السلطة الفلسطينية والمرجعيات الوطنية والدينية ترفض البدائل الإسرائيلية

الاحتلال ينصب كاميرات في الأقصى... ويعتقل عشرات في الضفة... ويبعد قيادات من القدس

متظاهرون فلسطينيون يحاولون غلق الطريق أمام سيارات الشرطة الإسرائيلية خارج باب الأسباط في القدس (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون يحاولون غلق الطريق أمام سيارات الشرطة الإسرائيلية خارج باب الأسباط في القدس (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية والمرجعيات الوطنية والدينية ترفض البدائل الإسرائيلية

متظاهرون فلسطينيون يحاولون غلق الطريق أمام سيارات الشرطة الإسرائيلية خارج باب الأسباط في القدس (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون يحاولون غلق الطريق أمام سيارات الشرطة الإسرائيلية خارج باب الأسباط في القدس (أ.ف.ب)

رفضت السلطة الفلسطينية والمرجعيات الدينية والوطنية في القدس، أي بدائل إسرائيلية محتملة للبوابات الإلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، بعدما ركبت سلطات الاحتلال كاميرات مراقبة حديثة وبدأت تروج لبدائل أمنية أخرى.
وقال المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، إن كل الإجراءات التي من شأنها تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك مرفوضة. وأَضاف: «المقبول فقط هو عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 14 يوليو (تموز) (يوم إغلاق المسجد)». وتابع: «هذا هو مطلبنا الواضح، وكل الإجراءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى بعد ذلك مرفوضة».
وأكدت المرجعيات الدينية، أمس، ممثلة برئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، ومفتي القدس والديار الفلسطينية، والقائم بأعمال قاضي القضاة، في نداء مشترك، على الرفض القاطع للبوابات الإلكترونية وكل الإجراءات الاحتلالية اللاحقة، التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الواقع التاريخي والديني في القدس ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وطالبت المرجعيات المجتمع الدولي بأن يتحمل مسؤوليته في وقف العدوان الإسرائيلي، وثمنت «وقفة أهلنا في القدس وفلسطين وجماهير أمتنا العربية والإسلامية في نصرتهم للمسجد الأقصى المبارك».
وكانت المرجعيات تشير إلى الإجراءات الإسرائيلية البديلة متمثلة في نصب كاميرات ذكية على مداخل المسجد الأقصى على جسور حديد مرتفعة، وهي الخطوة التي رفضتها السلطة الفلسطينية كذلك.
فقد أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية جميع الإجراءات والتدابير التي تقوم بها سلطات الاحتلال ضد المسجد الأقصى، «سواء أكانت من خلال نصب بوابات إلكترونية على مداخله أو كاميرات في محيطه وساحاته، أو (اختلاق) مسارات للتحكم في دخول المصلين من خلال التفتيش الجسدي المهين، وغيرها من الإجراءات الاستعمارية الهادفة إلى إخضاع الوضع القائم في الأقصى للتفاوض، وخلق واقع جديد يجري من خلاله فرض نوع من أنواع السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، ومزاحمة الدور الذي تقوم به الأوقاف الإسلامية في رعايتها للحرم القدسي الشريف».
وأكدت الوزارة على أن معركة الأقصى الحالية، هي معركة مفصلية بكل المعايير، وستكون لها انعكاسات على جميع الأطراف. ودعت القيادات والشعوب للتفاعل بجدية مع هذه المعركة، وأن تكون على مستوى الحدث والمسؤوليات.
وتخطط إسرائيل لجعل هذه الكاميرات، بالإضافة إلى إمكانية إجراء تفتيش شخصي، بديلا للبوابات الحالية التي أثارت أزمة وخلفت غضبا ومواجهات دامية في القدس والضفة الغربية.
وبحسب تقارير إسرائيلية ستُوضع حواجز عند مداخل المسجد الأقصى. وستشكل هذه الحواجز «مسارات» تتيح تصنيف من يدخل عبرها، ثم «سيُفحص المشتبه بهم» بأجهزة كشف يدوية.
واتفق مسؤول شرطة القدس، يوارم هاليفي، ورئيس بلديتها، نير بركات، على وضع هذه الحواجز بالقرب من بوابات المسجد الأقصى، بحيث تتيح لأفراد الشرطة، بمساعدة كاميرات متقدمة، الكشف عن «المشتبه بهم في مسارات الدخول»، وفحصهم باستخدام آلات كشف المعادن اليدوية. وتشمل الترتيبات حظر المصلين من إدخال حقائب أيا كانت إلى المسجد الأقصى. وسوف يسمح الاقتراح المتبلور بإزالة البوابات الإلكترونية الموجودة عند مداخل المسجد.
ورفض مصلون أمس، المرور من أمام هذه الكاميرات، وفضلوا الصلاة للأسبوع الثاني، أمام بوابات المسجد وفي شوارع القدس. واشتبك مصلون مع الشرطة الإسرائيلية في استمرار لما حدث يوم الجمعة الماضي، التي خلفت قتلى وجرحى. وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلية قتلت يوم الجمعة 3 فلسطينيين، ورد فلسطيني بعملية في مستوطنة حلميش وقتل 3 مستوطنين، قبل أن تقتل إسرائيل السبت متظاهرا في منطقة أبو ديس القريبة من القدس.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي أن تتصاعد الأحداث في الضفة والقدس، من جهة قطاع غزة أيضا.
وقد زجت إسرائيل بالمزيد من جنودها إلى القدس والضفة الغربية، في محاولة لمواجهة أي تصعيد محتمل.
وقال رئيس هيئة الأركان العسكرية غادي ايزنكوت: «نحن أمام فترة قابلة للاشتعال». وأضاف: «الأيام الماضية تؤكد وجود تهديدات متزايدة وعلينا مواجهتها».
وأشار ايزنكوت إلى الصاروخ الذي أطلق من غزة، كدليل إضافي على إمكانية تدهور الأوضاع الأمنية.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن عن اعتراض صاروخ أطلق من قطاع غزة صباح الأحد باتجاه إسرائيل.
وقال ناطق باسم الجيش أنه جرى تدمير الصاروخ في الجو، من دون وقوع إصابات أو أضرار. ولم تتبن أي جهة فلسطينية إطلاق الصاروخ، لكنه أشعل في إسرائيل مخاوف سابقة من دخول جبهة غزة على خط المواجهات.
وفي الضفة الغربية، اعتقلت القوات الإسرائيلية 25 فلسطينيا على الأقل، في حملة واسعة، كما قررت إبعاد 5 من قيادات حركة فتح من مدينة القدس.
وطالت الاعتقالات في الضفة الدكتور عمر عبد الرازق، وزير المالية في الحكومة العاشرة والنائب في المجلس التشريعي، وشملت أسرى محررين وأكاديميين. فيما قرر قاضي محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس، الإفراج عن قيادات ونشطاء مقدسيين شرط إبعادهم عن المدينة. وأوضح محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، محمد محمود، أن القاضي قرر الإفراج عن حاتم عبد القادر، مسؤول حركة فتح في القدس، وعدنان غيث، أمين سر حركة فتح بالقدس، والناشط ناصر الهدمي وناصر عجاج ومحمد أبو الهوى، بشرط الإبعاد عن المدينة لمدة 10 أيام، مع منع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 30 يوما، ومنع إجراء أي مقابلات صحافية لمدة 50 يوما.
ورفضت حركة فتح قرار الاحتلال الإسرائيلي إبعاد أعضاء من المجلس الثوري من أبناء القدس عن العاصمة، بقرار من محكمة إسرائيلية. ودعت «فتح» في بيان لها، دول العالم، وبخاصة الدول الأوروبية، إلى رفض القرار ومعاقبة إسرائيل على ذلك، بصفة الأعضاء المعنيين هم من مواليد القدس نفسها ومن سكانها، مشددة على حق كل فلسطيني بالوجد في عاصمة بلاده من دون قيود.
وقال الناطق باسم حركة فتح في أوروبا، جمال نزال: «نرفض قرار إبعاد الزميلين حاتم عبد القادر وعدنان غيث عن القدس، كما نشجب اعتقال بلال النتشه وريتشارد زنانيري وكافة أبناء شعبنا في القدس وخارجها».
وشددت الحركة على إيلاء حملة التصدي للمؤامرة الإسرائيلية على الأقصى والشعب أهمية قصوى، مجددة الدعوة إلى اعتبار مسألة النهوض للدفاع عن الأقصى، مسألة شرف شخصي ووطني تستوجب كل أنواع البذل والعطاء.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.