أشهر 6 أماكن سياحية دينية في طرابلس

معالم عاصمة شمال لبنان بعدد أيام السنة

جامع طينال يشبه بهندسته رقعة الشطرنج
جامع طينال يشبه بهندسته رقعة الشطرنج
TT

أشهر 6 أماكن سياحية دينية في طرابلس

جامع طينال يشبه بهندسته رقعة الشطرنج
جامع طينال يشبه بهندسته رقعة الشطرنج

تعدّ المعالم الدينية في لبنان أحد أهم المرافق السياحية. فأعدادها الكبيرة الموزّعة على كل المناطق اللبنانية تشكّل ثراء تاريخيا، وشاهدا حيّا لحقبة غنية عاشتها منذ أن دخلها الإسلام.
وتأتي طرابلس الفيحاء في مقدمة المدن اللبنانية التي تحتوي على أكبر عدد من أماكن العبادة الإسلامية. فبعدما كانت في عام 1700 يلامس عددها أيام السنة (360 مسجدا)، باتت اليوم لا تحتضن سوى ما يقارب 50 معلما دينيا يقصدها الزوّار من أقاصي العالم ليتعرّفوا إلى خصائصها الهندسية والتاريخية والمرتبطة بمآذن تلك المساجد وأبوابها وقبابها ومنابرها ومحاربها وحجارتها المتناوبة ما بين الأسود والأبيض، بما يُعرَف بالأبلق. وتشكّل طرابلس بذلك متحفاً حيّاً ينبض بالحياة كونها تزخر بعمارة إسلامية لا يمكننا إيجادها في مدن لبنانية أخرى.
فكما جوامع المنصوري و«طينال» و«العطار» و«أرغون شاه» و«الأويسية» نجد أيضاً مدارس إسلامية من أيام المماليك والعهد العثماني، تتوزّع على مناطق معروفة في طرابلس (الميناء وطرابلس القديمة). ومن أبرزها «المدرسة القرطاوية» و«الطواشية» و«النورية» وغيرها من المعالم التي تشكّل أكبر مجموعة من نوعها في لبنان. وإليكم 6 أماكن دينية تحتضنها طرابلس وتستحق الزيارة خلال وجودكم في لبنان.
* الجامع المنصوري الكبير
هو أكبر جوامع طرابلس ولبنان على السواء أمر ببنائه السلطان الأشرف خليل بن قلاوون في عام 1294م في محلّة النوري. له أربعة أبواب؛ اثنان من جهة الشرق وواحد من ناحية الغرب وآخر من جهة الشمال ويعدّ الأكبر بينها جميعاً، وقد تمّت زخرفته ليحمل كتابات تاريخية، وتقع فوقه المئذنة ذات الطبقات الأربع المغربية الطراز. وعند الباب الغربي من الخارج برج دفاعي لحمايته وتحت الرواق الغربي غرفة تعرف بـ«غرفة الأثر النبوي الشريف»، حيث توضَع شعرة من لحية الرسول وسلّم... يزوره المؤمنون في شهر رمضان.
* جامع طينال
يقع على بعد ثلاث دقائق سيراً من ساحة النور في طرابلس ويعتبر من أفخم جوامع المدينة وهو يعرف بجامع «الأمير سيف الدين طينال الحاجب»، وقد بناه في عام 1336 وسط بساتين المدينة. يتألّف هذا الجامع من باحة رخامية بجانبها أربع حجرات كانت تشكّل مجالس لقضاة طرابلس في عصر المماليك. وتعتبر مئذنته فريدة من نوعها في العالمين العربي والإسلامي، وفيها سُلَّمَان حجريان فوق بعضهما يفضي أحدهما إلى خارج الجامع والآخر إلى داخله وهي في بنائها تشبه القلعة أو رقعة الشطرنج.
* جامع البرطاسي
هو من أجمل مساجد ومدارس طرابلس المملوكية في الإجمال. يقع في محلّة باب الحديد على الضفة الغربية من النهر يمكن الوصول إليه من قلعة طرابلس خلال 5 دقائق سيراً على الأقدام. بناه الأمير عيسى بن عمر البرطاسي الكردي في عام 1310م، ليكون مدرسة لطلبة العلم والمسجد معاً. ويجمع في عمارته خصائص هندسية تبرز في مئذنته الأندلسية الطراز تقوم فوق قوس مجوّف نصف دائري بحيث يعدّ بناؤه إعجازاً يتحدّى نظرية الأثقال والفراغ. أما محرابه فيتميّز عن الأخرى الموجودة في لبنان بالفسيفساء المذهّبة والمنمنمات التي تشكّل كأساً تخرج منها أغصان نباتات ورقية تذكرنا بالجامع الأموي في دمشق.
* جامع العطار
في الطريق بين خان الخيّاطين وسوق حراج في طرابلس، يقوم جامع بدر الدين العطّار الذي بناه كبير المهندسين في عصره (أبو بكر بن البصيص البعلبكي) في عام 1316م، والذي نقش اسمه فوق بابه الغربي، وتمّ توسيع الجامع في عام 1350 فاستحدث له باباً من الجهة الشرقية. وللجامع باب ثالث من الناحية الشمالية وفوقه ترتفع مئذنة ضخمة. ويعدّ الباب الشرقي أجمل أبواب الجامع وفي أعلاه تربيعة رخامية رائعة رسمت ونقشت بالزخرفات والمنمنمات والأشكال الهندسية والألوان المختلفة.
* جامع التوبة
هو صورة مصغّرة عن الجامع المنصوري الكبير يقع في محلة الدباغة قرب خان العسكر في طرابلس. تقوم مئذنته عند الزاوية الجنوبية الغربية من الرواق، وله بابان شرقي وشمالي، وفيه كتابتان؛ الأولى عند المدخل الجنوبي للرواق من عهد السلطان المملوكي (المؤيد شيخ المحمودي)، والثانية من العصر العثماني أيام والي طرابلس حسين بن يوسف باشا سيف.
* جامع ومقام النبي يوشع
في قرية تحمل اسم النبي يوشع تبعد نحو 10 كلم بعيداً عن طرابلس. ويوجد المقام داخل كهف صخري يزيد عمقه عن 15 متراً بارتفاع متر ونصف المتر يتمدد ضريح بطول 12 قدماً ينسب إلى النبي يوشع ويزوره الناس. وفوق القبر أنبوب من حجر تجري فيه المياه المتساقطة من سقف الصخرة المحيطة به ويقال: «إذا قلت المياه في القرية يجري منه المياه بقدرته تعالى». وعند مدخل القبر مصلّى صغير به محراب وفوقه يقع جامع كبير يتم الصعود إليه بالدرج وهو من العصر العثماني ويعدّ مقصداً للسياح والزائرين.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».