ترمب يطيح كبير موظفي البيت الأبيض بعد تحوّل النزاعات في أروقته إلى «حرب علنية»

بعد يوم من وصف سكاراموتشي لبريبوس بأنه «مصاب بجنون العظمة وانفصام الشخصية»

صورة راينس بريبوس تظهر في تقرير إخباري على شاشة تلفزيون في الجناح الغربي للبيت الأبيض ليلة الجمعة (رويترز)
صورة راينس بريبوس تظهر في تقرير إخباري على شاشة تلفزيون في الجناح الغربي للبيت الأبيض ليلة الجمعة (رويترز)
TT

ترمب يطيح كبير موظفي البيت الأبيض بعد تحوّل النزاعات في أروقته إلى «حرب علنية»

صورة راينس بريبوس تظهر في تقرير إخباري على شاشة تلفزيون في الجناح الغربي للبيت الأبيض ليلة الجمعة (رويترز)
صورة راينس بريبوس تظهر في تقرير إخباري على شاشة تلفزيون في الجناح الغربي للبيت الأبيض ليلة الجمعة (رويترز)

أقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب كبير موظفي البيت الأبيض راينس بريبوس وعيّن مكانه وزير الأمن الداخلي الجنرال السابق جون كيلي، لتتحول النزاعات في أروقة البيت الأبيض إلى حرب علنية.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الإقالة جاءت بعد ساعات فقط على فشل ترمب في تعديل نظام الرعاية الصحية (أوباماكير)، في تصويت سلّط الأضواء على مدى هشاشة سيطرته على الحزب الجمهوري، في الكونغرس.
ومنذ دخول ترمب إلى البيت الأبيض مطلع السنة، استقال أو أُقيل مستشاره للأمن القومي، ونائب مستشاره للأمن القومي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، والمتحدث باسم البيت الأبيض، ومدير الإعلام فيه، ووزير العدل بالوكالة، ونائب كبير موظفي البيت الأبيض، وأخيراً، أول من أمس (الجمعة)، رئيس فريق العاملين في البيت الأبيض. وكان بريبوس في عين العاصفة لعدة أشهر حيث تابع مغادرة زميل مقرب في البيت الأبيض تلو الآخر، وهو ما بلغ ذروته مع استقالة الناطق باسم الرئاسة شون سبايسر قبل أسبوع. ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن خروج بريبوس من البيت الأبيض بدا أمراً لا مفر منه، بعدما ترك ترمب مدير الإعلام الجديد أنطوني سكاراموتشي يهاجمه علناً حيث وصفه بالمصاب بـ«جنون الارتياب وانفصام الشخصية»، في آخر هجوم لفظي بذيء له على كبار مساعدي ترمب.
وأعلن ترمب عن التغيير عبر موقع «تويتر» فور وصوله إلى واشنطن، من رحلة رافقه خلالها بريبوس وسكاراموتشي. وكتب ترمب يقول: «يسرني إبلاغكم بأنني سمّيت للتو الجنرال الوزير جون إف كيلي أميناً عاماً للبيت الأبيض»، مضيفاً: «إنه أميركي عظيم (...) وقائد عظيم. جون قام أيضاً بعمل رائع في (مجال) الأمن القومي. لقد كان نجماً فعلياً داخل إدارتي»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبينما بدأت تغريدة الرئيس تأخذ صداها في واشنطن، خرج بريبوس من طائرة «إير فورس وان» الرئاسية تحت المطر وركب سيارة سوداء برفقة المستشارين البارزين للبيت الأبيض ستيفن ميلر ودان سكافينو. وبعد لحظات، خرج ميلر وسكافينو من السيارة وركبا سيارة أخرى فيما غادرت تلك التي تحمل بريبوس الموكب الرئاسي.
وأوضحت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة هاكابي ساندرز أن المناقشات بشأن مغادرة بريبوس كانت تجري منذ أسابيع. أما بريبوس، فقال إنه قدم استقالته الخميس، مؤكداً أنه ناقش هذه المسألة مع ترمب «كل الوقت».
من جهته، سيعيَّن كيلي في منصبه الجديد غداً الاثنين. وتعد وزارة الأمن الداخلي التي يتولاها مسؤولة عن فرض الأمن على الحدود، وقد تبنت نهجاً صارماً في التعاطي مع المهاجرين داخل الولايات المتحدة. وقالت الوكالة الفرنسية إن اختيار كيلي يُعتبر مؤشراً على أن التركيز سيزداد على المسائل المتعلقة بالقانون والنظام، وهو ما سيزيد الضغط على العلاقات بين ترمب والمؤسسة الجمهورية.
وشكّل كل من بريبوس وسبايسر جزءاً من اللجنة الوطنية التابعة للجمهوريين، والجسر الذي يربط الحزب بترمب. وفي محاولة للتخفيف من القلق من حدة الانقسامات، أكدت ساندرز: «أعتقد أنه لا يزال لدينا علاقة جيدة مع الحزب وسنواصل العمل معه».
ويأتي الإعلان عن مغادرة بريبوس بعدما تحدى ثلاثة أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ ضغوط البيت الأبيض للتصويت لصالح تعديل نظام الرعاية الصحية، في إصلاحات توقّع خبراء أنها كانت لتترك ملايين الأميركيين دون تغطية صحية. ويُعد التمرد في أوساط الحزب - الذي قاده جون ماكين وسوزان كولينز وليزا موركوفسكي - نذير شؤم بالنسبة إلى ترمب الذي اقترن اسمه سياسياً بالبراعة في عقد الصفقات والنهج السياسي المتصلب.
وتزداد المؤشرات على أن تهديدات ترمب ضد الجمهوريين المشككين فيه بدأت تفقد فعاليتها، إذ إنهم لم يقوّضوا فقط جهود تفكيك نظام «أوباماكير» بل انضموا كذلك إلى الديمقراطيين في دعم فرض عقوبات جديدة على روسيا. ويهدف مشروع القانون المرتبط بالعقوبات، الذي يضم كذلك إجراءات تستهدف كوريا الشمالية وإيران، إلى الحد من قدرة ترمب على إزالة الإجراءات العقابية ضد موسكو.
ويواجه ترمب حالياً خيارين: إما أن يقبل على مضض بمشروع القانون الذي لطالما عارضه، أو الإصرار على رفضه، وهو ما من شأنه أن يزيد الشكوك بشأن موقفه من روسيا ويفضي إلى إسقاط مهين لـ«فيتو الرئيس». لكن البيت الأبيض قال مساء الجمعة إن ترمب سيوقع قانون العقوبات الصادر عن الكونغرس، في خطوة قد تزيد التوتر مع موسكو التي كانت أصلاً قد أعلنت أول من أمس إجراءات عقابية ضد الأميركيين تضمنت خفضاً كبيراً في أعداد دبلوماسييهم ومصادرة مقرين تابعين للسفارة.
ويأتي كل ذلك في وقت سلطت ردود سكاراموتشي الانفعالية الأضواء على الانقسامات داخل إدارة ترمب. وكان الاقتتال «السينمائي» داخل البيت الأبيض خرج إلى الرأي العام، الخميس، حيث أصبح الجناح الغربي في مقر الرئاسة الأميركية أشبه ببرنامج تلفزيوني واقعي في نيويورك فيه مزيج من الدراما والذكورية والشك. ومنذ وصوله إلى منصبه، حاول مدير الاتصالات الجديد سكاراموتشي الإطاحة بكبير موظفي البيت الأبيض في حملة تتسم بالعدائية. فقد قام سكاراموتشي، وهو ممول ثري في نيويورك ولطالما افتخر بأن علاقته بالرئيس الأميركي بدأت كصداقة، باتهام بريبوس بتسريبه ما يحدث وراء الكواليس ومعلومات عن كشوفاته المالية الشخصية إلى وسائل الإعلام. لكن هدفه الأوسع هو إخراج كبار المستشارين والموظفين الذين يشك في ولائهم للرئيس الأميركي، على ما أوردت صحيفة «واشنطن بوست».
ففي مقابلة مع صحيفة «نيويوركر»، مع الصحافي ريان ليتسا، وصف سكاراموتشي بريبوس بأنه «سخيف ومصاب بجنون العظمة وانفصام الشخصية»، مضيفاً أنه ستتم إقالة الأخير قريباً من إدارة ترمب، وهو ما تم فعلاً بعد يوم من نشر المقابلة.
والعداء بين المسؤولين ليس بجديد. فبعد فوز ترمب بالانتخابات، باع سكاراموتشي شركته «سكاي بريدج كابيتول» في خطوة منه للتحضير لتسلم منصب في البيت الأبيض. لكن هذه الخطوة تم تأخيرها من قبل بريبوس، بحسب «واشنطن بوست».
وخلال الأسبوع الماضي، فاجأ ترمب الجميع بما في ذلك بريبوس وكبير المخططين الاستراتيجيين والمستشارين في حكومته ستيف بانون بتعيينه سكاراموتشي في منصب مدير الاتصالات، ما دفع المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، وهو حليف بريبوس، إلى تقديم استقالته.
ويعتبر بريبوس شخصية مؤسسية ضمن الموظفين غير التقليديين في البيت الأبيض، وقد واجه منذ فترة طويلة انتقادات من بعض حلفاء ترمب الأقوياء الذين يشككون في أهليته لهذه المهمة ويشعرون بالقلق من سمعته. لكن الهجمات التي كان يتعرض لها بهدوء لعدة أشهر وراء الكواليس ظهرت الآن للعلن عبر سكاراموتشي نفسه، الذي يدعي أن الرئيس موافق على ما يقوم به. ولفتت «واشنطن بوست» إلى أن سكاراموتشي وصف نفسه في مقابلة «نيويوركر» كشخص متفانٍ في سبيل الرئيس، متهماً بانون بأنه يعمل لمصلحته الشخصية على حساب الرئيس.
كما انتقد سكاراموتشي بغضب بريبوس لمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض لمدة ستة أشهر، وأفاد بأنه هو من قام بتسريب تفاصيل عشاء ليلة الأربعاء في البيت الأبيض مع مذيع قناة «فوكس نيوز»، شون هانيتي.
وفي تعليق على المعلومات المنشورة في الجريدة، لم ينف سكاراموتشي أن يكون قد أطلق نعوتاً بذيئة وصفات نابية على زملائه في الإدارة، وقال عبر حسابه الرسمي على «تويتر»: «أنا في بعض الأحيان أستخدم كلمات نابية، لأنها تكون واقعية في هذا المجال، لكني لا أحيط جدول دونالد ترمب بصراع عاطفي». ثم صبّ غضبه على الصحافي ريان ليتسا متهماً إياه بتسريب اللقاء، قائلاً إنه أخطأ حين وثق به. يذكر أن سكاراموتشي لم يطلب من الصحافي عدم تسجيل المحادثة أو إبقاءها طي الكتمان.
وكان سكاراموتشي حضر ليل الأربعاء عشاء في البيت الأبيض مع الرئيس ترمب، والسيدة الأولى ميلانيا ترمب، وهانيتي، والمدير التنفيذي السابق لشركة «فوكس نيوز» بيل شاين للحديث عن تغييرات في موظفي الجناح الغربي للبيت الأبيض. بعدها، قام مراسل «نيويوركر» ليتسا بتسريب الخبر عبر حسابه على «تويتر»، مما دفع سكاراموتشي إلى الاتصال به لمعرفة مصدر التسريبات في البيت الأبيض. ولما فشل في ذلك، بدأ بشتم عدد من المسؤولين الآخرين.
وكان سكاراموتشي أيضاً غاضباً من موقع «بوليتيكو» كونه نشر معلومات تفيد بأن مدير الاتصالات الجديد ما زال يحصل على أرباح من شركته السابقة. وقالت المراسلة التي كتبت المقال في «بوليتيكو» لورين ووليرت إنها حصلت على نموذج الكشف المالي الذي يُعتبر سجلاً عاماً عندما طلبته من الوكالة.
ولاحقاً، وفي اتصاله مع ليتسا، عبّر سكاراموتشي عن اعتقاده أن بريبوس سرّب هذه المعلومات، ثم كتب تغريدة ذكر فيها بريبوس وأفاد بأنه سيتواصل مع مكتب التحقيقات الفيدرالي حول تسريب معلوماته المالية، التي تعتبر جناية. بعدها بساعتين، قام بإزالة التغريدة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».