موسكو تحذر من تقويض التعاون داخل المجموعة الدولية لدعم سوريا

اتصالات بين قائدي الأركان الروسي والأميركي

TT

موسكو تحذر من تقويض التعاون داخل المجموعة الدولية لدعم سوريا

حذرت روسيا من احتمال تقويض التعاون في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا، وذلك في سياق رد فعلها على رسالة وجهتها 14 دولة عضو في المجموعة إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة يوم 24 يوليو (تموز) الحالي، يطالبونه فيها بضمان إرسال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق في سوريا، وبصورة خاصة إلى المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها.
وقال مصدر دبلوماسي من لجان العمل في جنيف، التابعة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، في حديث لوكالة «ريا نوفوستي» إنه «من المؤسف أن يتم توجيه تلك الرسالة من وراء ظهر روسيا، الدولة التي تشغل موقعا رئيسيا داخل المجموعة الدولية»، وقال إن «تلك الرسالة تنتهك آليات العمل التي تم اعتمادها في لقاءات المجموعة في ميونيخ وفيينا».
وتريد روسيا أن يتم حل هذه المسائل بالتعاون مع النظام السوري، وهو ما أشار إليه المصدر حين أعاد للأذهان أن «روسيا تدعو دوما لحل سلمي سياسي للأزمة السورية، والتعاون مع السلطات السورية إن كان في القضايا الإنسانية، أو في مسائل وقف إطلاق النار والتصدي للإرهاب». كما ذكر المصدر أن حكومة النظام السوري، وخلال مؤتمر صحافي لممثل الهلال الأحمر، والصليب الأحمر والمنسق الدولي للمساعدات الإنسانية، أكدت استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية في مجال إيصال المساعدات الإنسانية. ويزعم النظام السوري منذ بداية الأزمة، أنه مستعد للتعاون في المجال الإنساني لكن عمليا كان يرفض السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وسمح في حالات استثنائية فقط، بينما ترسل روسيا مساعدات إنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، ومناطق تقول إنها انضمت إلى «المصالحات». ومؤخراً أرسلت روسيا قافلة إلى منطقة التهدئة في الغوطة الشرقية، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
في سياق آخر، وبعد مشاركتها مع روسيا في صياغة اتفاق التهدئة جنوب - غرب سوريا، تتجه الولايات المتحدة إلى تعزيز الاتصالات الثنائية، عبر القنوات العسكرية.
وكان قائد العمليات الاستراتيجية في القوات الأميركية الجنرال جون هايتن، يتحدث خلال مؤتمر صحافي في مقر القيادة الاستراتيجية في أوماها ولاية نبراسكا يوم الأربعاء، بحسب وكالة «تاس» الروسية، التي تحدثت عن أن دانفورد «يسعى إلى تعزيز وتوسيع اتصالاته مع نظيره رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف، ويعمل على تأسيس خط اتصال مباشر معه».
وأكد هايتن أن «الحوار حالياً بين دانفورد وغيراسيموف، يركز بالفعل على الوضع في سوريا»، ووصف تلك الاتصالات بأنها «ذات معنى، نظراً للعملية التي تجري في سوريا بمشاركة القوات الجوية الروسية»، وعبر عن قناعته بأنه «سيمضي كثيرا من الوقت قبل أن يتغير هذا الوضع»، في إشارة منه إلى أن الملف السوري سيبقى مدرجا على جدول أعمال الاتصالات بين قادة الأركان في روسيا والولايات المتحدة فترة طويلة من الزمن.
وكانت الولايات المتحدة جمدت الاتصالات عبر القنوات العسكرية مع روسيا منذ مارس (آذار) عام 2014، على خلفية الأزمة الأوكرانية. رغم ذلك التقى دانفورد وغيراسيموف أكثر من مرة خلال العام الحالي، وتجري بينهما اتصالات هاتفية دورية، وفق ما أكد هايتن، ويرجح أن المسؤولين العسكريين كانا يتناولان مواضيع عدة في محادثاتهما، لكن مع تركيز على الملف السوري.
ميدانيا، قال ديمتري بيسكوف المتحدث الصحافي باسم الكرملين في تصريحات، أمس، إن موسكو تقم بشكل إيجابي على العمل حول إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، لافتاً إلى أن «الأمر لا يخلو بالطبع من الصعوبات»، واستدرك مؤكداً تسجيل «دينامية إيجابية بشكل عام حيث بدأ عمل تلك المناطق»، في إشارة منه إلى الوضع في منطقة التهدئة جنوب - غرب سوريا التي تم الإعلان عنها بموجب اتفاق أميركي - روسي - أردني، ومنطقة التهدئة في الغوطة الشرقية، التي أعلن عنها بموجب اتفاق بين روسيا و«جيش الإسلام». وبالنسبة لمناطق خفض التصعيد الأخرى، في إدلب وريف حمص، أشار المتحدث باسم الكرملين إلى أنه «يتعين القيام بمزيد من العمل حول منطقتين أخريين من مناطق خفض التصعيد»، وكرر تأكيده هنا أيضاً بأن «الوضع جيد بشكل عام»، لكنه رفض الخوض في التفاصيل. وكان العقيد سيرغي رودسكوي، مدير العمليات في هيئة الأركان الروسية، أكد في وقت سابق، أن المشاورات حول منطقة خفض التصعيد في إدلب ما زالت مستمرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».