مواجهات عنيفة في ريف حلب الشمالي تمهد لعملية «سيف الفرات»

أنقرة تتولى القصف... و«أهل الديار» تشتبك مع «الوحدات» الكردية

دخان يتصاعد شمال حلب خلال المعارك بين فصائل معارضة وأكراد أمس (أخبار ريف حلب)
دخان يتصاعد شمال حلب خلال المعارك بين فصائل معارضة وأكراد أمس (أخبار ريف حلب)
TT

مواجهات عنيفة في ريف حلب الشمالي تمهد لعملية «سيف الفرات»

دخان يتصاعد شمال حلب خلال المعارك بين فصائل معارضة وأكراد أمس (أخبار ريف حلب)
دخان يتصاعد شمال حلب خلال المعارك بين فصائل معارضة وأكراد أمس (أخبار ريف حلب)

شنت فصائل معارضة مقربة من أنقرة، أمس، هجوما كبيرا على مناطق سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية شمال غربي سوريا، فيما بدا تمهيدا لإطلاق المعركة التي تلوّح بها تركيا وتستعد لها منذ فترة للسيطرة على المنطقة الممتدة من مارع إلى دير جمال في ريف حلب الشمالي، ولـ«إعادة عشرات آلاف النازحين إلى قراهم التي نزحوا عنها»، على حد تعبير فصائل المعارضة التي تتولى المواجهات البرية.
وتركزت الاشتباكات بين «قوات سوريا الديمقراطية» ومقاتلي الفصائل المدعومة من تركيا في الساعات الماضية في بلدة عين دقنة الواقعة جنوب أعزاز وشرق مطار منغ العسكري، وترافقت مع قصف عنيف ومكثف من قبل القوات التركية على محاور القتال، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». إلا أن عبد الغني شوبك، الناطق باسم غرفة عمليات «أهل الديار» التي أعلنت رسميا عن شن الهجوم، نفى تماما مشاركة القوات التركية بالمعركة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العملية التي تمت أمس «هي إحدى العمليات النوعية المستمرة لـ(أهل الديار) لتحرير الأرض المحتلة من (الوحدات) الكردية ولإعادة أكثر من 250 ألف مهجر إليها». وإذ أكّد شوبك أن «الغرفة تشكلت من أبناء المناطق المحتلة من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) ولا تتبع أي جهة أو فصيل»، نفى نفيا قاطعا أنها تضم فصائل غرفة عمليات «درع الفرات».
بالمقابل، جزم بروسك حسكة، القيادي في «وحدات الحماية» الكردية، بأن الفصائل التي تولت الهجوم على عين دقنة أمس، هي نفسها الفصائل المنضوية بإطار «درع الفرات»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن القوات التركية تشارك مباشرة في المعركة ومن خلال أسلحة وتجهيزات متطورة. وقال: «قواتنا تتصدى للهجوم الذي تم شنّه والذي تستخدم خلاله الأسلحة الثقيلة والدبابات والمدرعات، والاشتباكات لا تزال مستمرة وبشكل عنيف».
من جهتها، أكّدت مصادر في «درع الفرات» أن معركة «سيف الفرات» التي تستعد لها أنقرة لم تبدأ بعد، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الهجوم الذي شنته غرفة عمليات (أهل الديار) عمل تمهيدي للمعركة المقبلة التي تؤخرها بعض المعوقات المتعلقة بالصراع الإقليمي والدولي الحاصل».
وردّت «سوريا الديمقراطية» على الهجوم الذي استهدفها في عين دقنة بقذائف «هاون» على مناطق في مدينة أعزاز وقرية جبرين بريف حلب الشمالي، بحسب ما أفاد «المرصد» الذي تحدث أيضا عن قصف عنيف ومكثف من قبل القوات التركية والفصائل المدعومة منها على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف حلب الشمالي وريف عفرين. وأوضح «المرصد» أن «هذه الاشتباكات تأتي بعد تحضيرات من قبل القوات التركية، خلال الأيام الماضية، بمشاركة من الفصائل المقاتلة والإسلامية العاملة في ريف حلب، لبدء عمل عسكري هدفه السيطرة على المنطقة الممتدة من مارع إلى دير جمال، بغية إعادة عشرات آلاف النازحين إلى قراهم التي نزحوا عنها بريف حلب الشمالي».
وقالت وكالة «رويترز» إن «الاشتباكات بين مقاتلي المعارضة و(قوات سوريا الديمقراطية) التي تهيمن عليها (وحدات حماية الشعب) الكردية، وقعت حول قرية عين دقنة وقاعدة منغ الجوية القريبة شمال حلب، فيما كثفت القوات التركية قصفها لمواقع في مناطق أخرى».
وتحدثت روجهات روج، الناطقة باسم «وحدات حماية الشعب» الكردية عن «اشتباكات كبيرة تجري على محور عين دقنة بيننا وبين الأتراك ومرتزقتهم». وقال مصطفى بالي، من المركز الإعلامي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» إن بعض مقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا تعرضوا للقتل أو الأسر. وذكر «المرصد» أن الاشتباكات والقصف محاولة من الجانب التركي للتقدم.
وشددت ورقة أعدها «مركز عمران للدراسات الاستراتيجية» حول آفاق عملية «سيف الفرات»، على عدم إمكانية فصل التصعيد التركي في الشمال السوري عما يجري من تفاهمات دولية وإقليمية حول تجزئة المسار العسكري في سوريا إلى مناطق خفض توتر؛ تفضي إلى مناطق نفوذ معترف بها من الفاعلين الإقليميين والدوليين، لافتة إلى أن «العملية التركية التي تبدو هذه المرة هجومية تعكس تسميتها (سيف الفرات)، ثقة تركية بأنها ستكون أكثر نجاعة من سابقتها، وذلك لتحقيق عدة أهداف؛ على رأسها تنظيف ريفي حلب الشمالي والغربي من قوات حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وإنهاء أي إمكانية لربط شرق الفرات بغربه».
وبحسب الدراسة، فإن «موسكو التي حققت هدفها باستمالة أنقرة إلى جانبها وإنشاء مسار مشترك بينهما في (آستانة)، باتت على استعداد للتخلي جزئياً عن الورقة الكردية لأنقرة في إطار تفاهمات أوسع تصب باتجاه تهيئة الظروف الميدانية لإرساء حل سياسي تلعب فيه الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري دور الضامن على الأرض للفصائل، مقابل اعتراف القوى الدولية (روسيا - أميركا) بحقها في حماية أمنها القومي من أي مهددات ناجمة عن الأزمة السورية». ورسمت الورقة ملامح محتملة لانطلاق عملية «سيف الفرات» وحدودها وفقاً لثلاثة سيناريوهات تتراوح بين: المواجهة، أو العرقلة الأميركية، أو التأجيل مقابل الضمانات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.