9 آلاف مقاتل ومدني سوري يغادرون لبنان اليوم إلى الشمال السوري

الجيش اللبناني يستهدف «داعش» بطائرة «سيسنا» أميركية

قافلة من الحافلات في وادي حميد بجرود عرسال تحمل مقاتلي «النصرة» وعائلاتهم إلى سوريا بحسب الصفقة الأخيرة مع «حزب الله»... (أ.ف.ب)
قافلة من الحافلات في وادي حميد بجرود عرسال تحمل مقاتلي «النصرة» وعائلاتهم إلى سوريا بحسب الصفقة الأخيرة مع «حزب الله»... (أ.ف.ب)
TT

9 آلاف مقاتل ومدني سوري يغادرون لبنان اليوم إلى الشمال السوري

قافلة من الحافلات في وادي حميد بجرود عرسال تحمل مقاتلي «النصرة» وعائلاتهم إلى سوريا بحسب الصفقة الأخيرة مع «حزب الله»... (أ.ف.ب)
قافلة من الحافلات في وادي حميد بجرود عرسال تحمل مقاتلي «النصرة» وعائلاتهم إلى سوريا بحسب الصفقة الأخيرة مع «حزب الله»... (أ.ف.ب)

عبرت حافلات سورية إلى جرود عرسال اللبنانية، أمس، استعدادا لنقل آلاف المقاتلين والمدنيين السوريين الذين قرروا الرحيل إلى الشمال السوري، ضمن صفقة أبرمها «حزب الله» اللبناني وتنظيم «جبهة النصرة»، تقضي بإخراج مقاتلي التنظيم من الأراضي اللبنانية، لكن انطلاق الحافلات أرجئ إلى اليوم الثلاثاء «بسبب إجراءات لوجيستية».
وبينما بدأت المرحلة الثانية من تنفيذ الاتفاق مع «النصرة»، استهدف الجيش اللبناني مواقع لتنظيم داعش في منطقة محاذية على الحدود الشرقية، عصر أمس. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن طائرة تابعة لسلاح الجو اللبناني من نوع «سيسنا»، قصفت أهدافا لـ«داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع بـ5 صواريخ «جو - أرض».
وتسلم لبنان طائرات «سيسنا» من الولايات المتحدة الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) 2016 ضمن خطة تمكين الجيش اللبناني في معركته ضد الإرهاب، وهي طائرات قتالية مزودة بصواريخ «هيل فاير» وأنظمة توجيه تعمل في النهار والليل.
وتعد هذه الغارات التي «حققت إصابات مباشرة»، من المرات القليلة التي يستخدم فيها الجيش اللبناني سلاح الجو في قصف أهداف لمتشددين على الحدود الشرقية، رغم أن طائرات مسيّرة للجيش تحلق بشكل دائم فوق المنطقة، بموازاة استهداف مدفعية الجيش بشكل متكرر ومتواصل تحركات المسلحين في الجرود المقابلة لبلدات رأس بعلبك والقاع وعرسال.
ووصلت قوافل الحافلات، أمس، لنقل الآلاف من متشددي «جبهة النصرة» ومن اللاجئين، من منطقة الحدود اللبنانية إلى سوريا في إطار اتفاق تبادل الأسرى مع «حزب الله»، حيث عمل الجيش اللبناني على تسهيل مرور المدنيين الراغبين بالمغادرة، علما بأنه ليس طرفاً في العملية.
وقالت وحدة «الإعلام الحربي» التابعة للحزب، إنه في إطار اتفاق محلي لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» والمتشددين، سيرحل نحو 9 آلاف مقاتل وأقاربهم إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة في سوريا.
وبدأت المرحلة الثانية صباح أمس بوصول الحافلات التي تجمعت للتوجه إلى منطقة يسيطر عليها الجيش اللبناني في عرسال. وتأخر وصول الحافلات حتى مساء أمس بسبب اضطرار «حزب الله» إلى استصلاح الطرقات بما يسهل وصول الحافلات. ودخلت 70 حافلة من الأراضي السورية باتجاه عرسال أمس، بهدف نقل 9 آلاف مقاتل ومدني من المنطقة، وانضمت إليها عصر أمس 28 حافلة أخرى. وذكرت معلومات أن الحافلات الـ98 دخلت إلى جرود عرسال تحت إشراف الجيش اللبناني في وادي حميد، بينما برزت معلومات أخرى بأن هناك دفعة أخرى من الحافلات ستصل تباعاً، ليصل عددها إلى 150 حافلة تقريباً.
وأظهرت لقطات مصورة من منطقة الحدود العشرات من الحافلات البيضاء وهي تشق طريقها عبر التلال القاحلة. وشاركت جمعية الصليب الأحمر اللبنانية في توفير الإمدادات اللازمة.
وقالت مصادر مطلعة على الترتيبات لتنفيذ الاتفاق، إن الحافلات ستسير أثناء العودة في 3 قوافل نحو الأراضي السورية، بمواكبة من الصليب الأحمر اللبناني والأمن العام اللبناني حتى آخر نقطة لبنانية حدودية مع سوريا، قبل أن ترافقها داخل الأراضي السورية قافلة من الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر الدولي حتى نقطة الوصول إلى حلب، حيث سيتم تسليم أسرى «حزب الله»، مقابل دخول المقاتلين والمدنيين السوريين إلى مناطق سيطرة «النصرة» في ريف حلب الغربي، المتصلة بإدلب السورية.
وازدادت العراقيل اللوجيستية مع زيادة كبيرة بأسماء الراغبين في المغادرة إلى إدلب في الشمال أو إلى الرحيبة في القلمون الشرقي، بينما سيتم إرجاء الراغبين في الرحيل إلى قراهم في القلمون الغربي إلى مرحلة لاحقة. وقال رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري لـ«الشرق الأوسط»، إن الراغبين بالرحيل «تجاوز عددهم العشرة آلاف مقاتل ومدني»، موضحاً أن 70 في المائة منهم يسعون للرحيل باتجاه إدلب، بينما الآخرون سيغادرون إلى الرحيبة السورية في القلمون الشرقي.
وأشار الحجيري إلى «إرجاء تنفيذ اتفاق نقل الراغبين بالعودة إلى قراهم مع أبو طه العسالي، إلى مرحلة لاحقة»، علما بأن أبو طه، المفاوض الذي نفذ في وقت سابق نقل أكثر من 600 لاجئ سوري إلى القلمون الغربي، يوجد في جرود عرسال في هذا الوقت استعدادا لتنفيذ المرحلة الثانية، بعد إخلاء المنطقة من مسلحي «النصرة» والمتجهين إلى إدلب والقلمون الشرقي.
وكانت المرحلة الأولى من الاتفاق في جرود عرسال، أنجزت مساء الأحد برعاية وحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي أشرف على عملية التسلم والتسليم بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» التي قضت بتسليم 5 جثث للحزب؛ 4 منها كانت لدى «النصرة»، وخامسة لدى «سرايا أحرار الشام»، مقابل جثث 9 مسلحين من «النصرة»، وميادة علوش وابنها اللذين كانا موقوفين لدى الأمن العام اللبناني.
ويشبه الاتفاق صفقات أبرمت داخل سوريا نقل بموجبها النظام السوري معارضين ومدنيين إلى محافظة إدلب ومناطق أخرى خاضعة للمعارضة.
وسيطر «حزب الله» على معظم منطقة جرود عرسال الجبلية القاحلة في الأسبوع الماضي في هجوم مشترك مع الجيش السوري لطرد المتشددين من آخر موطئ قدم لهم في منطقة الحدود.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.