بعد حملته الطويلة في بنغازي... حفتر يضع طرابلس نصب عينيه

دول غربية تعتبره عنصراً أساسياً في الحل... وأنصاره يصورونه شخصية قادرة على إنهاء الفوضى

TT

بعد حملته الطويلة في بنغازي... حفتر يضع طرابلس نصب عينيه

عبر القائد العسكري الليبي خليفة حفتر عن نيته في مد سلطته إلى العاصمة طرابلس، خصوصا بعد حصوله على دفعة قوية من نهاية حملة عسكرية طويلة في مدينة بنغازي، وظهور مؤشرات جديدة على دعم الخارج له باعتباره لاعبا أساسيا في إيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية.
وبرز بقوة اسم حفتر، الذي كان حليفا لمعمر القذافي قبل تدهور العلاقة بينهما في الثمانينات، كشخصية قوية في شرق ليبيا على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، مستغلا حملة بنغازي لبناء قواته، مع تجنب خطة سلام تتوسط فيها الأمم المتحدة.
وحسب مراقبين فإن استراتيجية حفتر تقوم الآن، فيما يبدو، على تكوين تحالفات محلية مثل تلك التي أعانته على التقدم صوب موانئ نفطية مهمة، وأجزاء من الجنوب خلال العام المنصرم. لكنها تبقى استراتيجية محفوفة بمخاطر أكبر، حسب عدد من الخبراء، وسيكون تنفيذها في العاصمة أكثر صعوبة. كما لم يتضح بعد كيف سيتم أي تحرك باتجاه طرابلس، أو إن كان حفتر سيدخل المشهد السياسي بالترشح في الانتخابات.
لكن أنصار حفتر يصورونه كشخصية قادرة على إنهاء الفوضى في ليبيا، من خلال سحق المتطرفين والقضاء على الفصائل. أما المعارضون من المعسكر «الثوري» في ليبيا، وبعضهم مسلحون سابقون حاربوا للإطاحة بالقذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011، فيخشون العودة للحكم المستبد.
وكثيرا ما لمح حفتر، الذي عاش 20 عاما في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى ليبيا من أجل الانتفاضة، إلى خططه بالنسبة لطرابلس في إطار مخططه لتحرير كل ليبيا، وهو طموح كرره في الآونة الأخيرة. وقد قال في كلمة أمام تجمع حاشد لزعماء قبائل شرق ليبيا أواخر الشهر الماضي إن الوقت ينفد أمام الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والمحاصرة في العاصمة، مشددا على أن «أهل طرابلس وإخوتنا يريدون في اتصالات أن ندخل. نحن ندخل لا مانع. لكن نريد أن ندخل بهدوء لكي نتجنب سفك الدماء».
وجاء النصر في بنغازي، الذي أعلنه حفتر في الخامس من يوليو (تموز) الماضي، بعد سلسلة من مكاسب أخرى حققتها قوات موالية لما يعرف بالجيش الوطني الليبي، حيث سيطرت القوات في سبتمبر (أيلول) الماضي على سلسلة من الموانئ النفطية جنوب غربي بنغازي، وفي وقت سابق هذا العام تحركت صوب قواعد عسكرية استراتيجية في الصحراء بوسط ليبيا، فيما انسحبت قوات من مصراتة، مركز المعارضة العسكرية لحفتر منذ 2014.
وتحقق التقدم لقوات حفتر بشكل كبير بنيل تأييد القبائل المحلية والجماعات المسلحة، وهو أسلوب قال حفتر إنه يسعى لاستخدامه في التحرك نحو الغرب. وبهذا الخصوص قال دبلوماسي غربي، طلب عدم نشر اسمه في إشارة للعاصمة والمنطقة المحيطة بها: «تجري عملية مماثلة في طرابلس على الساحل... وهناك سلسلة من المحادثات المحتدمة. والنية موجودة بالطبع، لكنه يحاول (حفتر) تحديد متى يكون ذلك ممكنا».
من جهته، قال محمد الجرح، وهو باحث في المجلس الأطلسي يعمل انطلاقا من شرق ليبيا، إن «من بين من يسعى حفتر لكسب ودهم هما قبيلتا الورفلة وترهونة، الموجودتان في مناطق من المحتمل أن يمر عليها حفتر في طريقه للعاصمة، بالإضافة لوجودهما في العاصمة نفسها».
وذكر أن أشخاصا مطلعين على خطط الجيش الوطني الليبي يتوقعون تحركا باتجاه سرت، المدينة التي تقع بوسط ساحل ليبيا، والتي جعل منها تنظيم داعش المتشدد معقلا له في 2015.
ومنذ الإطاحة بتنظيم داعش في حملة قادتها مصراتة العام الماضي، وقع وسط المدينة تحت سيطرة لواء من السلفيين الذين عمل معهم حفتر في الشرق، ويسعى أيضا لاستغلال علاقته بهم في طرابلس.
لكن الشكوك لا تزال قائمة بشأن قدرة حفتر ونياته. وفي هذا السياق قال الجرح إنه «داخل معسكر الجيش الوطني الليبي والدائرة المقربة من حفتر هناك تياران مختلفان: من يدعون للحوار السياسي والإيجابي، ثم هناك من يقولون إن السبيل الوحيد للقيام بذلك هو النصر العسكري».
وبعد مرور أكثر من أسبوعين على ظهور حفتر في التلفزيون لإعلان النصر في بنغازي، لا يزال القتال مستمرا في واحد من أحياء المدينة، ولم يستطع الجيش الوطني الليبي، الذي يقول إنه فقد خمسة آلاف من جنوده في حملة بنغازي، حتى الآن السيطرة على درنة، وهي مدينة لها باع في التشدد إلى الشرق على امتداد الساحل، فيما تشهد مصراتة انقساما، لكن من المرجح أن تقاتل إذا شعرت أن مصالحها مهددة.
وحسب مراقبين فإن السيطرة على طرابلس قد تتطلب الحصول على تمويل لنيل دعم الجماعات المسلحة المتغيرة الولاء في العاصمة، والتي يعارض بعضها حفتر بشدة. وبهذا الخصوص قال الدبلوماسي الغربي: «هناك إدراك بأنه يحتاج إلى مزيد من الأموال. وهو يبحث عن مبلغ كبير من المال لتأمين الولاءات في طرابلس».
وربما يعتمد هذا بدوره على الدعم الأجنبي الذي يتلقاه حفتر حتى الآن من مصر والإمارات. وفي الآونة الأخيرة طور حفتر علاقات وثيقة مع روسيا، فيما لا تزال قوى غربية تؤيد بشكل رسمي الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، بينما يقول سفراء هذه القوى إنهم أبلغوا حفتر بأنهم لن يدعموا حلا عسكريا في ليبيا. لكنهم قالوا مرارا أيضا إنه ينبغي أن يكون لحفتر دور، واعترفوا بمكاسب الجيش الوطني الليبي في بنغازي بشكل أكثر علانية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.