هجوم واسع لـ«داعش» يؤخر تقدم «سوريا الديمقراطية» في الرقة

التحالف الدولي يحذر النظام من «رد حاسم» في حال تخطى حدوده

نازحات سوريات هاربات من المعارك في الرقة وصلن إلى مخيم عين عيسى شمال شرقي المدينة أول من أمس (أ.ب)
نازحات سوريات هاربات من المعارك في الرقة وصلن إلى مخيم عين عيسى شمال شرقي المدينة أول من أمس (أ.ب)
TT

هجوم واسع لـ«داعش» يؤخر تقدم «سوريا الديمقراطية» في الرقة

نازحات سوريات هاربات من المعارك في الرقة وصلن إلى مخيم عين عيسى شمال شرقي المدينة أول من أمس (أ.ب)
نازحات سوريات هاربات من المعارك في الرقة وصلن إلى مخيم عين عيسى شمال شرقي المدينة أول من أمس (أ.ب)

تنشغل «قوات سوريا الديمقراطية» منذ مطلع الأسبوع الحالي بصد هجمات متتالية وكبيرة يشنها تنظيم داعش على مناطق دخلتها مؤخرا في إطار حملتها العسكرية المستمرة للسيطرة على مدينة الرقة، معقل التنظيم المتطرف في الشمال السوري، مما يؤخر تقدمها ويكبدها خسائر كبيرة، في وقت تحدثت فيه التقارير الأخيرة عن عملية تقاسم النفوذ في الرقة بين الأميركيين والروس وحلفائهما.
وتواصل قوات النظام السوري وحلفائه التقدم في الريف الشرقي للرقة، حيث أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس وصولهم إلى مشارف آخر مدينة يسيطر عليها «داعش» في المحافظة، بالتزامن مع تأكيد الجنرال روبرت جونز نائب القائد العام لقوات التحالف الدولي أنّهم وضعوا حدودا للنظام في الرقة وأخبروه بضرورة الالتزام بها، محذرا من «رد حاسم» في حال تجاوزها.
وقال «المرصد السوري»، أمس، إن المعارك العنيفة لا تزال مستمرة بين «قوات سوريا الديمقراطية» مدعمة بقوات أميركية خاصة من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، في مدينة الرقة، مشيرا إلى «هجوم معاكس للتنظيم على محاور في القسم الغربي لمدينة الرقة، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
من جهتها، أفادت «قسد» أن التنظيم المتطرف شن «هجوما عكسيا واسعا على نقاط تمركز مقاتلينا داخل المدينة ومن 3 محاور»، لافتة إلى أن الهدف من الهجوم «شغل قواتنا عن المضي في تحرير مزيد من الأحياء وعرقلة تقدمهم المطرد، حيث استخدم المرتزقة في هذا الهجوم الواسع مجموعة من الانتحاريين بالأحزمة الناسفة، بالإضافة إلى سيارات مفخخة تستخدم للهجوم المباشر بإسناد من مجموعات قتالية للسيطرة على النقاط التي سيستهدفها الانتحاريون».
وأكدت «قوات سوريا الديمقراطية» تصديها لهذا الهجوم الذي استهدف حي هشام بن عبد الملك جنوب المدينة، وحي البريد شمال غربي المدينة، وحي الروضة في الشمال الشرقي، مشيرة إلى مقتل ما لا يقل عن 35 عنصرا من «داعش».
وأفاد أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت»، باستخدام «داعش» السيارات المفخخة بكثرة في الآونة الأخيرة للتصدي لهجوم «قسد»: «ولكن من دون فائدة»، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اللافت مؤخرا هو التدخل الروسي الكبير بالريف الشرقي والجنوبي للرقة والغارات الجنونية التي يتم شنها بالتزامن مع إلقاء مناشير تدعو السكان إلى المغادرة».
وفي هذا السياق، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تقدم قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية بقيادة المجموعات التي يترأسها العميد سهيل الحسن المعروف بلقب «النمر»، وتوسيع نطاق سيطرتها على حساب تنظيم داعش في الريف الشرقي والجنوبي الشرقي لمدينة الرقة، بعد إنهاء وجود التنظيم في النصف الغربي من ريف الرقة الجنوبي، وفي الريف الغربي. وأشار «المرصد» إلى محاولة قوات النظام التقدم في محورين ينطلقان كلاهما من منطقة مزارع رجم السليمان، بحيث يتجه الأول نحو قرية غانم العلي، فيما يتجه الثاني إلى مدينة معدان التي تعد المدينة الوحيدة المتبقية بشكل كامل تحت سيطرة «داعش» في كامل محافظة الرقة.
وتُحكم «قوات سوريا الديمقراطية» المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية والتحالف الدولي، سيطرتها على نسبة 67.90 في المائة من جغرافية محافظة الرقة، فيما تسيطر قوات النظام على نسبة 22.54 في المائة، في حين لا يزال «داعش» يحافظ على نسبة 9.56 في المائة من مساحة المحافظة.
ويبدو أن هناك اتفاقا أميركيا - روسيا واضح المعالم حول تقاسم السيطرة على الرقة، بحيث يكون جنوب نهر الفرات خاضعا لسيطرة النظام وشمال الفرات تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، وهذا ما تحدث عنه بصراحة الجنرال روبرت جونز نائب القائد العام لقوات التحالف الدولي خلال زيارته مدينة الطبقة في الشمال السوري مطلع الأسبوع؛ إذ نقل «المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية» عنه، ردا على سؤال حول مخاوف البعض من إمكانية تقدم قوات النظام باتجاه مدينة الرقة، تأكيده بأنهم في التحالف دولي «وضعوا حدودا للنظام، وأخبروه بتلك الحدود وضرورة التزامه بها»، لافتا إلى أن «النظام ملتزم بها حتى الآن، وفيما إذا تجاوزها، فإنه سيلقى ردا حاسما من قبل التحالف الدولي».
وكانت قوات النظام والمسلحون الموالون لها بدأوا التوغل في ريف محافظة الرقة، في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وقد سيطروا منذ ذلك على القسم الغربي من ريف الرقة الجنوبي، ويتوغلون حاليا نحو الشرق من خلال محورين رئيسيين؛ الأول باتجاه ضفاف الفرات الجنوبية وطريق الرقة - دير الزور، والثاني باتجاه الحدود الإدارية لمحافظة الرقة مع ريف دير الزور الشمالي الغربي، حيث وصلت قوات النظام لمسافة نحو 9 كيلومترات من هذه الحدود، وهي أقرب مسافة تصل إليها قوات النظام حتى حدود دير الزور من محور الرقة.
ويرسم هذا التقدم، بحسب «المرصد»، حدود النفوذ الجديدة بين قوات النظام المدعومة روسياً و«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قبل التحالف الدولي. ولعل ما يكرس عملية تقاسم النفوذ في الرقة بين الأميركيين والروس هو وقف قوات التحالف الدولي غاراتها على الريف الشرقي للرقة وأجزاء من ريف دير الزور الشمالي الغربي، لتحل محلها الطائرات الروسية التي نفذت عشرات الغارات الجوية مستهدفة القرى الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش على الضفة الجنوبية لنهر الفرات والممتدة من شرق حويجة شنان وصولاً للحدود مع دير الزور.
وكان لافتاً ما نقلته وكالة «سبوتنيك» أمس عن قائد ميداني أكّد قدرة قوات النظام السوري على «استعادة الرقة من الإرهابيين خلال 5 ساعات»، مضيرا إلى أن «مسألة تحريرها مرتبطة بتحديد لحظة الهجوم».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.