الحكيم يحصل على بيعة المجلس الأعلى تمهيداً لإصلاحات جذرية

«الحرس القديم» في التنظيم العراقي يشكّك في كفاءة زعيمه الفقهية

TT

الحكيم يحصل على بيعة المجلس الأعلى تمهيداً لإصلاحات جذرية

خرجت منذ أيام الخلافات بين قيادات المجلس الإسلامي الأعلى إلى العلن بعد الحرص لأشهر طويلة على عدم الحديث حولها، وما كان حبيس الأوساط المجلسية أصبح حديثاً شائعاً ومتداولاً في الأوساط السياسية والإعلامية، وبات في حكم المؤكد أن رئيس المجلس الإسلامي عمار الحكيم يوشك على الإعلان عن ملامح مجلسه الجديد بوجوهه الشبابية، في مقابل تيار «الحرس القديم» المضاد الذي تقوده شخصيات قيادية سابقة، في مقدمتهم الشيخ جلال الدين الصغير والوزير السابق باقر جبر الزبيدي.
وفيما تقول مصادر مقربة من زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم، إنه على وشك الإعلان عن «عملية إصلاحية داخلية»، يشير الشيخ جلال الدين الصغير في تدوينة على موقعه الرسمي في شبكة الإنترنت، إلى أن سر الخلاف بين الحكيم والقيادات السابقة للمجلس، وهو أحدها، تتعلق بـ«الفقاهة التي تحكم العمل السياسي». بمعنى أن الرئيس السابق للمجلس الأعلى الراحل محمد باقر الحكيم (عم عمار الحكيم) «اشترط أن يكون رئيس المجلس الأعلى فقيهاً وأمره نافذ على كل مفاصله»، وفي ذلك إشارة صريحة إلى أن عمار الحكيم لا «يتمتع بالمواصفات الفقهية المطلوبة التي تجعله زعيماً للمجلس».
ويشير الصغير إلى أن المسألة لا تتعلق بـ«الشباب ودوره» الجديد في المجلس، إنما يعتقد أن كفاءة زعيم المجلس الفقهية «كانت محلولة مع شهيد المحراب (محمد باقر الحكيم) رحمه الله، لأنه كان فقيهاً»، كذلك الأمر مع رئاسة الراحل عبد العزيز الحكيم، لكن «هذه المشكلة كانت طاغية حينما كنا نفكر في بديل عزيز العراق (عبد العزيز الحكيم)» ويقول إن «النقاشات المستفيضة التي جرت بعد رحيله أنتجت إيجاد مركز القرار، الذي تحول لاحقاً إلى الهيئة القيادية، وقد أوكل للهيئة القيادية مهمة انتخاب رئيس المجلس على أن يكون الرئيس واحداً منها وليس أعلى منها، وهي تتولى كل شؤون المجلس». ويلمّح الشيخ الصغير هنا إلى أن عمار الحكيم انفرد بزعامة المجلس الأعلى، ولم يصدر عن الصغير، إلا في الفترة الأخيرة، ما يكشف عن رأيه بأهلية عمار الحكيم الفقيه لقيادة المجلس الإسلامي الأعلى منذ انتخابه رئيساً خلفاً لوالده عبد العزيز الحكيم الذي توفي في أغسطس (آب) 2009.
ويعترف القيادي في ائتلاف المواطن فادي الشمري بوجود «نقاش حاد» داخل أوساط المجلس الأعلى حول مستقبله السياسي، ويؤكد وجود شخصيات ترغب بالخروج منه وتشكيل ائتلاف جديد. ويرى أن «خروج البعض من مظلة المجلس الأعلى مسألة ليست جديدة، وقد فعلتها منظمة بدر، الجناح العسكري للمجلس وخرجت منه عام 2012».
ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «الحكيم يقود عملية إصلاحية في الداخل مختلفة تماماً تركز على آلية إنتاج رجال دولة حقيقيين، ويتبنى رؤية تصحيحية لجميع الثغرات والأخطاء التي حدثت في الماضي، أساسها التغيير وعدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونه».
وكشف الشمري عن أن «آلاف الأتباع والمؤيدين للمجلس الأعلى في مختلف المحافظات قدموا في غضون اليومين الأخيرين بيعتهم لعمار الحكيم». وبرأي الشمري، فإن «الحكيم لا يضحي بأي أحد ينسجم مع رؤيته، وإن أي كيان لا يترأسه الحكيم لن يرى النور، وهو عماد الكيان الذي سيعلن عنه في غضون الأيام القريبة المقبلة». ويعتقد أن «بقاء المجلس الإسلامي الأعلى بصيغته القديمة خطأ كبير، لأن الناس تريد شيئاً جديداً وحقيقياً».
وتميل أوساط سياسية إلى الاعتقاد أن الحرس القديم يثير مسألة الكفاءة الفقهية لعمار الحكيم في مسعى لزعزعة شرعيته في زعامة المجلس الأعلى، في مقابل رغبة الحكيم بالتخلص من القيادات القديمة التي استهلكها العمل السياسي بعد 2003، وقد يسهم ذلك في تراجع حظوظ المجلس الأعلى في الانتخابات المقبلة.
يذكر أن المجلس الأعلى تأسس في إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1982 تحت اسم «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» بقيادة محمود الهاشمي الذي ترأس لاحقاً السلطة القضائية في إيران، ليستقيل بعد عام من رئاسته المجلس، ويحل محله محمد باقر الحكيم الذي اغتيل في النجف عام 2003. وانتقلت القيادة بعده إلى شقيقه عبد العزيز الحكيم، فخلفه بعد وفاته عام 2009، نجله عمار الحكيم.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.