الأردن: المؤبد لجندي قتل 3 من القوات الأميركية

سفارة واشنطن قالت إن العدالة أخذت مجراها

مقر المحاكم العسكرية حيث تم النظر في القضية («الشرق الأوسط»)
مقر المحاكم العسكرية حيث تم النظر في القضية («الشرق الأوسط»)
TT

الأردن: المؤبد لجندي قتل 3 من القوات الأميركية

مقر المحاكم العسكرية حيث تم النظر في القضية («الشرق الأوسط»)
مقر المحاكم العسكرية حيث تم النظر في القضية («الشرق الأوسط»)

قضت المحكمة العسكرية الأردنية أمس (الاثنين)، بالأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة على الجندي معارك التوايهة (39 عاماً) وهو برتبة رقيب وأب لثلاثة أطفال، بحادثة قاعدة الملك فيصل الجوية في الجفر جنوب الأردن التي قتل فيها 3 من القوات الأميركية، إضافة إلى تنزيل رتبته إلى جندي ثانٍ وطرده من الخدمة العسكرية وتغريمه قيمة الطلقات التي أطلقها في العملية البالغ عددها 70 طلقة.
جاء ذلك خلال جلسة علنية عقدت برئاسة القاضي العسكري العقيد محمد العفيف وعضوية القاضيين العسكريين المقدم عبد الله الفواز والرائد صفوان الزعبي، وبحضور ذوي الضحايا ومندوب عن السفارة الأميركية في عمان. وكانت النيابة العسكرية أسندت للمتهم 3 تهم هي قتل القصد الواقع على أكثر من شخص والإساءة لسمعة القوات المسلحة ومخالفة الأوامر العسكرية. وجرمت المحكمة المتهم بجناية القتل القصد الواقع على أكثر من شخص، كما أعلنت عدم مسؤوليته عن تهمة الإساءة لسمعة القوات المسلحة كونها مرتبطة بالتهمة الثالثة، وهي مخالفة الأوامر والتعليمات، التي أدانته بها وقررت حبسه مدة عامين.
والجندي الذي كان يرتدي بزة خلال الجلسة، موقوف على ذمة القضية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكان نفى التهمة المسندة إليه، مؤكداً أنه بريء. واستمع الجندي في الجلسة التي استمرت نحو الساعة إلى الحكم بهدوء دون أن يصدر أي رد فعل.
واستمعت المحكمة في جلسات سابقة إلى شهادات من حراس بوابة القاعدة، ومن أخصائي في الطب الشرعي. وكانت النيابة العامة في محكمة أمن الدولة وجهت في السابع من يونيو (حزيران) الماضي تهمة «القتل القصد» إلى الجندي.
وكانت المحكمة أنهت الاثنين الماضي الاستماع إلى مرافعتي النيابة العسكرية ووكيل الدفاع المعين بالقضية، بالإضافة إلى إنهائها في وقت سابق الاستماع للشهود في القضية. وكان ممثل النيابة قد طالب المحكمة باتخاذ العقوبة الرادعة بحق المتهم وعدم الأخذ بالأسباب المخففة التقديرية، فيما تمسك وكيل الدفاع المحامي صبحي المواس بكل دفوعاته التي ردتها المحكمة العسكرية، مطالباً بالأخذ بالأسباب المخففة التقديرية كون المتهم لديه أطفال دون سن العاشرة، وهو المعيل الوحيد لوالديه. يشار إلى أن الجندي أقدم في نوفمبر الماضي على إطلاق النار على مركبات كانت تقل جنوداً أميركيين، مما أدى إلى مقتل 3 منهم وإصابة آخر، وكان الجندي يقوم بوظيفته الرسمية بحراسة بوابة القاعدة.
وحسب قرار الحكم القابل للنظر أمام محكمة الاستئناف العسكرية، فإن مجموعة من المدربين الأميركيين الموجودين في قاعدة الجفر، توجهوا صباح ذلك اليوم إلى تمرين عسكري مشترك، ولدى عودتهم لدخول القاعدة، سمع المتهم إطلاق عيار ناري، حيث باشر بإطلاق النار تجاه المركبات التي كانت تقل الجنود الأميركيين، مما أدى إلى مقتل 3 منهم وإصابة رابع، بالإضافة إلى إصابة المتهم ذاته.
وكان الجندي فتح النار في الرابع من نوفمبر من العام الماضي، بينما كان العسكريون الأميركيون يستعدون للدخول بسيارات إلى قاعدة الملك فيصل الجوية في الجفر (جنوب عمان) في مهمة تدريبية. ولم تشر لائحة الاتهام التي اطلعت عليها مراسلة الوكالة إلى وجود أي علاقة للمتهم بأي تنظيم إرهابي. وتستخدم قاعدة الملك فيصل الجوية في الجفر لمختلف التدريبات العسكرية بما فيها الطيران وتضم متدربين ومدربين من جنسيات مختلفة بينهم أميركيون، بحسب مصدر حكومي أردني.
وجاء الحادث بعد نحو عام من إطلاق ضابط أردني النار في 9 نوفمبر 2015 في مركز لتدريب الشرطة شرق عمان، مما أدى إلى مقتل 5 أشخاص بينهم أميركيان وجنوب أفريقي، قبل أن تقتله الشرطة. وتلقى عشرات الآلاف من أفراد الشرطة العراقية والليبية واليمنية وعسكريين من جنسيات أخرى تدريبات في الأردن. ويرتبط الأردن بعلاقات وثيقة جداً مع الولايات المتحدة، خصوصاً في المجال العسكري. وينتشر نحو 2200 عسكري أميركي في الأردن، وتسهم طائراته في تنفيذ ضربات ضد تنظيم داعش.
على صعيد متصل، قال الناطق الرسمي باسم السفارة الأميركية إريك باربي في بيان، أمس، إن ممثلي السفارة راقبوا سير المحاكمة، وإصدار المحكمة العسكرية حكماً بالإدانة ضد الجندي الأردني الذي قتل 3 من أعضاء الجيش الأميركي. وأضاف أن القتلى من الجيش الأميركي قد اتبعوا جميع الإجراءات المتبعة عند الوصول إلى القاعدة يوم الحادث. وأكد أننا نشعر بالاطمئنان بأن العدالة أخذت مجراها بحق مرتكب الجرم ونقدر السماح لنا ولأهالي الضحايا بحضور سير إجراءات المحاكمة، وبالإضافة إلى ذلك السرعة والجدية في إجراءات المحكمة، بما يتماشى مع القانون الأردني، وعلى الرغم من هذه المأساة، يبقى الأردن شريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة الأميركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.