مات أزواجهن وأبناؤهن وأشقاؤهن، إلا إن النساء والأطفال من عائلات متشددي تنظيم داعش سيعيشون ليدفعوا ثمن تصرفات ذويهم.
ومع انتهاء أيام سيطرة التنظيم على مساحات كبيرة في العراق، فإن هناك تساؤلات بشأن كيفية التصرف مع عائلات المتشددين. وكثيرون منهم محتجزون فعليا الآن في مخيم تتناثر به القمامة شرق الموصل نُقل آخر النازحين من المدينة إليه. وقالت أم حمودي (62 عاما) التي فرت من حي الميدان الأسبوع الماضي مع 21 من أفراد عائلتها وجميعهم من النساء والأطفال: «قُتل جميع الرجال». وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، أصيب زوجها، المقاتل في «داعش»، في القتال بالمدينة القديمة وحاولوا نقله بعيدا عن ساحة المعركة، لكنه كان ثقيلا للغاية، ولذلك ودعوه وتركوه هناك ليموت.
ويعود المدنيون النازحون إلى ديارهم لمواصلة حياتهم من جديد، لكن من عانوا 3 سنوات من العنف المفرط والحرمان تحت حكم تنظيم داعش يقولون إنه لا مكان لأقارب المتشددين بينهم.
وظهرت في المناطق التي تمت استعادتها من التنظيم منشورات تهدد عائلات المتشددين، وألقى أشخاص يسعون للانتقام قنابل على منازلهم. وقال علي إسكندر، رئيس بلدية برطلة حيث يوجد المخيم، إن الانتقام ليس علاجا، وإن هذه العائلات يجب أن تخضع لبرامج لإعادة التأهيل.
وأصدرت السلطات المحلية في الآونة الأخيرة مرسوما بنفي عائلات متشددي التنظيم إلى مخيمات؛ حيث يمكن إعادة تأهيلهم فكريا. لكن جماعات معنية بالحقوق تقول إن العقاب الجماعي يقوض احتمالات المصالحة بعد القضاء على «داعش» ويخاطر بظهور جيل من المنبوذين لا يبالون بالعراق. وقال مسؤول محلي زار المخيم يوم السبت: «إذا عزلناهم، فكيف يمكن أن نعيدهم إلى نسيج الأمة؟ سيصبحون (داعش)».
وكانت ابنة أم حمودي تبلغ من العمر 14 عاما فقط عندما زوجها والدها لأحد متشددي التنظيم. وقتل المتشدد قبل نحو عام بينما كانت الابنة حبلى في طفلهما الأول الذي رقد نائما على أرضية الخيمة غير عابئ بالوصمة التي قد تلاحقه طوال حياته. وكان آخر ما سمعته الابنة وتدعى أم صهيب عن زوجها، قبل شهرين. وأضافت دون أن يبدو عليها التأثر: «مات بالتأكيد».
وهددت أم صهيب (32 عاما) زوجها بتركه عندما انضم إلى «داعش» بعد نحو عام من سيطرة التنظيم المتشدد، لكنها لم تفعل بسبب أبنائهما الأربعة. وانجذب الزوج المتدين لفكر «داعش» ووضع مهاراته في الهندسة في خدمة مشروع بناء «دولة» التنظيم. وقالت أم صهيب إنه ندم على قراره لكن الأوان كان قد فات. وأضافت: «أهدر حياته وحياتنا معها. نحن تائهون الآن». وكالنساء الأخريات اللاتي انضم أقاربهن إلى «داعش»، قالت أم صهيب إنها لم تكن تقدر على منعه.
بدورها، قالت فاطمة شهاب أحمد (50 عاما): «لم تكن لي سلطة عليهما» في إشارة إلى شقيقيها اللذين انضما للتنظيم المتشدد. وتعتقد أن أحدهما ما زال على قيد الحياة في مدينة تلعفر التي يسيطر عليها المتشددون وتعد الهدف المقبل للقوات العراقية. لكن فاطمة نفسها مشتبه بها؛ إذ يتهمها ابن أحد جيرانها بأنها كانت تعمل لدى شرطة الحسبة التابعة لـ«داعش» وكانت تعاقب النساء اللاتي يخالفن تعاليم التنظيم المتشدد. وتنفي فاطمة الاتهام.
أم يوسف تنفي انضمام أي من أقاربها الذكور إلى «داعش». وافترقت عن زوجها المصاب عند فرارهما من حي الميدان الأسبوع الماضي، وتعتقد أنه نقل إلى مستشفى بعدما بحثت قوات الأمن العراقية ما إذا كانت هناك صلات تربطه بالمتشددين. وقالت: «ربما مات. وربما يكون حيا» وناشدت السماح لها بالخروج من المخيم حتى تبحث عنه. وأضافت: «يقولون: كلكم (داعش)، لكننا لسنا كذلك. وحتى لو كنا؛ فماذا يمكن فعله بالنساء والأطفال؟ كل شخص مسؤول عن نفسه».
بعد هزيمة التنظيم في الموصل... عائلات الدواعش تخشى الانتقام
جماعات حقوقية: العقاب الجماعي يقوض احتمالات المصالحة
بعد هزيمة التنظيم في الموصل... عائلات الدواعش تخشى الانتقام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة