السلطات المغربية تمنع مظاهرة مقررة اليوم في الحسيمة

أحزاب الأغلبية أيدت القرار حفاظاً على الهدوء والنظام العام

TT

السلطات المغربية تمنع مظاهرة مقررة اليوم في الحسيمة

قررت السلطات المغربية منع مسيرة احتجاج من المقرر أن تنظم اليوم الخميس بالحسيمة، دعا إليها نشطاء الريف قبل مدة، منهم زعيم الاحتجاجات ناصر الزفزافي المعتقل حاليا بالسجن المحلي «عين السبع» بالدار البيضاء.
وعللت السلطات قرار المنع بكون الدعوة إلى هذه المظاهرة «تمت من دون ترخيص من السلطة الإدارية المحلية المختصة التي تتوفر على صلاحيات قانونية واضحة بهذا الشأن».
لكن رغم قرار المنع تشبث المحتجون وعدد من الفعاليات الحقوقية المساندة للحراك بتنظيم المسيرة، التي قالوا إنها ستكون مليونية من أجل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وتلبية مطالب سكان الحسيمة.
في غضون ذلك، أيدت أحزاب الأغلبية الحكومية في اجتماع مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، عقد مساء أول من أمس، قرار المنع انسجاما مع قرار السلطات، الذي دافع عنه عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية خلال جلسة الأسئلة بمجلس النواب، حيث قال إن قرار منع مسيرة الاحتجاج جاء «لأننا لا نعرف من يدعو إليها، وليس هناك مخاطب أو مسؤول عنها»، مشددا على «أنه لا يمكن تنظيم مسيرة في الحسيمة التي عاشت كسادا اقتصاديا دون أن نعرف المسؤول عنها».
وكشفت أحزاب الأغلبية الستة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، أنها ناقشت تطورات الأوضاع بإقليم الحسيمة والدعوة الموجهة للتظاهر اليوم بمدينة الحسيمة، وأوضحت أنها «تؤكد ضرورة السعي الصادق من أجل الإسهام في توفير أجواء التهدئة الكفيلة ببلورة الورشات الإصلاحية والتنموية المختلفة، وتسريع وتيرة إنجازها، والاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين». كما تدعو الجميع إلى استيعاب هذا التوجه والانخراط فيه بإيجابية، وبما يعزز احترام مقتضيات دولة الحق والقانون، والحيلولة دون أي تصعيد لما قد يكون له من انعكاسات على ساكنة الحسيمة واقتصادها المحلي.
ودعت أحزاب الأغلبية سكان إقليم الحسيمة إلى «التفاعل الإيجابي مع القرار القاضي بعدم السماح بتلك المظاهرة حفاظا على أجواء الهدوء وعلى مستلزمات النظام العام»، ونوهت في المقابل بمبادرة الحكومة للقيام بزيارات عمل ميدانية إلى مختلف جهات المملكة، بهدف التواصل عن قرب مع مختلف الفاعلين الجهويين والمحليين، لتوفير أجواء التعبئة المطلوبة الكفيلة بتمكين الحكومة من بلورة المشاريع التنموية جهويا ومحليا.
إلا أن عددا من نواب البرلمان بمجلسيه كان لهم رأي آخر، حيث انتقد نواب من الأغلبية والمعارضة المقاربة الأمنية التي اعتمدتها الدولة في الحسيمة التي لن تؤدي، بنظرهم، سوى إلى تأزيم الوضع، مشيرين إلى أن صور تعنيف المتظاهرين «تسيء إلى صورة حقوق الإنسان بالمغرب». وفي هذا السياق، اعتبر نبيل شيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان)، أن منع وزارة الداخلية للمسيرة «خطأ آخر ينضاف إلى قائمة أخطاء الدولة في التعامل مع الحراك الذي يعرفه إقليم الحسيمة منذ أزيد من 8 أشهر».
وقال شيخي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، مساء أول من أمس، إن «احتجاجات الحسيمة تسائلنا جميعا بشكل جدي، وتسائل المقاربة التي تم اعتمادها في التعامل مع هذا الحراك السلمي. صحيح أن هناك إرثا كبيرا في التعامل مع الاحتجاجات، لكن نحن لا نفهم كيف يتم التدخل لفض بعض الوقفات التي تكون في غالبها عادية وسلمية».
وكان وزير الداخلية قد دافع أيضا عن تفريق قوات الأمن للوقفات الاحتجاجية بالقوة، ومنها الوقفة التي نظمت أمام مقر البرلمان بالرباط في يوليو (تموز) الحالي، للمطالبة بالإفراج عن الناشطة سيليا، وقال إنها تتم وفقا للقانون، موضحا أن عددا من المحتجين، ومنهم شخصيات حقوقية، تظاهروا بالإغماء، وأن صور التعنيف التي تروج على مواقع التواصل الاجتماعي لا تمثل الحقيقة، مشددا على أن رجل أمن أصيب أيضا خلال تفريق تلك المظاهرة. بيد أن رد الوزير لم يكن مقنعا لعدد من النواب والمستشارين، وقال الشيخي مخاطبا وزير الداخلية، إن «الطريقة التي أجبتم بها عن سؤالنا تؤكد أن هناك مشكلا في المقاربة المعتمدة في التعامل مع الاحتجاجات السلمية». وأضاف متسائلا: «هل كان من الضروري الاعتداء على شخصيات حقوقية معروفة، وهل كان مبررا أن يتم الاعتداء على صحافيين أثناء تغطية هذه الوقفة الاحتجاجية التي تابع الرأي العام الوطني سلميتها؟»، داعيا في السياق ذاته إلى التراجع عن اعتماد المقاربة الأمنية، التي تسيء إلى صورة البلد في الداخل والخارج.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.