النظام يتجاهل هدنة الغوطة الشرقية ويرتكب مجزرة في عربين

مقتل 9 مدنيين في غارات استهدفتها رغم الهدنة

مسن يجلس فوق ركام بيته في عربين بعد غارة طيران ليل الاثنين (أ.ف.ب)
مسن يجلس فوق ركام بيته في عربين بعد غارة طيران ليل الاثنين (أ.ف.ب)
TT

النظام يتجاهل هدنة الغوطة الشرقية ويرتكب مجزرة في عربين

مسن يجلس فوق ركام بيته في عربين بعد غارة طيران ليل الاثنين (أ.ف.ب)
مسن يجلس فوق ركام بيته في عربين بعد غارة طيران ليل الاثنين (أ.ف.ب)

قتل تسعة مدنيين، نصفهم أطفال، جراء غارة نفذتها طائرات حربية لم يتضح إذا كانت سورية أم روسية ليلاً على الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، في أول حصيلة قتلى منذ سريان هدنة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأفاد المرصد بـ«تنفيذ طائرة حربية عند الساعة 11.30 من ليل الاثنين غارة بثمانية صواريخ استهدفت وسط مدينة عربين» في الغوطة الشرقية في ريف دمشق. ولم يتمكن المرصد من تحديد إذا كانت الطائرات التي نفذتها «سورية أم روسية».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الغارة «تسببت في مقتل تسعة مدنيين، بينهم أربعة أطفال على الأقل وامرأة». وأشار إلى إصابة ثلاثين شخصاً آخرين بينهم أطفال بجروح، عدد منهم في «حالة حرجة». وأضاف أنها «أول مرة يسقط فيها شهداء مدنيون منذ بدء اتفاق الهدنة».
وأكد مصدر طبي في مستشفى ميداني نقل إليه الضحايا والجرحى حصيلة القتلى ذاتها. وتظهر صور التقطها مصور الوكالة داخل المستشفى، جثث أطفال ملفوفة بقماش أبيض وممددة على الأرض، اثنان منها لطفلتين رضيعتين.
وفي صورة أخرى، يعمل أطباء وممرضون على إسعاف طفل يصرخ وهو ممدد على السرير. وعلى سرير آخر جلس ثلاثة أطفال صغار، تغطي الدماء وجه أحدهم فيما يبكي الثاني ويظهر الآخر في حالة صدمة. وقالت امرأة وهي تبكي قرب ثلاث جثث مكفنة «جاءت أختي لزيارتنا مع ابنها وابنتها وقتلوا جميعهم».
وفي الحي السكني الذي استهدفته الغارة، شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، مدنيين وعمال إغاثة يعملون على رفع الركام. وقال الفتى محمد (13 عاما) وهو يساعد في رفع الركام: «كنا نائمين في المنزل قبل أن تأتي طيارة وترمي صاروخاً». ويضيف: «كنت مع أمي وأختي سمعنا انفجارا قويا ثم نزلنا إلى القبو».
وروى أبو بشار وهو في الثلاثينات وأب لأربعة أطفال، أن «الأبواب تخلعت والنوافذ وسقطت علينا (...) لم نعد نر شيئا من كثرة الغبار».
وبدأ ظهر السبت تطبيق وقف الأعمال القتالية في منطقة الغوطة الشرقية، بعد ساعات من إعلان روسيا الاتفاق على آليات التطبيق.
وأكد عبد الرحمن أن «الغارة على عربين التي يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن بشكل رئيسي تعد خرقاً واضحاً للهدنة» نافياً وجود فصائل جهادية في المدينة.
وتظهر خريطة تم عرضها خلال مؤتمر صحافي لوزارة الدفاع الروسية الاثنين أن الجزء الشمالي من عربين مستثنى من الاتفاق.
وكان الجيش السوري أعلن في بيان السبت «وقف الأعمال القتالية في عدد من مناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق» من دون أن يسمي المناطق غير المشمولة بالاتفاق. لكن صحيفة «الوطن» السورية القريبة من دمشق نقلت الاثنين عن «مصدر ميداني» استثناء «ميليشيا فيلق الرحمن والنصرة» من اتفاق وقف الأعمال القتالية.
يذكر أنه سبق هذه المجزرة، سبع غارات جوية شنتها الطائرات الحربية، استهدفت بلدات عين ترما و‏النشابية وحوش الضواهرة، ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي عنيف، فيما تعرضت مدينة حرستا لقصف مدفعي كثيف، كما دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام، وفصائل المعارضة على جبهات عين ترما، وتمكن خلالها الفصائل من التصدي لمحاولات تقدم للنظام وحلفائه.
من جهته، اتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، النظام والميليشيات الإيرانية، بـ«خرق اتفاق الهدنة في الغوطة». وقال رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف أحمد رمضان، إن «الاتفاق تضمن منطقة الغوطة الشرقية بشكل كامل، ولكن خرق الاتفاق يتم من قبل جهات رافضة أساساً له، وهي الميليشيات الإيرانية والنظام السوري»، داعياً إلى «تطبيق الآليات نفسها التي طبقت في الجنوب، لوقف القصف في الغوطة الشرقية، واعتماد آلية مراقبة للخروقات، وعدم السماح للميليشيات الإيرانية بإعادة الانتشار في هذه المناطق».
وتحاصر قوات النظام وحلفاؤها منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق منذ أكثر من أربع سنوات. وغالبا ما شكلت هدفاً لغاراتها وعملياتها العسكرية. والغوطة الشرقية هي إحدى أربع مناطق نص عليها اتفاق «خفض التصعيد» الذي وقعته كل من روسيا وإيران حليفتا النظام وتركيا الداعمة للمعارضة في آستانة في مايو (أيار).
وينص الاتفاق بشكل رئيسي على وقف المعارك بين القوات السورية والفصائل المعارضة ووقف الغارات الجوية وإدخال قوافل المساعدات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».