وصل وفد أممي ثلاثي إلى العاصمة المؤقتة لليمن عدن أمس، في زيارة هي الأولى من نوعها، بهدف الاطلاع على الأوضاع الإنسانية في البلاد وتنظيم جهود المساعدات الإغاثية والإنسانية والصحية.
ويتكون الوفد الأممي من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدرس غيبريسوس، والمدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف أنتوني ليك، والمدير التنفيذي لمنظمة الغذاء العالمي ديفيد بيسلي، حيث استقبلهم رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر الذي أعرب خلال لقائه بهم عن أمله في أن تسهم الزيارة في تخفيف معاناة وآلام اليمنيين جراء انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح على الدولة والسلطة الشرعية، وفي دعم المنظمات الدولية لليمن في المجال الإغاثي والإنساني ومواجهة وباء الكوليرا الذي خلف المئات من الضحايا.
وجدد بن دغر، خلال اللقاء، مطالبة الحكومة الشرعية بنقل «مقرات المنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لكي تعمل بكل حرية وسهولة ونقل المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى عموم المحافظات دون استثناء»، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحكومة «ستقدم الدعم لتلك المنظمات للقيام بعملها بكل مسؤولية وشفافية وحيادية»، حسبما نقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ». وقال بن دغر إن «الحكومة مسؤولة عن كل الشعب اليمني من المهرة جنوباً إلى صعدة شمالاً، كما تؤكد الحكومة الشراكة مع الأمم المتحدة في جهودها لتخفيف آثار الانقلاب على الشعب اليمني». وتابع قائلاً: «إذا أردنا إنهاء معاناة الشعب اليمني والذهاب إلى السلام، فإن أقصر طريق لذلك هو تنفيذ مرجعيات الحل في اليمن والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وهي الخطوات الكفيلة بإخراج وطننا إلى بر الأمان والذهاب نحو دولة اتحادية تضمن توزيعاً عادلاً للثروة والسلطة».
وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، التزام المنظمات الدولية بقرار مجلس الأمن 2216، مضيفاً أن جميع أنشطة المنظمة تتم بتنسيق مباشر مع الحكومة الشرعية. وقال إن «الزيارة تهدف إلى مساعدة المواطنين في مختلف المحافظات على رفع الوعي بمخاطر وباء الكوليرا الذي تفشى في جميع المحافظات وتعمل المنظمة مع الشركاء الدوليين على محاصرة المرض».
بدوره، قال المدير التنفيذي لـ«اليونيسيف»، إن «المنظمة تقدم مساعدات إنسانية لليمن وتهدف إلى توسيعها من خلال برامج مكثفة، تأتي في طليعتها حماية الأطفال في مناطق الصراع المسلح وعدم تجنيدهم، وأن المكان الطبيعي للطلاب هو المدارس وأن الوسيلة التي يجب أن يحملوها هي الإقلاع وليس السلاح». من جانبه، قال المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، إن البرنامج «دشن مركزاً لتوزيع المساعدات الإغاثية من العاصمة المؤقتة عدن إلى باقي المحافظات والعمل وفق لا مركزية وعلى أساس الأقاليم الستة»، منوهاً بجهود الحكومة الشرعية في دعم عمل المنظمة من خلال رفع الدعم للشركاء الدوليين وفِي طليعتهم «مركز الملك سلمان للإغاثة» و«الهلال الأحمر الإماراتي».
وتزامناً مع زيارة الوفد الأممي الثلاثي إلى عدن، وصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إلى مدينة تعز المحاصرة من قبل الميليشيات الانقلابية قادماً من عدن. ووصف ماورير الأوضاع في تعز بالسيئة والكارثية بشكل كبير جراء الحرب والقصف الذي يطال المدينة. وقال في مؤتمر صحافي عصر أمس: «للأسف؛ الوضع سيئ وكارثي، خصوصا في بعض المناحي، وأبرزها الجانب الصحي، مما استدعى مضاعفة الميزانية لمواجهة الظروف الصعبة». وأضاف أن «الصليب الأحمر الدولي ينفذ في اليمن برامج عدة، وتعد العمليات في اليمن ثاني أكبر عمليات للصليب الأحمر في العالم، وهذا دليل على الأوضاع الإنسانية السيئة والصعبة». وأشار إلى أن هناك أطرافا تعمل على تأخير وعرقلة عمل اللجنة، وأن برامج العمل ليست مجرد تصريحات وإنما تطبق على أرض الواقع. وقال ماورير: «كانت زيارتي الأولى عام 2015، وها أنا أزوره هذا العام، وهناك أضرار كبيرة، وقد شاهدنا آثار الحرب على المستشفيات والعاملين فيها جراء القصف، والتقينا كثيرا من الأشخاص والعوائل التي تعرضت للأضرار وسببت لهم معاناة كبيرة وواقعهم سيئ للغاية، ونأمل أن نعمل مع بقية المنظمات الإقليمية والدولية لعمل إصلاحات ودعم برامج مساعدات للمتضررين وتخفيف معاناتهم». ولفت إلى أنه زار عدن وتعز وسيزور صنعاء، وأن «اليمن هدف مهم للمنظمة، وبسبب الظروف المتفاقمة، تمت مضاعفة الميزانية لدعم مشروعات تخدم المواطنين وتخفف جزءا من الكارثة التي يمر بها أبناء الشعب اليمني جراء عدم احترام القانون الدولي الإنساني».
وحول دور الصليب الأحمر في مواجهة انتشار وباء الكوليرا، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر: «لقد قررنا زيادة الدعم والاستجابة لدعم برامج مواجهة الكوليرا، وزيارتنا لليمن تهدف إلى الحديث مع جميع الأطراف بضرورة الالتزام بالقانون الدولي، ولا يمكن أن تستمر الأوضاع السيئة، ولا بد أن تتغير؛ حيث يؤكد كثير من العائلات حاجتهم لإعادة أبنائهم إلى المدارس والعلاج في المستشفيات، وسنقدم الدعم الاقتصادي للفئات المتضررة». وأشار إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعتزم تنفيذ مشروعات يستفيد منها المهجرون من منازلهم حاليا ومستقبلا.
من جهته، أوضح وكيل محافظة تعز، عارف جامل، أن الوفد زار كثيرا من الأحياء والمستشفيات التي تعرضت لأضرار بالغة جراء القصف الذي تشنه ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية. وأضاف: «نأمل أن ينقلوا معاناة تعز إلى المجتمع الدولي؛ سواء استهداف المدنيين ومعاناتهم، أو قصف المستشفيات ومعاناة الجرحى والمعاقين من الأطفال والنساء وغيرهم، جراء الحرب الشاملة التي تشنها الميليشيا الانقلابية على أبناء تعز». وطالب جامل المجتمع الدولي بالضغط على الميليشيات لإيقاف الانتهاكات وفك الحصار، ودعم المحافظة بالأغذية والأدوية ومواجهة الأمراض والأوبئة المنتشرة.
بدوره، قال عدنان حزام، المتحدث الرسمي باسم الصليب الأحمر في اليمن، لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة رئيس اللجنة الدولية للصيب الأحمر إلى تعز، شملت تفقد «مستشفى خليفة العام» في التربة، حيث اطلع على الوضع الصحي في المستشفى، ثم غادر إلى مدينة تعز، وزار «مستشفى الثورة» و«مركز الأطراف»، الذي تدعمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأضاف: «انتقل الوفد إلى أحد المشروعات الذي تنفذه اللجنة الدولية، وهو مشروع الرغيف المجاني الذي يستفيد منه أكثر من 11 ألف أسرة في مديريات صالة والقاهرة والمظفر»، مؤكداً أن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والوفد المرافق له، «التقى بالسلطة المحلية بالمحافظة، وناقش معها الوضع الإنساني والصحي، وقضايا تسهيل عمل اللجنة في الميدان، وموضوع المحتجزين والمختفين»، مشيراً إلى أن الوفد قام أيضاً بجولة في بعض المناطق المتضررة من الصراع الذي تشهده المدينة.
ومن المرجح أن يتوجه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الثلاثاء إلى صنعاء لمناقشة عدد من الملفات مع سلطة الانقلاب في العاصمة اليمنية. وقال حزام إنه سيناقش في صنعاء «الوضع الإنساني والصحي، وملف المحتجزين، خصوصاً مع انتشار وباء الكوليرا وعدم قدرة القطاع الصحي على تقديم خدماته لليمنيين، لأن هناك نحو أكثر من نصف المنشآت الطبية والصحية دمرت أو أنها لا تعمل، نتيجة الصراع الدائر في مختلف مناطق اليمن».
وفد أممي بارز يزور عدن ويشدد على توزيع العمل الإنساني
بن دغر: أقصر طريق لإنهاء معاناة اليمنيين الالتزام بمرجعيات الحل
وفد أممي بارز يزور عدن ويشدد على توزيع العمل الإنساني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة