معركة جرود عرسال اقتربت... والنظام السوري يمهد بقصف جوي

العلم اللبناني رفع فوق المخيمات وأزيلت كل الرايات الأخرى

TT

معركة جرود عرسال اقتربت... والنظام السوري يمهد بقصف جوي

يترقّب لبنان الرسمي والشعبي، ساعة الصفر التي يبدأ فيها «حزب الله» والنظام السوري، معركتهما ضدّ المجموعات المسلحة في جرود عرسال، عند الحدود اللبنانية - السورية، ورغم انتهاء الاستعدادات العسكرية واللوجيستية للمعركة، فإنه يبقى توقيت المعركة مضبوطا على ساعة الحزب الذي يختار موعد إطلاق صافرتها، لكنّ المؤشرات توحي بأن المواجهة باتت وشيكة، حيث تمهّد لها الغارات الجوية المكثّفة التي يشنّها طيران النظام السوري على مواقع المسلحين، في وادي الخيل والكسارات في أعالي جرود عرسال.
وتتعدد السيناريوهات حول انعكاسات المعركة على الداخل اللبناني، سياسياً وأمنياً، والخوف من تورّط الدولة اللبنانية في حرب لا خيار لها فيها، إلا أن مصدراً عسكرياً رفيعاً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش «ليس طرفاً في هذه الحرب، لأن حدودها داخل الأراضي السورية»، غير أنه لفت إلى أن «الجيش معني بالحفاظ على سلامة لبنان وعلى أمن اللبنانيين وكل المقيمين على الأراضي اللبنانية». وقال المصدر: «بالتأكيد الجيش ليس جزءاً من معركة (حزب الله) مع المسلحين، لكن إذا حصل تسلل أو محاولة اختراق للحدود اللبنانية، أو هجوم على مواقع الجيش، فإن المؤسسة العسكرية جاهزة للتعامل مع الواقع ضمن مهامها الطبيعية، لأن مهمة الجيش حماية الحدود، ومنع أي اختراق إرهابي لأمن البلاد، والجيش يحظى بالغطاء السياسي الكامل».
وعشية الحرب المرتقبة، يعيش سكان مائة مخيم للنازحين السوريين في عرسال وجرودها، قلقاً كبيراً حيال هذه الحرب ونتائجها، لكن المصدر العسكري اللبناني، شدد على أن «أمن المخيمات مسؤولية الجيش الحريص على حماية اللاجئين السوريين، بمقدار حرصه على أمن اللبنانيين في بلدة عرسال»، مشيراً إلى أن الجيش «سيعمل على عزل المخيمات عن تجمعات المسلحين، ويمنع تسلل الإرهابيين إلى داخل المخيمات، حتى لا يتحوّل المدنيون ضحية أي مواجهة». وأضاف: «نحن نراهن على وعي المدنيين في المخيمات، وألا يسمحوا للإرهابيين بالتسلل إلى صفوفهم حتى لا يتخذوا منهم غطاء للإخلال بأمن المخيمات والأمن اللبناني بشكل عام».
هذه التحذيرات، كانت محور الاجتماع الذي عقدته لجنة التنسيق بين مخيمات عرسال والحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية، واستمرّ من مساء الأربعاء حتى فجر أمس الخميس، وحضره ممثلون عن كل المخيمات، وخصص للتعامل مع ظروف الحرب والعمل على تحييد المخيمات عنها، واتفق المجتمعون على رفع العلم اللبناني وحده في كل المخيمات.
وبالفعل بدأت الترجمة العملية لما اتفق عليه المجتمعون؛ إذ رفع العلم اللبناني منذ صباح أمس، فوق كل المخيمات، وأزيلت كل الأعلام والرايات الأخرى، وفق خالد رعد، المتحدث باسم لجنة التنسيق بين المخيمات والحكومة اللبنانية، الذي أعلن أن ممثلي المخيمات «اتفقوا على عدم السماح لأي مخرب، بأن يدخل إلى المخيمات، وعدم القبول بأي مظهر خاطئ، سواء حمل السلاح، أو وجود عناصر مؤيدة لـ(داعش) و(النصرة) أو أي تنظيم آخر، وتفتيش المخيمات ووضع حراسة ليلية عليها، والإبقاء على طابعها المدني فقط».
وأكد رعد لـ«الشرق الأوسط» أن المجتمعين «شددوا على أهمية التعامل مع الجيش اللبناني، كجيش شقيق، وحق هذا الجيش بدخول أي مخيم لتفتيشه، ما دمنا نعيش على الأراضي اللبنانية وفي حماية الجيش اللبناني، كما هو حق الأمم المتحدة بالدخول أيضاً، ومراقبة أوضاع المخيمات من النواحي الإنسانية»، مشيراً إلى أن «بنود هذا الاتفاق سيسهر على تنفيذها مدير كل مخيم مع لجنة انضباط، تكون حريصة على مدنية إجراءاتها».
ورغم أهمية هذه الإجراءات، تتهيّب مخيمات عرسال وجوارها، تبعات المعركة في الجرود، وقال خالد رعد: «نحن نتخذ كل الاحتياطات الواجبة، لكن إذا وقع المحظور فلا حول لنا ولا قوة». وأمل من المسلحين «الانسحاب من الجرود، وتجنيب أنفسهم والنازحين تبعات المواجهة الدموية».
ولا تزال ظاهرة التحريض على اللاجئين السوريين تتفاعل، ودعا مجلس الوزراء اللبناني، خلال جلسة عقدها أمس، إلى «وقف كل حملات التحريض ضدّ النازحين السوريين». وأفادت مصادر أمنية أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي «كشفت هوية الأشخاص الذين ظهروا في فيديو جديد، يضربون ويشتمون لاجئاً سورياً»، وقالت إنه «جرى توقيف هؤلاء الأشخاص وإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم».
في هذا الوقت، رأت السفارة السورية لدى لبنان، أن «مسألة تعرض المواطنين السوريين العاملين في لبنان لسوء في المعاملة وممارسات غير لائقة، تشكّل انتهاكاً للقيم والأعراف وأواصر الأخوة التي تربط بين الشعبين الشقيقين». وأثنت على موقف الرئيس اللبناني ميشال عون و«دعوته إلى نبذ التحريض والتعبئة ضد النازحين السوريين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.