البرلمان التونسي يصادق على قانون يجرّم العنف ضد النساء

تضمن عقوبات بالسجن تصل إلى 20 سنة في بعض الحالات

TT

البرلمان التونسي يصادق على قانون يجرّم العنف ضد النساء

شددت الحكومة التونسية العقوبات المتعلقة بالعنف والتحرش ضد النساء، وذلك بعد مصادقة البرلمان على قانون يجرم كل أشكال العنف ضد المرأة.
وتضمن القانون الجديد عقوبات بالسجن تصل إلى 20 سنة في بعض الحالات، غير أنه كان محل انتقاد شديد من قبل أطراف تتحفظ على هذا القانون، بسبب حجم العقوبات التي أقرها.
وشدد القانون الجديد على أن إسقاط الدعوى من قبل المرأة التي تعرضت للعنف لا يوقف متابعة الإجراءات القضائية وإقرار العقوبات ضد المعتدي. لكن عددا من نواب البرلمان استنكروا في الجلسة البرلمانية المخصصة لهذا القانون العقوبات الصارمة التي تضمنها هذا القانون. كما تجاوز القانون في نسخته المصادق عليها عبارة «النوع الاجتماعي»، المثيرة للجدل، بسبب ارتباطها بأجندات منظمات دولية، وهو مصطلح عارضه التيار الإسلامي وحذفه من نص القانون في إطار مقاومته لما يعرف بسياسة «الجندر» الداعية إلى المساواة الكاملة بين المرأة والرجل.
ونظم الاتحاد التونسي للمرأة (منظمة مستقلة) بداية الشهر الحالي حملة لمناصرة هذا القانون ضمن برنامج مشترك مع وزارة المرأة والأسرة، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والاتحاد الأوروبي، وشملت الحملة عددا من ولايات (محافظات) تونس وصفاقس ومدنين والقيروان وقفصة وجندوبة.
وشدد القانون الجديد العقوبات ضد التحرش بالنساء، وأقر عقوبة السجن لمدة سنتين، وغرامة مالية بنحو خمسة آلاف دينار (نحو ألفي دولار) لكل من يتعرض للمرأة أو يضايقها في الأماكن العامة، كما يعاقب بالسجن لمدة عشرين عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا دون قصد القتل والذي نتج منه الموت. ويشمل هذا القانون أيضا كل أشكال العنف المسلط على المرأة على أساس النوع الاجتماعي، مهما كان مرتكبه، وأيا كان مجاله دون تمييز.
وبخصوص بهذا القانون الجديد، قال عماد الخميري، القيادي في حركة النهضة ورئيس لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان: إن «هذا القانون يعد حلم السواد الأعظم من الناشطين في منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان، لكن المهم في هذا القانون ليس العقاب في حد ذاته، بقدر ما يوفره من وسائل لحماية المرأة التونسية من العنف والوقاية منه».
وبشأن التعديلات التي أدخلت على النسخة الأصلية للمشروع، أوضح الخميري أن أهمها يتمثل في استبدال مفهوم النوع الاجتماعي بعبارة «التمييز بين الجنسين»، كما تم حذف الفصل 227 (مكرر) الذي يتعلق بإنهاء التبعات القضائية في حال تزويج الفتاة القاصر من مغتصبها.
وكشفت دراسة أعدها مركز الدراسات والبحوث والتوثيق والإعلام (هيكل حكومي) تحت عنوان «العنف المبني على النوع الاجتماعي في الفضاء العام»، عن أن 53 في المائة من التونسيات يتعرضن إلى العنف في الفضاء العام. وانتقدت منظمات حقوقية تونسية ودولية عدة، من بينها منظمة النساء الديمقراطيات، وهي منظمة حقوقية تونسية مستقلة، تغافل القانون الجديد عن المساواة في الإرث بين الرجال والنساء، وقالت: إن هذا التغافل يعد عنفا معنويا ضد المرأة، وهي مسألة رفض التيار الإسلامي النظر فيها لوجود نص قرآني قاطع بشأنها. كما اعترضت تلك المنظمات بشدة على مواصلة السلطات الاعتماد على الفحوص الطبية كوسائل لإثبات جرائم الاغتصاب، وقالت: إنها تستبيح الحرمة الجسدية للمتهمين.
من ناحية أخرى، أكدت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، أن الهيئة ستقاضي الأشخاص الذين رفضوا الإدلاء بشهاداتهم حول تزوير الانتخابات خلال الإعداد للجلسة العلنية المخصصة للغرض. وقالت: إن أحكام الفصل 66 من قانون العدالة الانتقالية، الذي تحرص الهيئة على تنفيذها، تنص على أن من يرفض عمدا الإدلاء بشهادته يعاقب بالسجن.
وأكدت بن سيدرين، أن أغلب الشهود الذين وُجّهت لهم دعوات للإدلاء بشهاداتهم حول المحطات الانتخابية في عهدي بورقيبة وبن علي استجابوا للطلب باستثناء عدد محدود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».