة العازلة التي أقيمت بين سوريا وإسرائيل ستبقى على مسافة 13 كلم من الحدود الحالية، وستمنع اقتراب مسلحين إلى هذه المنطقة، فإن إسرائيل لا تجد ضالتها، وتطالب بأن يكون لها دور مباشر معترف به في هذه المنطقة. وقال المسؤول الرفيع إن «مسألة الإشراف كلها لم تنته بعد، فالمحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن تتواصل في هذا الموضوع من أجل الاتفاق على التفاصيل، وقد سمع الجانب الأميركي موقفنا بشأن معارضة الاتفاق، وتجري بيننا محادثات معقدة وليست بسيطة في هذا الأمر».
وجاء انعقاد المجلس الوزاري بعد عدة أيام من الجولة التي قام بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان في جبل الشيخ لسماع استعراض حول الأوضاع على الحدود. وقال نتنياهو إن «الوضع هنا يتغير بسرعة، فـ(داعش) يتراجع بشكل كبير، وإيران تحاول ملء الفراغ»، وأضاف أن «إيران و(حزب الله) تخلقان هنا قوساً شمالية بمساعدة أسلحة دقيقة».
كانت الولايات المتحدة وروسيا قد أعلنتا قبل شهر عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في جنوب سوريا، يشمل إقامة مناطق عازلة على الحدود السورية الأردنية والسورية الإسرائيلية. وأجرت إسرائيل خلال الأسابيع الماضية محادثات مع مسؤولين في الإدارة الأميركية حول الاتفاق، وعرضت سلسلة من المطالب والتحفظات. وتمحور الطلب الإسرائيلي الرئيسي حول استغلال المناطق العازلة لإبعاد إيران و«حزب الله» والميليشيات الشيعية عن الخط الحدودي مع إسرائيل والأردن، وعدم السماح بترسيخ القوات الإيرانية في سوريا.
وأوضحت إسرائيل للأميركيين تحفظها على تولي القوات الروسية لمهمة مراقبة وقف إطلاق النار في المناطق العازلة المتاخمة لحدودها. وفي منتصف يوليو (تموز) المنصرم، وصلت مسودة اتفاق وقف إطلاق النار إلى إسرائيل، واتضح أنه خلافاً للتوقعات في إسرائيل، فإن الولايات المتحدة وروسيا لم تأخذا موقفها في الاعتبار تقريباً. وقال مسؤولون إسرائيليون إن «الاتفاق بصورته الحالية سيء جداً، وتقريباً لا يأخذ أي مصلحة أمنية إسرائيلية في الاعتبار، ويخلق واقعاً مقلقاً في جنوب سوريا»، وأضافوا أنه «لم تكتب في الاتفاق أية كلمة حول إيران و(حزب الله) أو الميليشيات الشيعية في سوريا».
وعندما التقى نتنياهو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسبوعين، طرح أمامه التخوف الإسرائيلي من الاتفاق، وقال للصحافيين إن إسرائيل تعارض الاتفاق لأنه يرسخ الوجود الإيراني في سوريا. وقد أثارت تصريحات نتنياهو ضد الاتفاق خلافاً شديداً بين إسرائيل والقوتين العظميين في المسألة السورية، لكنه تم الحفاظ على هذا الخلاف ضمن القنوات الدبلوماسية الهادئة، ولم يتم كشفه. ويبدو أن إسرائيل قررت تحويله إلى خلاف علني.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.