حكام ولايات أميركية يلتفون على سياسات البيت الأبيض

شاركوا في جولات دبلوماسية بدول صديقة لتطمينها حيال التجارة والمناخ

TT

حكام ولايات أميركية يلتفون على سياسات البيت الأبيض

اجتمع عضو الحزب الديمقراطي جاي إنسلي، حاكم واشنطن، مع عدد من قيادات المكسيك وكندا في غضون 48 ساعة هذا الربيع، وسافر إلى مكسيكو سيتي قادماً من سياتل لإجراء مناقشات حول التغييرات المناخية وقضايا تجارية.
كما أجرى حاكم أركنساس، الجمهوري إيسا هتشنسون، جولة في أوروبا الشهر الماضي لطرح ما وصفه برسالة «طمأنة» لقيادات عالم الأعمال، معلناً أن الأميركيين لن «ينسحبوا» من التجارة الدولية.
كما أعلن حاكم نبراسكا، الجمهوري بيت ريكيتس، منذ وقت قريب عزمه على زيارة كندا هذا الصيف، حاملاً رسالة شكر بخصوص اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، المعروفة اختصارا باسم «نافتا»، التي انتقدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشدة، وقال إنه ينوي إعادة التفاوض بشأنها.
وفي الظروف العادية، يميل غالبية حكام الولايات الأميركية إلى تجنب التفاعل مع الخارج، ويركزون أنظارهم على تحقيق توازن في موازنات ولاياتهم، وتشغيل آلة الحكومة المحلية بكفاءة. وعندما تتجه أنظارهم نحو الخارج، فإن هذا غالباً ما يدور بصورة أساسية حول الترويج لمنتجات ولاياتهم.
إلا أنه في ظل إدارة ترمب، بدأ هذا الوضع يتغير، ذلك أن القيادة على مستوى الولايات اكتسبت بُعداً عالمياً متزايداً، مع حرص حكام الولايات على التأكيد على وجودهم في مجالات يرون أن ترمب تجاهل في إطارها الأولويات التقليدية للحكومة الفيدرالية. وقد شكّلوا شراكات عبر الولايات والأحزاب، في محاولة للتغلب على تأثيرات سياسات إدارة ترمب التي يرون أنها تضر بناخبيهم.
والواضح أن حكام الولايات ساورهم القلق إزاء الشكوك التي أبداها الرئيس تجاه التجارة العالمية، ما دفعهم لإصدار دعوات ومناشدات جديدة للشركات الدولية، بل وعمدوا أحياناً لتوجيه توبيخ ضمني إلى البيت الأبيض لتصديره وجهاً غير ودود للعالم.
يذكر أنه في أعقاب رفض ترمب اتفاقية باريس للمناخ، أعلن العشرات من حكام الولايات بناء تحالف لتنفيذ الاتفاقية على نحو جزئي، مع اضطلاع الحاكم الديمقراطي جيري براون، من كاليفورنيا، بدور قيادي على هذا الصعيد؛ وقد سافر إلى الصين لحضور اجتماع بخصوص التغييرات المناخية مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.
من ناحيته، قال هتشنسون، الذي لم ينضم إلى تحالف المناخ، إن التوجه الذي أبداه ترمب إزاء التجارة أثار قلق شركاء تقليديين للولايات المتحدة. ورغم إشادته بالرئيس لـ«تعزيزه موقفنا التفاوضي»، فإنه أكد أنه من المهم كذلك إبداء بعض المجاملة، وأضاف: «أود انتهاز هذه الفرصة لطمأنة الجماهير الأوروبية، وكذلك الآسيوية، بأنه لا يمكن خفض التجارة العالمية».
وقد تجلّى هذا التحول باتجاه الخارج من جانب حكام الولايات المتحدة في اجتماع للاتحاد الوطني لحكام الولايات الأميركية في بروفيدنس (برود آيلاند)، الأسبوع الماضي. فخلال الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو كلمة إلى الحضور، ليصبح بذلك أول قائد أجنبي يلقي كلمة أمام اتحاد الحكام الأميركيين. ومن ناحيته، قال الحاكم الديمقراطي تيري مكوليف، من فيرجينيا، الذي يترأس الاتحاد، إن ممثلين عن عدد من دول أخرى حضروا الاجتماع، منها الصين واليابان وفيتنام والمكسيك.
علاوة على ذلك، تباحث عدد من معاوني الحكام، بينهم مساعدي براون وإنسلي، بعيداً عن الصعيد المعلن لوضع خطة للمشاركة في مؤتمر عن المناخ في بون بألمانيا. وأوضح ترودو أن كلمته أمام الاتحاد تأتي تأكيداً على العلاقات المتينة بين كندا والولايات المتحدة، مسلطاً الضوء على الأهداف المشتركة بين الجانبين بخصوص قضايا المناخ والأمن الوطني. وحث ترودو حكام الولايات الأميركية على عدم الانزلاق نحو مناصرة «سباق نحو الهاوية»، في صورة إجراءات تجارية حمائية. وكذلك أشاد رئيس الوزراء الكندي بالحكام لسعيهم نحو تحقيق الرخاء الاقتصادي، عبر «توجه برغماتي يتجاوز الحدود الحزبية الفاصلة»، وأضاف: «سواء كنت من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، من المحتمل أن تكون أولويتك الأولى في إطار الاقتصاد هي ذاتها أولويتي الأولى».
وجاءت هذه الكلمة من جانب رئيس الوزراء الكندي في أعقاب شهور من الاتصالات المتنامية بين حكام الولايات الأميركية وعدد من القيادات السياسية والتجارية الكندية، بعد انتخاب ترمب.
من ناحيته، قال حاكم فيرمونت فيل سكوت، الذي أجرى عدة رحلات عبر الحدود الكندية منذ انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني)، إنه وضع نصب عينيه أولوية بث الطمأنينة في نفس الشريك التجاري الأول للولاية.
وأضاف سكوت، وهو حاكم جمهوري من الذين انضموا إلى مبادرة المناخ، إلى جانب تشارلي بيكر حاكم ماساتشوستس، إن ثمة مناخاً عاماً داخل كندا يغلب عليه «القلق، خصوصاً في البداية، إزاء هذه الإدارة الجديدة»، وتابع: «لقد كانوا بحاجة إلى بعض الطمأنة، ما دفعنا للوجود هناك للدفاع عنهم، وعنا أيضاً. لقد رغبنا في التأكيد على ذلك، ومنحنا الكنديين تأكيدات بأننا نقف إلى صفهم».
وفي سياق متصل، قال مكوليف إنه عاد منذ فترة قريبة من جولة عبر 7 دول أوروبية، إذ انهالت عليه التساؤلات من قبل جميع القيادات الأوروبية التي التقاها حول سياسات ترمب إزاء التجارة والهجرة. وقال مكوليف: «ما حاولت قوله للجميع: انسوا الحكومة الفيدرالية، عليكم القدوم مباشرة إلى الولايات»، مضيفاً أنه خلال الاجتماعات التي قضاها بالخارج «اضطر لقضاء أول 30 دقيقة في الدفاع عن أميركا»، مشدداً على «أننا جميعاً نسعى وراء الفرص التجارية. ونحن نرغب في التجارة معكم».
من الجانب الآخر، ومع تركز أنظارهما على محادثات «نافتا»، حرص ترودو وعمدة مكسيكو سيتي، ميغيل أنغيل مانسيرا، على تقديم بيانات ومعلومات حول قيمة التجارة في بلدانهم أمام قيادات الولايات الأميركية في بروفيدنس.
وخلال مقابلات أجريت معهم، أكد ديمقراطيون وجمهوريون أنهم عمدوا إلى تكثيف نفوذهم الدولي بهدف التخفيف من وطأة ما اعتبروه «انسحاباً» من قبل واشنطن.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».