النظام يواصل قصف جوبر وغرب الغوطة... ويوقف العمليات البرية

قائد في «فيلق الرحمن» طالب بآلية رقابة على الهدنة

النظام يواصل قصف جوبر وغرب الغوطة... ويوقف العمليات البرية
TT

النظام يواصل قصف جوبر وغرب الغوطة... ويوقف العمليات البرية

النظام يواصل قصف جوبر وغرب الغوطة... ويوقف العمليات البرية

بقيت هدنة الغوطة الشرقية في يومها الثالث، عرضة لخروق من قوات النظام السوري التي استهدفت بغارات وقصف مدفعي وصاروخي، مناطق سيطرة فصائل معارضة في مدن وبلدات الغوطة وريف دمشق الغربي وحي جوبر على أطراف العاصمة. وحمّلت المعارضة «المجتمع الدولي» مسؤولية هذه الخروق بسبب غياب آلية المراقبة، وعدم ممارسة الضغوط الدولية الفاعلة على النظام وحلفائه.
ولم يتوقّف القصف الذي طال مناطق واسعة مشمولة باتفاق «خفض التصعيد». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الطائرات الحربية نفّذت ثلاث غارات استهدفت مناطق في بلدة عين ترما الواقعة في الأطراف الغربية للغوطة الشرقية، والمحاذية لحي جوبر في شرق العاصمة دمشق، وتسببت بإصابة خمسة مدنيين بجروح». وقال إن الطائرات «شنت غارتين على مناطق في أطراف بلدة حوش الضواهرة وبلدة النشابية بمنطقة المرج، فيما سقطت قذائف على مدينة دوما وأخرى على أطراف مدينة حرستا». ولا تبدو فصائل المعارضة، متفائلة بالهدنة، وتوقعت أن يكون مصيرها كسابقاتها من الهدن التي ما لبثت أن أطاح بها النظام، بحسب تعبير وائل علوان الناطق باسم «فيلق الرحمن» في الغوطة، الذي قال: «منذ الساعات الأولى لسريان وقف النار، أقدم النظام على خرق الهدنة بقصف مكثّف على مدينة دوما، وبلدات الريحان وحرستا وعربين»، مشيراً إلى أن النظام «قصف (أمس) حي جوبر بستة صواريخ عالية التدمير».
وقال علوان لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدم التزام النظام الهدنة، يعود إلى غياب الرقابة والضغوط الدولية وضعف المواقف الدولية القادرة على التأثير في تطبيق هكذا اتفاق، عدا عن غياب آليات المراقبة، وضوابط ردع نظام (بشار) الأسد عند كلّ مخالفة»، معتبراً أن «من لا يخشى العقوبة يسيء الأدب»، مذكراً بأنه «منذ اتفاق فبراير (شباط) 2016 بين وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية السابق جون كيري ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ثم الاتفاقات التي تلتها، يمعن نظام الأسد في انتهاك كل تلك الاتفاقات والمواثيق، ولم يتعرض لأي عقوبة أو حتى إدانة، وبالتالي ليس هناك ما يخشاه لينسف الهدنة الجديدة».
ورغم تصاعد وتيرة الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي، أقرّ وائل علوان، بأنه «منذ سريان الاتفاق السبت الماضي، لم تحصل هجمات على الأرض من قبل النظام وحلفائه، لكن (فيلق الرحمن) ملتزم اتفاق الهدنة، لكنه يمارس حقه في الدفاع عن النفس والرد على مصادر النيران، وهو مستعدّ لصدّ أي هجوم على مواقعه وجبهاته».
ونص الاتفاق الذي وقّع تحت اسم «تنظيم مناطق خفض التصعيد» على وقف القتال بين النظام والمعارضة، وعدم دخول أي قوات عسكرية تابعة للنظام أو حلفائه إلى المنطقة، وفتح طريق مخيم الوافدين لعبور البضائع والمساعدات الإنسانية وتنقل المدنيين، على أن تقوم الشرطة العسكرية الروسية بالتمركز في نقاط مراقبة على مداخل الغوطة الشرقية الرئيسية لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار.
من جهته، أوضح الناشط في الغوطة الشرقية ضياء الحسيني لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام والميليشيات الإيرانية، لم يلتزموا بالهدنة منذ ساعتها الأولى»، معتبراً أن ذلك «يدل على أن النظام والميليشيات غير راضين عن اتفاق وقف النار، خصوصا أن من وقع عليه، هو الاحتلال الروسي لا ممثلون عن النظام». وأكد الحسيني، أن القصف «طاول المناطق البعيدة عن جبهات القتال، وهي مناطق مدنية مثل دوما وحوش الضواهرة وعين ترما والريحان، الخالية من المقرات العسكرية»، لافتاً إلى أن «فصائل المعارضة تتولى الردّ على مصادر النيران بشكل محدود، لكن ليس لديها القدرة للرد على الغارات الجوية، لأنها لا تملك المضادات ووسائل الردّ المناسبة على هكذا انتهاكات».
من جهته، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن الطيران الحربي «شنّ غارات على مناطق متفرقة خاضعة للمعارضة في غوطة دمشق الشرقية بريف دمشق، رغم سريان هدنة أعلنها الطرفان في المنطقة التي تعد من أكثر الجبهات توترا في العاصمة وريفها». وقال إن الغارات «تركزت على بلدات عين ترما وحزرما والنشابية في منطقة المرج، فيما أصيب مدنيون إثر سقوط قذائف هاون ومدفعية على مدينتي دوما وحرستا». ونقل المكتب عن ناشطين معارضين، قولهم إن «غارتين جويتين استهدفتا بالخطأ، نقاطا للقوات النظامية على جبهة حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية».
التصعيد الذي طاول الغوطة الشرقية، امتد أيضاً إلى ريف دمشق الجنوبي، حيث أغارت الطائرات الحربية على بلدات، محروثة، خبرة فكة وخبر مطوطة بالريف الجنوبي لدمشق.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».